رغم المعارضة الداخلية... تونس ستقترض من صندوق النقد الدوليّ
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
اقتربت تونس من الحصول على قرض وقائي من صندوق النقد، تبدو في حاجة اليه لتخفيف ما تعانيه من مشاكل مالية منذ الثورة التي أطاحت بالنظام السابق، لكن المعارضة في الداخل تبدو شديدة.
زمرّدة دلهومي من تونس: قال مسؤول كبير بصندوق النقد الدولي للصحافيين يوم الثلاثاء إن الصندوق يقترب من التوصل إلى اتفاق مع تونس لتقديم خط ائتمان احترازي قيمته 1.75 مليار دولار.
وطلبت تونس دعما من الصندوق ليخفف مما تعانيه من مشاكل مالية منذ الثورة التي أطاحت بالنظام السابق قبل عامين وتأجل الاتفاق بسبب حالة عدم اليقين عقب اغتيال المعارض السياسي شكري بلعيد.
وقال أمين ماطي مدير بعثة الصندوق إلى تونس إن المحادثات بلغت مرحلة متقدمة وإنها ستتواصل في الأيام القادمة.
وأضاف "ربما نوقع اتفاق القرض في مايو" أيار مضيفا أن الصندوق راض عن الاصلاحات الاقتصادية في تونس ولا يفرض سياسات على الحكومة.
وكان مسؤول تونسي كبير طلب عدم نشر اسمه قال يوم الاثنين إن الطرفين توصلا بالفعل إلى اتفاق وإنه سيجري توقيعه الشهر القادم.
ولم يذكر الصندوق علنا تفاصيل السياسات التي يسعى لان تتبناها تونس ولكن محللين يعتقدون ان الصندوق يريد خفضا للدعم على الوقود والمواد الغذائية ودعم المالية العامة وهي سياسات تتسم بحساسية سياسية.
وقال ماطي يوم الثلاثاء انه يتوقع ان ينمو اقتصاد تونس بنحو أربعة بالمئة هذا العام وان تبلغ نسبة التضخم ستة
ومازالت المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي بهدف الحصول على هذا القرض تثير جدلا واسعا بين مؤكد لشروط مجحفة فرضها الصندوق وتدخله في سيادة الدولة عبرالإصلاحات الهيكلية بشان مستقبل البلاد وبين ناف لذلك.
وضع اقتصادي صعب
يتحدث المنجي الرحوي عضو المجلس الوطني التأسيسي عن حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد والقيادي في الجبهة الشعبية، عن العديد من النقاط التي تتعلق بالسياسة المالية والشأن الاقتصادي في البلاد الذي يتطلب حسب رأيه إصلاحات هيكلية وعميقة للخروج به من النفق المظلم والذي يبدو انه سيستمر مع استمرار التجاذبات السياسية والاضطرابات الاجتماعية في مختلف جهات البلاد.
وأكد الرحوي في تصريح لـ"إيلاف" ان الحكومة الحالية والتي اعتبر انها تنقصها بعض الكفاءات القادرة على فهم ما يتطلبه الوضع الاقتصادي الصعب، انطلقت في مفاوضات للحصول على قرض ائتماني بقيمة 1.68 مليار دولار، لتمويل برنامج يمتد إلى سنة 2015. وهي فعلا المرة الأولى التي تتوجه فيها الدولة التونسية الى صندوق النقد الدولي منذ سنة 1986، وفي هذا دلالة هامة عند مدى الفشل لحكومتي الترويكا الأولى والثانية في حسن إدارة الشأن الاقتصادي والمالي الوطني.
أشار الرحوي إلى حزمة الشروط والإجراءات التي خضعت لها تونس سابقا، خلال تنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي، وقال انه وعندما نتأمل في الخطوط العامة للمذكرة الموجهة لصندوق النقد الدولي، نجدها تندرج، قبل الدخول في التفاوض أصلا، ضمن سلة الإملاءات التقليدية للصندوق.
وقال القيادي في الجبهة الشعبية في تحليله للوضع الاقتصادي الراهن وما تتطلبه المرحلة، انه وعلى على مر عقود الاستبداد والفساد ثبت أن أهم مكونات الوصفة التي يفرضها صندوق النقد الدولي من الدول المقترضة منه تشمل التخفيض في الدعم، والترفيع في الأداءات غير المباشرة، والتفويت في المؤسسات العمومية تحت غطاء تحرير القطاعات الاقتصادية وتدعيم موارد ميزانية الدولة، والتخفيض في سعر العملة المحلية، ومراجعة نظم التقاعد والتغطية الاجتماعية، والترفيع في نسب الفائدة بالسوق النقدية ووالتشريع للحد من القدرة الشرائية للمواطنين بتعلة التحكم في التضخم.
كل ذلك حسب الرحوي، ليس غريبا باعتبار أن صندوق النقد الدولي يحتكم لدوائر التحكم المالي الدولي ولذلك لا تهمه مصلحة الدول المقترضة بقدر ما ينحصر انشغاله في خلاص القروض التي يمنحها.
عتبة الإفلاس
الغريب في الأمر حسب ما يراه منجي الرحوي القيادي في الجبهة الشعبية المعارضة أن مكونات برنامج الإصلاح الذي قدمته الحكومة يستجيب مسبقا، لكل ما يمكن أن يطلبه صندوق النقد الدولي.
ومن جهته، أفاد الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي خلال لقاء صحافي جمعه بأمين ماتي رئيس بعثة الصندوق إلى تونس أن هذه ثاني مرة تلجأ فيها تونس الى الاقتراض من صندوق النقد الدولي بعد سنة 1986 لكن الظروف ليست متشابهة لان تونس لجأت سنة 1986 الى الصندوق وكانت على عتبة الافلاس واقتصادها يمر بصعوبات كبيرة ومعقدة اتسمت بانخفاض حاد في الموارد المالية واحتياطي النقد الاجنبي، اما اليوم فتونس تمر بصعوبات افرزتها الثورة ولكنها ظرفية وعابرة، وانه لا يمكن باي حال من الاحوال ان تتلقى أي توصيات او املاءات من أي طرف اجنبي، فتونس حسب ما قاله محافظ البنك المركزي: "بلد الثورة لا تقبل أي تدخل في سيادتها وان أي مقارنة بين سنة 2013 وسنة 1986 غير مقبولة لان تونس اليوم لديها ما يعادل 6،8 مليار دولار من المدخرات، وحققت معدل نمو ب 6،3% سنة 2012" وان هذا القرض الذي لجأت إليه من صندوق النقد الدولي من شانه ان يساعد البلاد على تحسين وضعها لا غير".
يشار إلى أنّ تونس خصصت في ميزانية الدولة لسنة 2013، قرابة 2،4 مليار دينار (1،2 مليار يورو) لدعم المحروقات والمواد الغذائية الاساسية اي ما يعادل نسبة 4،5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للبلاد.