اقتصاد

إرتفعت مديونية الاقتصاد الأردني... فتدنت إنتاجيته وتنافسيته

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

حذر خبراء اقتصاديون اردنيون من تدني انتاجية وتنافسية الاقتصاد الوطني الأردني، وطالبوا بتطوير التشريعات الاقتصادية والتوفيق بين مخرجات التعليم العالي ومدخلات سوق العمل، والاعتماد على الذات لخفض المديونية العالية.

عمّان: منذ العام 2009، يشهد الاقتصاد العالمي تداعيات واثار الأزمة المالية العالمية، التي ألقت بظلالها على كافة الاقتصاديات العالمية ومن ضمنها الاقتصاد الأردني، نتيجة لانفتاحه وتنوع علاقاته الاقتصادية مع مختلف دول العالم، بالإضافة إلى ما شهدته المنطقة من أحداث سريعة متوالية وعدم استقرار، وما رافق ذلك من ارتفاع حاد بأسعار النفط والمواد الغذائية عالميًا.

ساهم هذا الأمر في مضاعفة الضغوط على الجهود الحكومية الاردنية الساعية إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي، حيث تراجعت معدلات النمو إلى ما دون ثلاثة بالمئة خلال العام الماضي.

الاعتماد على الذات

تسعى الحكومة الاردنية، برئاسة الدكتور عبدالله النسور، وخلال خطة عملها للاعوام 2013-2016، إلى تحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة، من خلال خطة إصلاح لكافة الجوانب المالية التنموية لتحقيق استدامة النمو الاقتصادي الحقيقي بمعدلات تفوق معدل النمو السكاني، ليصل إلى 4.5 بالمئة في العام 2016.

ووفق الخطة الحكومية، ضبط الدين العام الداخلي والخارجي يضمن سلامة الموازنة بين الاقتراض الداخلي والخارجي لتحقيق الاهداف الاقتصادية، القاضية بضرورة عدم اللجوء إلى الاقتراض إلا في الحالات القصوى، وإلى تخفيض معدلات البطالة لتصل إلى 11 بالمئة، بالاضافة إلى رفع حجم إيرادات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى ملياري دينار، بحلول العام 2016.

تعديل القوانين

قال د.جواد العناني، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، لـ"إيلاف": "إن الإصلاح الاقتصادي الشامل في الأردن يتطلب استراتيجية تستند إلى دراسة معمقة لإنتاجية المجتمع".

وأضاف أن المجلس اصدر تقريره الاول أخيرًا حول انتاجية الاقتصاد الاردني، أُنجزَ بالتعاون مع عدد من خبراء الاقتصاد في الأردن، وأوصى بإعادة النظر في قانون تشجيع الاستثمار بحيث يسمح للصناعات أن تطور إنتاجية معداتها، وإعداد القوى البشرية القادرة على أداء مهام التشغيل والصيانة والتطوير بكفاءة.

وأوصى ايضًا بان يسمح القانون لبعض المشروعات بالتوسعة أو بالتجزئة، وبمرونة الدخول في شراكات جديدة، أو الاندماج أو إعادة هيكلة رأس المال وفق شروط ومعايير محددة، ما يساعد على تقييم أدائها وزيادة إنتاجيتها وتحسين ربحيتها، وحل المشكلات والعقبات الفنية التي تعيق أداءها.

مصادر تمويلية للتنمية

وأكد العناني على أهمية إنشاء بنك للتنمية في الأردن، لحل مشكلة نقص التمويل طويل الأجل والذي يعرض المؤسسات الصناعية والإنتاجية للسلع والخدمات لقصور رأس المال، وليكون هذا البنك مقرضًا لمؤسسات التطوير والتنمية والتشغيل لتوفير التمويل طويل الأجل للمشروعات الإنتاجية، وإصدار السندات والصكوك بهدف توفير التمويل والعمل كبنك مقرض يمثل الملجأ الأخير لها، مشيرا إلى أهمية إجراء دراسة مسحية شاملة للإنتاجية في مؤسسات القطاع العام والدوائر والوزارات الحكومية، لتحسين سير العمل فيها.

ربط التعليم بالإنتاجية

نوه العناني بضرورة إعادة النظر في التعليم الجامعي ومناهجه، لربط مخرجات الجامعات بحاجات المجتمع الإنتاجية، وتقصير المدة بين التخرج وإتقان العمل، مؤكدًا ضرورة إجراء مسح للأردنيين العاملين في الخارج، وفهم أسباب مغادرتهم البلاد، خصوصًا أؤلئك الذين يتمتعون بالكفاءات المطلوبة في الأردن، ومحاولة معرفة الظروف والشروط التي قد تشجعهم على العودة، لتستثمر مهاراتهم في مشروعات تعزز تنافسية الأردن.

قال الخبير القانوني والاقتصادي الدكتور محمد ابو هزيم لـ" إيلاف": "إن السؤال الذي يبحث عن جواب هو كيف يمكن لكل دولة أن تطور وتزيد انتاجية اليد العاملة المستخدمة في الاقتصاد الوطني، ففي دولة مثل الاردن تشكل نسبة المتعلمين اكثر من 90 بالمئة من الشعب، وهي نسبة عالية جدًا اذا ما قورنت مع مجموعة دول العالم الثالث الذي تنتمي اليه هذه الدولة. ومع ذلك فإن التعليم الاكاديمي لا يكفي لتعزيز وزيادة الانتاجية، بل لا بد من تطوير المهارات وزيادتها للعاملين من الذكور والاناث".

أضاف:" أن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن الإقتصاد الأردني يعاني من تدني الإنتاجية وتراجع التنافسية في مختلف القطاعات الإقتصادية، علما أن قياس الإنتاجية يتم على أساس كل عوامل الإنتاج مجتمعة أو على أساس إنتاجية العمال".

البطالة والفقر

ورأى أبو هزيم أن أي فريق إقتصادي في أي منظومة من دول العالم أصبح هاجسه اليوم هو البحث عن السبل الكفيلة للتخفيف من هول البطالة و الفقر, "وهو الخلل البنيوي الذي ينخر المجتمعات في العالم أجمع وخصوصًا في دول العالم الثالث بسبب الأزمات الإقتصادية العالمية وإرتفاع الأسعار"، مشيرًا إلى أن زيادة الإنتاجية وتعظيمها أصبح هو الهدف الرئيسي الذي تسعى إليه الدول قليلة الموارد، والتي لا يوجد لديها اقتصاد هيكلي مثل الدول النفطية.

كما لفت إلى أن أهم أسس رفع الإنتاجية وزيادة النمو الإقتصادي تكمن في البحث عن الوسائل التي توائم بين احتياجات سوق العمل ومخرجات التعليم، والتركيز على فكرة ربط التعليم بالتدريب التقني لدخول سوق العمل.

مديونية عالية

وحذر الخبير القانوني والاقتصادي من استمرار استجداء الدول للمعونات، "لأن ذلك سيترك أثرًا سلبيًا على خياراتها السياسية، وهو أحد التحديات الكبيرة التي تواجهها المملكة الأردنية، ولم يعد خافيًا على أحد إلا من أراد التقصد بجهل واقع الحال، وبلوغ المديونية نحو عشرين مليار دولار ليس إلا شاهدًا على ذلك".

وأعاد تدني تنافسية الإقتصاد الأردني إلى ثقافة العيب المغروسة في المجتمع الأردني، ما يستوجب تعريف وإعادة بناء جديدة لمفهوم العمل، وهذا ما يتطلب منظومة متطورة من التشريعات الإقتصادية لتصبح مسايرة لواقع المجتمع والتطورات والتسارع التكنولوجي، وبناء إعلامي حقيقي يصاحب هذه المرحلة من التحديات الكبيرة التي تتطلب تعاون كل وصفهم بالشرفاء من أجل بناء الاقتصاد الوطني.

ضعف السوق

اما المحلل الاقتصادي عماد الحمود فقال لـ"إيلاف" أن تدني الانتاجية الاقتصادية في الأردن ناتجة من ضعف السوق المحلي، بما فيها القوة الشرائية، والعائد إلى حجم السكان القليل نسبيًا، ومن ضعف رؤوس أموال الاستثمارات القائمة ومحدودية دخول استثمارات جديدة محلية وخارجية، بالاضافة إلى ضعف شديد ونقص واضح في أدوات تمويل المؤسسات الاستثمارية، الناتج عن محدودية المنتجات التمويلية التي تعرضها البنوك التجارية والمصارف الاسلامية بسبب النقص والضعف في رؤوس أموالها.

أضاف: "ناهيك عن النقص الكبير في برامج التأهيل والتدريب اللازمة لتطوير الاعمال، والجمود العميق في التشريعات المتعلقة بالنشاط الاقتصادي وبطء انجاز المعاملات والبيروقراطية، في حين تسرع الدول المنافسة الاجراءات الاستثمارية وتسهلها".

وتابع قائلًا: "زيادة الاستثمارات تساهم في رفع التنافسية، فمثلًا 75 بالمئة من المحتوى العربي يعد في الاردن ويحتاج إلى استثمارات جديدة للمحافظة عليه، وزيادة مساهمة الاردن عربيًا فيه".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف