توجّه مغربي إلى نظام ضريبي جديد يحدّ من عجز الدولة المالي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تعمل الحكومة المغربية على الإعداد لمشروع جديد للنظام الجبائي (الضريبي) في خطوة بحث عن حلول ناجعة من أجل التغلب على حالة العجز، التي بات يعانيها الاقتصاد المغربي، وفي ظل التراجع الخطير على مستوى المداخيل الضريبية بسبب تعدد الإعفاءات الضريبية والانعكاسات السلبية المتزايدة للتهرب الضريبي والاقتصاد غير المنظم.
يحيى بن الطاهر من الرباط: يجمع مسؤولون حكوميون ومتخصصون في الاقتصاد والمالية العامة على أنه آن الأوان لإعداد نظام ضريبي جديد ناجع وعادل ومدرّ للمداخيل.
المناظرة
يرى أستاذ الاقتصاد والتدبير في المعهد الوطني للبريد والمواصلات في الرباط حفيظ بركة أن النظام الجبائي يوجد في قلب معادلة التوازنات الاقتصادية الكبرى، لكون العجز الكبير الذي تعانيه الميزانية العامة للدولة ليس في منأى عن النظام الجبائي.
وتمثل الموارد الجبائية أكثر من 85 % من الموارد العادية للميزانية العامة للدولة، مع تفاوت بسيط بين السنوات (حوالي 89% برسم قانون المالية لسنة 2013، و87% برسم السنة المالية 2012، و85% برسم السنة المالية 2011).
أضاف الباحث لـ"إيلاف": "في الحقيقة، دائمًا ما يكون النظام الجبائي، سواء في المغرب أو عبر دول العالم، في صلب البرامج الحكومية". ففي نهاية أبريل/نيسان الماضي، انعقدت مناظرة حول إصلاح النظام الجبائي المغربي، دعت إليها الحكومة المغربية، فاعلين وخبراء متخصصين، من أجل البحث عن صيغ إجماع حول نظام ضريبي جديد، يكون خارطة عمل للمرحلة المقبلة.
وقال بركة إن: "هذه المناظرة حول إصلاح القانون الجبائي تعتبر الثانية من نوعها، ففي العام 1999 انعقدت مناظرة خلصت إلى توصيات شكلت أرضية للإصلاحات التي تمت خلال العشرية الأولى من القرن الحالي، إلا أنه اتضح، في ما بعد، أنه تم استنفاد تلك التوصيات، وجاءت حكومة جديدة، وجب عليها أن تفتح ورشات، من بينها ورش الإصلاح الجبائي من أجل بلورة سياسة ضريبية واضحة".
اتجاه الإصلاح الجبائي
من جانب آخر، شبّه بركة المرحلة الاقتصادية الراهنة للاقتصاد المغربي بما عاشه في بداية ثمانينيات القرن الماضي، التي تميزت ببداية فرض توصيات النقد الدولي وسنّ سياسة التقويم الهيكلي، التي كانت لها انعكاسات اجتماعية سلبية، من خلال مسّها بالقدرة الشرائية للمواطنين.
وعن أولويات الإصلاح، تساءل بركة: "هل الأولوية ستكون لمعالجة اختلالات الميزانية العامة للدولة، التي وصلت إلى مستويات خطيرة؟، أو أننا سنستجيب لطلبات معقولة للعدالة الجبائية؟". إذ تطرح العدالة الضريبية في المغرب مشكلة حقيقية في وجود قطاعات تدفع الضرائب، وأخرى معفاة منها، في حين يتحمّل المأجورون الجزء الكبير من العبء الضريبي المغربي.
وأشار بركة إلى أن "هناك اختلالات كبيرة في النظام الجبائي بوجود 2% فقط من الشركات، التي تؤدي 80 في المئة من الضريبة المفروضة عليها، ثم الخلل الحاصل بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة، وأيضًا وجود قطاعات غير خاضعة للضريبة وقطاعات أخرى تستفيد منها".
وأكد: "إذا كنا نريد اليوم تقليص عجز الميزانية العامة للدولة، فعلينا الرفع من الموارد الجبائية، ولكن في الوقت نفسه، إن بدأنا نستجيب لطلبات المقاولات الصغرى والمتوسطة، وكذا طلبات المأجورين المتعلقة بالتخفيض في الضريبة وبعدالة جبائية، فإننا سنقلص من هذه الموارد".
واعتبر أن الدولة حينما تمنح إعفاءات لقطاع العقار مثلًا، فإن الهدف المعلن من طرف الحكومة يقضي بأن هناك جنيًا من خلال توفير السكن الاجتماعي، إذ لولا الإعفاءات الممنوحة لهذا القطاع لما تم إنجاز برامج السكن الاجتماعي المخصص للطبقات الفقيرة والمتوسطة، إلا أن مساهمته في الميزانية العامة للدولة ضعيفة، على اعتباره قطاعًا يوجد فيه غشّ ضريبي كبير، ورغم أنه يدرّ أرباحًا كبيرة لأصحابه، إلا أن مساهمته الجبائية ضعيفة، كما يؤكد الباحث، واصفًا الغشّ الضريبي بالظاهرة البنيوية، التي تنخر الاقتصاد المغربي.
لأجل قانون ضريبي عادل
من أجل تحقيق نظام جبائي ناجع وعادل، يرى بركة أن عليه التمكن من تغطية نفقات الدولة، و"أن يكون الاقتصاد المغربي تنافسيًا أمام الاقتصاديات الأخرى". ومن أجل تحقيق هذه الأهداف مجتمعة، الأمور ليست بالسهلة، مع ذلك هناك إجراءات انطلاقاً من التشخيص الذي أجمع عليه في المغرب.
وأكد على ضرورة الحدّ من النفقات الجبائية وتحديدها في مدة زمنية "كأن يكون عقد برنامج، أو عندما يمنح الإعفاء الجبائي يجب أن تكون هناك متابعة له من قبل الحكومة".
واعتبر أن تحقيق العدالة الضريبية يجب أن يمر كذلك عبر فرض الضريبة على القطاع الزراعي، الذي يخلق ثروات كبيرة، "إذ إن بعض المؤسسات الزراعية تستفيد، من دون حق من الإعفاء الضريبي، وكل المؤسسات الربحية يجب أن تؤدي الضريبة".
وأوضح أن القطاع الزراعي يمثل 18 في المئة من الناتج الداخلي الخام، إلا أن النظام الجبائي المغربي الحالي يضمن له إعفاءات ضريبية.
يبرز التقرير السنوي للعام 2012 المتعلق بالنفقات الجبائية (تقرير 2012) تزايدًا لعدد الإعفاءات والتخفيضات، بوجود 402 إجراء في العام 2012 مقابل 399 عام 2011، و384 سنة 2010، و393 سنة 2009. وهو تزايد أدى إلى ارتفاع تكلفة النفقات الجبائية التي انتقلت من 29.734 مليون درهم عام 2009 إلى 29.801 مليون درهم عام 2010، ثم إلى 32.075 مليون درهم سنة 2011، وأخيرًا إلى 36.310 مليون درهم سنة 2012.