اقتصاد

أزمة سوريا واللاجئون والمواجهات الطائفية وإرجاء الانتخابات النيابية أهم الأسباب

صيف لبنان بلا سيّاح: تعددت الأسباب والخسارة واحدة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يشكو التجار في معظم مناطق لبنان السياحية من شبه انعدام السيّاح هذا الصيف نسبة إلى السنوات السابقة، إذ أثر أكثر من عامل سلبًا على الحركة السياحية وخصوصًا الخليجية، ومنها تداعيات أزمة سوريا واللاجئون والصواريخ التي تستهدف لبنان، ومواجهات طائفية داخلية إضافة إلى إرجاء الانتخابات النيابية ووقوع لبنان في فراغ حكومي.

بيروت: كل شيء يؤثر سلبًا على الحركة السياحية التي تشكل موردًا بارزًا للبلد الصغير ذي الموارد المحدودة: الحرب في سوريا والمواجهات الطائفية والسياسية المتنقلة، وإرجاء الانتخابات النيابية، وعدم وجود حكومة منذ ثلاثة أشهر، ووجود أكثر من نصف مليون لاجئ سوري يشكلون عبئًا كبيرًا على الحكومة والبلد وسكانه".

وأخلّ سيّاح دول الخليج والمغتربون اللبنانيون هذه السنة بالموعد مع عاليه، إحدى مدن الاصطياف في جبل لبنان، التي تبدو مقفرة في الأمسيات على عكس أعوام مضت كانت تضجّ خلالها بآلاف السيّاح من أثرياء الخليج واللبنانيين المقيمين في الخارج والقادمين للعطلة وزيارة الأهل.

كما معظم المناطق اللبنانية، تدفع عاليه ثمن التوترات الأمنية المتنقلة المتصاعدة على خلفية النزاع في سوريا المجاورة. ويقول ضيا الجالس في مطعمه في المدينة الواقعة على بعد حوالى 15 كيلومترًا شرق بيروت في السنين الماضية، كان إيجاد موقف لسيارة في عاليه تحديًا حقيقيًا. اليوم، يمكن للزوار القلائل أن يوقفوا سيارتهم في أي مكان من الشارع.

المطعم الواسع الذي تحدّه القناطر وتزّينه الزهور شبه خال. والشارع الذي كان يستحيل سلوكه في مواسم الاصطياف الماضية بسبب الزحمة، يشهد حركة خفيفة.

عاليه الصاخبةفارغة
يقول ضيا لا توجد حجوزات لليلة. بينما يقول بائع في محل حلوى في أول الشارع التجاري في المدينة "تراجع حجم الأعمال بنسبة خمسين في المئة بالمقارنة مع السنة الماضية"، مضيفًا "قبل سنتين كان الزبائن يدخلون الواحد تلو الآخر. اليوم بالكاد نرى زبونًا كل ساعتين أو أكثر. كل شيء يؤثر سلبًا على الحركة السياحية التي تشكل موردًا بارزًا للبلد الصغير ذي الموارد المحدودة: الحرب في سوريا والمواجهات الطائفية والسياسية المتنقلة، وإرجاء الانتخابات النيابية، وعدم وجود حكومة منذ ثلاثة أشهر، ووجود أكثر من نصف مليون لاجئ سوري يشكلون عبئًا كبيرًا على الحكومة والبلد وسكانه".

الضربة القاضية جاءت من دول الخليج الست، التي أجمعت للمرة الأولى على دعوة مواطنيها إلى تجنب المجيء إلى لبنان لأسباب أمنية. ويشكل الخليجيون إجمالًا 65 في المئة من نسبة السيّاح إلى لبنان. وانخفضت نسبة الزوار من السعودية والكويت وغيرها من دول الخليج بنسبة 80 في المئة بالمقارنة مع حزيران/يونيو 2012.

أضيفت إلى كل ذلك المواجهة المسلحة التي حصلت قبل أيام بين الجيش اللبناني وأنصار رجل الدين المتشدد أحمد الأسير في مدينة صيدا، أكبر مدن جنوب لبنان، وانتهت بفرار الأسير ودخول الجيش إلى مقره العسكري، ومقتل 18 جنديًا وعدد لم يحدد من المسلحين.

السلاح قتل سياحة صيدا
من شأن ذلك بالتأكيد أن يبعد الأنظار عن كل نشاط سياحي في المدينة المعروفة بقلعتها البحرية القديمة ومتحف الصابون. ويقول رئيس نقابة الفنادق في لبنان بيار الأشقر لوكالة فرانس برس ما أن نتلفظ بكلمة سلاح، نقتل السياحة، مشيرًا إلى إقفال 300 مؤسسة سياحية في لبنان منذ بداية هذا العام.

ويبدي وزير السياحة فادي عبود ثقته بأن الأمور ستتحسن قريبًا، لكنه يؤكد أن كل الأرقام في القطاع السياحي سيئة. ويقول لفرانس برس "نسبة إشغال الفنادق في بيروت بالكاد تصل إلى 35 في المئة، أي ما يوازي نصف الإشغال في السنوات الماضية. خارج بيروت، الوضع كارثي، خمسة في المئة مقابل 35 في المئة عادة في مثل هذا الوقت من السنة".

ورغم أن الوضع أفضل قليلًا في مناطق مسيحية، مثل جبيل وجونيه (شمال بيروت) البعيدة نسبيًا عن التوترات الأمنية، فإن ذلك لا يغيّر في أن واقع السياحة متدهور جدًا. وقد بدأ التراجع قبل سنتين مع اندلاع الأزمة السورية، وهو يستمر انحدارًا.

بعلبك تنقل مهرجانها
ففي بعلبك، حيث توجد القلعة الرومانية الأثرية المقصودة، سقطت خلال الأسابيع الماضية صواريخ مصدرها على الأرجح مواقع لمجموعات سورية معارضة في الأراضي السورية، ردًا على تدخل حزب الله العسكري في المعارك في سوريا إلى جانب قوات النظام. وتعتبر بعلبك والمنطقة المحيطة بها (شرق) معقلًا للحزب الشيعي.

على الأثر أعلنت لجنة مهرجانات بعلبك الدولية نقل احتفالات المهرجان إلى مكان آخر، وألغت مغنية الأوبرا الأميركية المعروفة رينيه فليمينغ مشاركتها في المهرجان.

اشتباكات طرابلس تبعد السياح
أما في طرابلس، أكبر مدن الشمال، حيث السوق الأثرية والقلعة الصليبية والحلويات اللذيذة، فأخلى السيّاح المكان لجولات المعارك بين سنة وعلويين وبين مجموعات مسلحة مختلفة.

ويبدو المغتربون اللبنانيون، الذين لم تمنعهم في السابق الحروب والأزمات من زيارة البلد في الصيف، يبدون مترددين هذه السنة.وتقول ألفيرا حوا المقيمة في مدريد، والتي اعتادت زيارة لبنان كل سنة، في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس، "يجب أن تكون مجنونًا لتتوجّه إلى لبنان الآن. لن أذهب هذه السنة، ونصحت أولادي بعدم الذهاب أيضًا".

كذلك فعلت ليلى المقيمة في ميشيغن في الولايات المتحدة في الماضي، عندما كانت تقع حوادث أمنية، ويقفل المطار مثلًا، "كنا نفرّ عبر سوريا. أما الآن، فماذا نفعل؟".

إلغاء 200 عرس صيفي
وللبنان المطلّ على البحر، حدود برية مع سوريا وإسرائيل، التي لا يقيم علاقات معها. ويقول وزير السياحة إنه تم إلغاء مئتي حفلة عرس هذا الصيف في لبنان، ما يشكل خسارة في الربح تبلغ تقريبًا مئة مليون دولار. ويصرف اللبنانيون، لا سيما المغتربون الأثرياء، مبالغ طائلة على أعراسهم.

ويقول صاحب محل ألبسة في عاليه "هناك بعض السوريين الذين يعوّضون قليلًا نقص الزبائن، لكن حجم المبيعات لا يزال بعيدًا جدًا عن السابق، في إشارة إلى اللاجئين المنتشرين في المناطق اللبنانية، والذين تمكن أبناء الطبقة الميسورة منهم من استئجار شقق ومنازل في بيروت ومدن أخرى، بينما الفقراء يعيشون في ظروف مزرية".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف