اقتصاد

التوازنات المالية في تدهور مستمرّ

انقاذ الاقتصاد التونسي وإنعاشه رهين توافق سياسي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يقول خبراء اقتصاديون تحدّثوا لـ"إيلاف" إنّ الوضع الاقتصادي التونسي دخل مرحلة الخطر، على خلفية الأحداث الاخيرة، والتي أثرت خاصة على السياحة. وربطوا بين حل سياسي توافقي، وعودة الانتعاش الى الاقتصاد.

محمد بن رجب من تونس: نبّه البنك المركزي في بيانه لشهر يوليو 2013 إلى خطورة تبعات التطورات الأخيرة على النشاط الاقتصادي والتوازنات المالية الداخلية والخارجية داعيًا إلى اتخاذ التدابير الضرورية العاجلة على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية القادرة على استعادة النشاط الاقتصادي لنسقه المطلوب.

لاحظ بيان البنك المركزي الذي اطلعت عليه "إيلاف"، أنّ المعطيات الأولية المتوفرة تشير إلى ضعف نسق النشاط الاقتصادي خلال السداسي الأول من السنة الحالية الشيء الذي يجعل من الصعب، إن استمر هذا النسق، تحقيق الهدف المرسوم بالميزان الاقتصادي بالنسبة للنمو لسنة 2013.

هشاشة تقتضي إنعاشًا

اعتبر الخبير الاقتصادي سامي الأشهب أنّ بيان البنك المركزي لشهر يوليو 2013 رسالة واضحة المعالم موجهة أساسًا إلى الفرقاء السياسيين عموماً حتى يضعوا حدًا لهذه المنزلقات الخطيرة التي يريدون أن يأخذوا تونس إليها، وبالتالي اقتصادها الذي يعيش الهشاشة أصلاً، على حدّ تعبيره.

وأشار الأشهب في تصريح لـ"إيلاف" إلى أنّ السداسي الأول من السنة الحالية لم يحقق ما كان منتظرًا على مستوى نسبة النمو وسط تراجع واضح وخسائر في عديد المجالات التي كانت لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد.

أشار البنك المركزي إلى استقرار نسبة التضخم في مستوى مرتفع في حدود 6,4٪ خلال شهر يونيو 2013 وذلك للشهر الثالث تباعًا، مع تسجيل مؤشر أسعار الاستهلاك زيادة بـ 0,3٪ خلال شهر جوان 2013 مقارنة بـ0,1٪ خلال الشهر السابق. وكذلك تسجيل انخفاض طفيف لسوق صرف الدينار إزاء كل من الأورو واليان الياباني بـ 1,6٪ و1,1٪، على التوالي، مقابل شبه استقرار إزاء الدولار الأميركي.

وأوضح الخبير الاشهب أنّ الاقتصاد التونسي قادر على الانتعاش من جديد وتعويض الخسائر التي لحقت به في النصف الأول من السنة الجارية، ولكن ذلك مرهون بمدى رغبة السياسيين في الحوار والاتفاق لما فيه مصلحة تونس، مؤكدًا على أنّ الاقتصاد يتميّز بالمرونة التي تجعله قادرًا على تجاوز هذه الأزمة الصعبة التي يعيشها لا باغتيال محمد البراهمي بل منذ 6 فبراير الماضي تاريخ اغتيال شكري بلعيد.

انتعاشة لم تكتمل

قال الأشهب إن الجميع بدأ يحسّ بالانتعاشة التي يمرّ بها الإقتصاد التونسي في الأشهر الثلاثة الأخيرة وخاصة على مستوى القطاع السياحي بالرغم من التأثير الواضح لأحداث جبل الشعانبي على المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في تونس، ولكن الانتعاشة لم تتواصل بسبب اغتيال محمد البراهمي وقتل الجنود الثمانية في جبل الشعانبي، فكل ذلك، سيكون له تأثير سلبي على نسبة النمو من خلال انخفاض نسق سير مختلف القطاعات وما الإعتصامات الحالية إلا دليل على ذلك خاصة إذا لم يقع فضّها في أقرب وقت، فتواصلها سيكون له تأثير كبير على القطاع السياحي خاصة، على حدّ تعبيره.

وأكد الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية لدى رئيس الحكومة رضا السعيدي تسجيل تأثر نسبي للاقتصاد التونسي الذي يتأثر ضرورة بمختلف الأوضاع التي تعيشها البلاد من اعتصامات وغيرها بعد اغتيال محمد البراهمي، مشيرًا إلى القطاع السياحي لئن تأثر فلم يتم تسجيل إلغاء حجوزات سابقة، لكن الإشكال هو عدم تسجيل حجوزات جديدة في هذه الفترة الحاسمة من الموسم السياحي.

وأوضح السعيدي أنّ الحركة الاقتصادية متواصلة كما أنّ البورصة استعادت نشاطها الطبيعي.

عجز المبادلات متفاقم

لاحظ البنك المركزي استمرار تفاقم عجز المبادلات التجارية مع الخارج خلال النصف الأول من العام الحالي، وبالتالي تواصل الضغوط على العجز الجاري الذي يبقى في مستوى غير مريح رغم انخفاضه نسبيًا مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، أي 4,2٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4,6٪ قبل سنة.

وقد أمكن الحد من آثار هذه التطورات على الموجودات الصافية من العملة الأجنبية حيث بلغت11.347 مليون دينار أو ما يعادل 104 أيام من التوريد بتاريخ 30 يوليو2013، بالرغم من تراجع فائض كل من ميزان القروض وميزان الاستثمار الأجنبي، وذلك بفضل تعبئة موارد خارجية هامة.

إشاعات

أكد الخبير الاقتصادي فتحي النوري أنّ الاقتصاد التونسي يعيش وضعًا صعباً إن تواصلت الحالة كما هي عليه الآن ولكن ليس كما يشيع البعض من عدم قدرة الدولة على خلاص أجور العمال والموظفين، فبعض القطاعات ستتأثر بالوضع الحالي الذي تعيشه البلاد على غرار القطاع السياحي كما الاستثمار الخارجي أساسًا، وبالتالي على المسؤولين السياسيين العمل على إيجاد الحلول اللازمة حتى يعود الاقتصاد الوطني إلى سالف نشاطه، ولن يكون ذلك ممكنًا في ظل الأزمة السياسية التي نعيشها والوضع الأمني المتدهور.

أبرز الدكتور النوري في تصريح لـ" إيلاف" أنّ تونس أمانة لدى جميع الفرقاء السياسيين، وبالتالي لا بد من تغليب المصلحة العليا للبلاد على مصالح سياسية ضيقة من خلال الحوار وإيجاد حلّ واتفاق يلزم الجميع على الانصياع اليه، لمصلحة تونس، فالأزمة السياسية التي نعيشها حاليًا لا يمكنها أن تساعد الإقتصاد الوطني على الانتعاش وتعويض الخسائر للوصول إلى تحقيق نسبة النمو المنتظرة.

وقال الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي لصحيفة لوموند الفرنسية إنّ تونس في نهاية سنة 2011 كانت في وضع سيىء جداً مع نسبة نمو سلبي تقدّر بـ 2% أما في نهاية السنة المنصرمة 2012 فقد أصبحت نسبة النمو إيجابية وناهزت 3.6% مع تسجيل فائض في ميزان المدفوعات يعود إلى التعاون الدولي والاستثمارات الأجنبية المباشرة وخوصصة عدد من المؤسسات.

أضاف العياري أنّ الثلاثي الأول من السنة الحالية 2013 كان مخيبًا للآمال فبعد أن كانت نسبة النمو المتوقعة في حدود 4% أصبحت في حدود 2.7% مؤكدًا على ضرورة تجاوز الاضطرابات المتعلقة بانعدام الأمن والخلافات بشأن مشروع الدستور من أجل تحقيق النسبة المؤملة أما دون ذلك فلن تتعدّى نسبة النمو 2%.

أسباب الأزمة

أشار الخبير الدكتور فتحي النوري إلى أنّ الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس متواصلة منذ ما بعد ثورة 14 يناير 2011 وزادت المشاكل خلال السنة الماضية 2012 وكذلك في السنة الجارية 2013، فالوضع يعتبر صعبًا ولكنه لم يصل إلى درجة الكارثة وهو ما يتطلب تدخلاً ناجعاً.

وتعود أسباب المشاكل الاقتصادية التي تعيشها تونس - بحسب النوري- إلى عدم التفكير في حلول جديدة بعيدة عن الإبقاء بنفس التمشيات السابقة إلى جانب الانتدابات العديدة والطلبات المجحفة للزيادة في الأجور وترسيم العمال وغيرها من الضغوطات التي استجابت لها الحكومة إلى جانب الوضع الصعب الذي يعيشه الشريك الأوروبي خاصة مع الاضطرابات العديدة والتجاذبات السياسية التي شهدتها البلاد خلال فترة ما بعد الثورة.

وشدد الخبير النوري على ضرورة بث الطمأنة في نفوس المستثمرين في الداخل والخارج، وكذلك طمأنة الرأي العام التونسي بأن الوضع الحالي ما هو إلا فترة ستمرّ لتعود الانتعاشة للاقتصاد وإذ لا بد اليوم من تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية الضيقة، على حدّ تعبيره.

وأقرّ وزير السياحة التونسي جمال قمرة بتأثير الأزمة الحالية التي تعيشها تونس على القطاع السياحي سلبيًا، مبرزًا في الآن نفسه تحقيق نتائج طيبة خلال شهر يوليو الماضي أفضل من نفس الفترة من العام الماضي 2012 ومشددًا على ضرورة تجاوز الأزمة الحالية بالحوار والتوافقات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف