اقتصاد

يقوده المطور بشار المصري وقطر المستثمر الأكبر فيه

مشروع "روابي" العقاري الفاخر: نموذج مصغر لفلسطين الغد

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مع استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين أخيرًا توجّهت الأنظار إلى المشروع العمراني العملاق، الذي يقوده المطوّر العقاري الفلسطيني بشار المصري في الضفة الغربية بالقرب من رام الله، ويحمل اسم "مدينة الروابي".

القاهرة: تبلغ استثمارات المشروع، الذي سيتم افتتاح المرحلة الأولى منه في مطلع عام 2014 نحو مليار دولار. وجاء ثلث المليار دولار من شركة قابضة فلسطينية خاصة هي "المسار الدولية"، التي يرأسها بشار المصري، العقل المفكر وراء المشروع، وهو فلسطيني عاش في الولايات المتحدة 25 عامًا، وله مشروعات في مجال المقاولات في مصر والمغرب، وكان يحلم بإقامة مشروع له تأثيره في دعم الاقتصاد الفلسطيني وتوفير فرص العمل. أما باقي الاستثمارات فقد جاءت من شركة الديار القطرية.

الخبراء يعتبرون "روابي" نموذجًا اقتصاديًا جديدًا، يقوم على التكنولوجيا الرفيعة ومجموعة من المراكز التجارية الكبرى والأماكن الترفيهية، بما فيها دور السينما والمطاعم والمقاهي والمدارس والمكاتب الإدارية إلى جانب مركز للمؤتمرات.

إمدادات المياه تحدّ
ومن المقرر أن تنتقل إلى المدينة الجديدة أول مجموعة من العائلات الفلسطينية، التي ستقيم في 600 وحدة سكنية، ويتوقع أن يستوعب المشروع بعد اكتماله 40 ألفًا من السكان، وإن كانت تواجهه بعض المشكلات، مثل إمدادات المياه، التي تمثل تحديًا كبيرًا آخر، حيث إن إسرائيل تسيطر على كل إمدادات المياه تقريبًا.

تقع مدينة روابي في منتصف المسافة بين نابلس والقدس، وهي قريبة من رام الله العاصمة الإدارية للسلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية. وتقف المدينة، التي يعني اسمها التلال على منطقة حجرية، مرتفعة، وتطل على وادٍ كانت ترعى فيه الماشية تحت أشجار الزيتون، وتطل أيضًا على البحر المتوسط، وتعد أول مدينة فلسطينية تخضع للتخطيط العمراني المسبق.

ولفت المشروع أنظار الصحف العالمية، حيث قالت صحيفة "غارديان" البريطانية في تقرير لها إن مستوى الاهتمام بالمدينة الوليدة يعكس التحول الاجتماعي والمالي في المجتمع الفلسطيني، ويرمز إلى الإمكانات الاقتصادية لإقامة دولة فلسطينية في المستقبل، فأكثر من نصف الفلسطينيين، الذين وقعوا على عقود لشراء وحدات سكنية في روابي، حصلوا على قروض طويلة الأجل بنظام الرهن العقاري، ونسبة كبيرة من الأسر يعمل فيها الزوجان في وظائف، مع نسبة صغيرة من النساء غير المتزوجات اللاتي يعتزمن الإقامة بمفردهن، وهو أمر غير معتاد في المجتمع الفلسطيني.

تشغّل حوالى 10 آلاف عامل
تطلبت مرحلة الإنشاءات في المشروع تشغيل ما بين 8 إلى 10 آلاف عامل وموظف، ثلثهم من النساء. ويحصل العاملون على أجور تزيد بنسبة 30% على الحد الأدنى للأجور، التي تدفع في الأراضي الفلسطينية. وتطمح الشركة القابضة في إتاحة خمسة آلاف وظيفة دائمة، معظمها في قطاعي التقنية الرفيعة والخدمات، عند اكتمال منشآت المدينة.

بدأ التخطيط لروابي منذ خمسة أعوام، وبدأ تنفيذ أعمال البنية التحتية عام 2011، وكانت الشرائح المستهدفة في عملية التسويق الأسر الفلسطينية الشابة من الطبقة الوسطى، التي تعيش في مدن الضفة الغربية المزدحمة، والتي تجذبها الشقق العصرية والمنظمة والمناظر الرائعة والمساحات المفتوحة وأماكن الترفيه وبأسعار تقلّ بنسبة تصل إلى 20 % عن الوحدات السكنية في رام الله، التي تقع على بعد بضعة أميال جنوبًا.

ويتراوح سعر الوحدة السكنية بين 60 ألف و200 ألف دولار، على الرغم من التكلفة الإضافية لبناء الوحدة السكنية بنسبة تصل إلى 12%. وترجع الزيادة إلى عدم وفاء السلطة الوطنية الفلسطينية بوعدها بتنفيذ مشروعات البنية الأساسية للمدينة بقيمة 150 مليون دولار، واضطر المستثمرون في روابي إلى تمويل مشروعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والمدارس والطرق من ميزانية المشروع.

وتوجد شريحة صغيرة من المشترين حجزت الوحدات السكنية بغرض الاستثمار على أساس بيعها مستقبلًا، وحصل حوالى نصف المشترين على قروض بنظام الرهن العقاري، مع إتاحة خيار التمويل الإسلامي، الذي لا يسمح بالحصول على فوائد. من ناحية أخرى نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن بشار المصري (52 عامًا) قوله إن الجيل الفلسطيني الجديد هو الذي يبني هذه المدينة، وأنه يشعر بالتفاؤل إزاء مستقبل روابي، ويراها جزءًا من جهود بناء الدولة الفلسطينية.

نموذج مصغر لدولة المستقبل
وأشار إلى أن بناء روابي - 2 مستقبلًا بعد إقامة الدولة الفلسطينية لن يواجه الصعوبات نفسها. وتشبه الصحيفة "روابي" بأنها نموذج مصغر للدولة الفلسطينية التي يتم التفاوض بشأنها، وقالت إن نموها المستقبلي يتوقف على التعاون مع إسرائيل.

وفي هذا الصدد يقول أمير دجاني نائب مدير شركة بيتي للاستثمار العقاري، التي تنفذ أعمال بناء المدينة، إن الشركة أنفقت ما يصل إلى 100 مليون دولار سنويًا على المعرفة والخبرة الإسرائيلية وعلى مواد البناء، مثل الأسمنت، وهو تعاون أطلق عليه وصف "نموذج حقيقي لاقتصاد السلام". وحيث إنه لا يوجد مطار أو ميناء في الضفة الغربية، فإن كل المواد اللازمة لتنفيذ المشروع تستورد عن طريق إسرائيل.

وردًا على انتقادات من حملة مقاطعة إسرائيل، التي اتهمت المستثمرين في روابي "بالمساعدة على تبييض وجه الاحتلال الإسرائيلي عن طريق إقامة روابط مع الصناعة الإسرائيلية"، قال المطورون إنهم حريصون على استخدام المنتجات الفلسطينية، كلما كان ذلك ممكنًا، وإن الرؤية تتمثل في أن المشروع لا يهدف فقط الى إقامة وحدات سكنية، ولكن أيضًا إلى توفير آلاف من فرص العمل في قطاع التشييد وفي الحي التجاري للمدينة.

جذب شركات التكنولوجيا هدف
وتأمل "روابي" في اجتذاب شركات التكنولوجيا والاتصالات العالمية لإقامة فروع لها في المدينة، إلى جانب مراكز للأبحاث والتطوير، وهناك هدف آخر، وهو إنشاء تواصل وتجاور بين المدن الفلسطينية وسط مناطق الاستيطان الإسرائيلي. ولكن ما هي وجهة نظر إسرائيل من هذه المدينة؟. صحيفة "جيروزاليم بوست" وصفت المشروع بأنه جيد في التخطيط والتنفيذ، خاصة وأنه ينظر إلى الفلسطينيين في الغالب على أنهم مجتمع مكوّن من القرويين يعيشون في مجتمع عائلي محافظ أو يعيشون بشكل دائم في مخيمات للاجئين.

وقالت الصحيفة إن المدينة تعد نموذجًا يمكن تقليده بالنسبة إلى الراغبين في إقامة دولة فلسطينية، كما نجح بشار المصري في دفع حركة الاستثمار الخاص في الضفة الغربية بعكس استثمارات القطاع العام الفلسطيني، التي لم تقدم الكثير إلى الفلسطينيين على الرغم من المعونات الخارجية التي تحصل عليها السلطة الوطنية الفلسطينية.

وأوضحت الصحيفة أن المشروعات الفلسطينية الكبرى، مثل "روابي"، ستغير من ساحة العمل بالنسبة إلى الفلسطينيين، الذي يتطلع الكثير منهم للحصول على تصاريح للعمل داخل إسرائيل. كما إنها تقدم دروسًا لإسرائيل نفسها في كيفية بناء وحدات سكنية جيدة المستوى بأسعار منخفضة، حيث إن مثيلاتها في إسرائيل أعلى سعرًا بكثير، على الرغم من أن العمال الذين يقومون ببنائها هم العمال الفلسطينيون نفسهم القادمون من المناطق المجاورة لروابي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف