قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أبدى خبراء اقتصاديون تونسيون تخوفهم من الأنباء التي تروّج حول إعتزام المركزي التونسي القيام بطبع أوراق مالية جديدة، وما قد تحمله من مخاطر على الاقتصاد الذي يعاني وضعاً صعباً للغاية.تونس: كشف حسين العباسي الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل عن تخوفه الشديد من الأنباء التي تروج في الفترة الأخيرة حول اعتزام البنك المركزي طبع أوراق مالية جديدة وإدخالها في السوق المالية نتيجة غياب السيولة المالية الكافية. فما مشروعية هذه العملية؟ وفي أي ظرف يمكن أن يكون اللجوء إليها؟ وما تأثيرها على الإقتصاد التونسي؟
عملية غير مطروحة فنّد الخبير المالي والإقتصادي معز العبيدي تخوفات العباسي وإمكانية طبع أوراق مالية "لمنع القانون لذلك"، وهي بالتالي "أقرب إلى الإشاعة نظراً للضغوط على الميزانية التي بنيت على نسبة نمو في حدود 4.5% ثم انحدرت إلى 4% و3.6% بينما تقديرات البنك الدولي في حدود 2.7%"، مشيراً إلى أنّ "التراجع في نسبة النمو يعني حتمًا تراجعًا في الموارد الجبائية كما أنّ الصكوك الإسلامية التي برمجتها الحكومة لم تصل بعد، إلى جانب ارتفاع نفقات الدعم وكذلك نفقات الأجور ورغم ذلك فإمكانية ضغط الحكومة على البنك المركزي ليطبع أوراقاً مالية جديدة غير مطروحة اليوم لعدم إستيفاء كل الإمكانات المتاحة، من ذلك إعادة جدولة الديون والحصول على قرض بنسبة فائدة عالية وغيرها". بينما أشار الخبير الإقتصادي عبدالجليل البدوي إلى أنّ عملية طبع أوراق مالية وضخها في السوق لغياب السيولة المالية ليست عادية، ولكنها لا تحصل إلا في أوضاع خانقة للإقتصاد الوطني، مؤكداً: "بما أننا نعيش وضعًا صعبًا فليس من الغريب أن يلجأ البنك المركزي لمثل هذه العملية". وقال الخبير البنكي عادل السمعلي: "آﺧر ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺿﺦ ﻟﻸوراق اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 2008 ﻓﻲ ﻋﮭد اﻟرﺋﯾس اﻟﺳﺎﺑق وقد تم اتخاذ اﻟﻘرار ﻣن طرف ﻣﺟﻠس إدارة اﻟﺑﻧك اﻟﻣرﻛزي ﺗﺣت ﻋﯾون ھﯾﺋﺎت اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ واﻟﻧﻘدﯾﺔ".
تأثيرات خطيرة وأكد الخبير البدوي أنّ تأثير طبع أوراق مالية جديدة خطير جداً، فالإستهلاك سيتضاعف والكتلة النقدية ستزيد وليس بالضرورة أن تكون المنظومة الإنتاجية قادرة على الزيادة في حجم العرض والإنتاج، وبالتالي فإن القدرة الشرائية الجديدة لا يقابلها عرض في الإنتاج، وهذا ما يزيد في نسبة التضخم المالي، بينما تعيش تونس الآن وضعاً صعباً على مستوى التضخم المالي مقارنة بالبلدان المنافسة لها. وأوضح أنّ نسبة التضخم التي تجاوزت 6% تبدو غير كارثية بالنسبة لإقتصاد محمي من المنافسة الخارجية، ولكن الإقتصاد التونسي يخضع لمبدأ المنافسة في الداخل والخارج، وبالتالي تصبح نسبة 6% عالية جداً مقارنة بنسبة التضخم لدى المنافسين، والتي لا تتجاوز 3%. وأضاف أن الإنتاجية الحالية ضعيفة أي أنه لا يمكن تعويض الزيادة في التكاليف بزيادة في الإنتاجية، كما أن الأسعار العالمية للواردات مرتفعة وهي تسبب "تضخماً مالياً مستورداً"خاصة أمام ضرورة استيراد الحبوب والمحروقات لوجود عجز في هاتين المادتين، مؤكداً أنّ زيادة الكتلة النقدية تعود بالوبال على الإقتصاد التونسي. وأوضح البدوي أنّ التأثير السلبي سيضعف القدرة الشرائية للمواطن وخاصة العمال وأصحاب الرواتب المتدنية، والذين يمثلون 70% من السكان، بينما يكون التأثير أقل بالنسبة للتجّار والصناعيين.
وضع اقتصادي صعب جدًا .. وليس كارثيًا يعيش الإقتصاد التونسي وضعًا صعبًا جدًا لضعف التوازنات الداخلية والخارجية، وهو ما أدى إلى تدهور قيمة الدينار التونسي الذي لا يساهم في تحسين هذه التوازنات. وقال الدكتور البدوي: "صحيح أن ذلك يحسن من تنافسية الإقتصاد لكنه في نفس الوقت يزيد في تكلفة الإستيراد"، مشيراً إلى أنّ اقتصاد الحرفيين في تونس يعيش صعوبات، وبالتالي فإنّ الزيادة في تكلفة الإستيراد ستكون أكثر من المنافع التي ستجنى من عمليات التصدير". وأمام جميع هذه الصعوبات إلى جانب تراجع الترقيم السيادي، يشير الدكتور البدوي إلى الصعوبة في الحصول على موارد مالية إضافية خاصة الخارجية منها، وإن تحصلت عليها تونس فستكون بنسب فائدة عالية جداً، وهذا ما يجعل إمكانية اللجوء إلى طبع أوراق مالية أمرًا طبيعياً لأن الإقتصاد بحاجة إلى السيولة بينما رجال الأعمال يهرّبون الأموال خارج تونس إلى جانب التهرب من الجباية، ومؤكداً: "إذا حصل ذلك فستكون نكبة". وﻗﺎل ﻣﺣﺎﻓظ اﻟﺑﻧك اﻟﻣرﻛزي اﻟﺷﺎذﻟﻲ اﻟﻌﯾﺎري: "إنّ البنك لم يخفِ أية أرقام أو معطيات عن حالة الإقتصاد التونسي. "وأشار في حوار على القناة الوطنية إلى صعوبات يشهدها الإقتصاد، و"لكن الوضع ليس كارثيًا كما يروج الإعلام لذلك".
خطة اقتصادية ومالية وأكد الخبير البدوي إلى ضرورة توفير الظروف الأمنية والسياسية حتى يعاود الإقتصاد الإنطلاق من جديد من خلال الإستثمارات الداخلية والخارجية، بعد توفير مناخ أمني وسياسي جديد يشجع على الإستثمار. من جهته، أشار الدكتور معز العبيدي إلى أنّ ما يروج حول طبع أوراق مالية جديدة يدخل في خانة التجاذبات السياسية، مشددًا على ضرورة الحصول على هدنة اجتماعية بحكم التقارب بين اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف إلى جانب العمل على تعديل أسعار المحروقات لأن الميزانية بنيت على أساس 110 دولارات للبرميل بينما وصل اليوم إلى حدود 115 دولاراً. وشدد رضا السعيدي الوزير المعتمد لدى رئيس الحكومة المكلف بالجانب الإقتصادي على ضرورة وضع خطة اقتصادية ومالية تتضمن إجراءات وتدابير لإنهاء الفترة المتبقية من السنة الحالية من أجل تحقيق نسبة نمو قادرة على تنمية البلاد وخلق أكبر عدد ممكن من فرص العمل.