قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أكد محافظ البنك المركزي التونسي أن إقتصاد بلاده على حافة الإنهيار أمام تصاعد التجاذبات السياسية، التي ستؤدي إلى وضع كارثي مع نهاية العام الحالي.تونس: قال محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري إنّ "تونس تعيش الآن بإمكانات تفوق طاقتها" وأضاف" المفروض والمطلوب سنة أو سنتان من التقشف وإلا فلن نخرج من الأزمة، فتونس قد تصل مع نهاية 2013 إلى وضع كارثي .. ". فما رأي خبراء الإقتصاد؟ وما حقيقة الوضع الإقتصادي في تونس؟ وما الحلول التي يمكن أن تعيد الوضع إلى طبيعته؟
شروط صندوق النقد الدولي أكد الخبير الإقتصادي رضا شكندالي أنّ الوضعية الإقتصادية في تونس صعبة حيث تحدث محافظ البنك المركزي عن مشكلة على مستوى الموارد الجبائية التي تحدث فجوة مالية لا بد من تغطيتها عبر الديون، مشيراً إلى أن الحل للخروج من مشكلة الديون يتمثل في القرض المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي المشروط بمجموعة من الإصلاحات الإقتصادية، ولكن الوضع الراهن لا يمكن الحكومة من تنفيذ هذه الإصلاحات التي تتطلب هدوء وإستقراراً على مستوى التجاذبات السياسية.
تحذيرات متأخرة أكد الخبير الإقتصادي والوزير المستقيل من وزارة المالية حسين الديماسي أنّ ما قاله الشاذلي العياري هو التشخيص السليم ولكنه جاء متأخراً وبالتالي "أوافقه على كل التحذيرات التي أطلقها". وقال الديماسي في تصريح لـ"إيلاف" أنّ تونس التي قد تصل إلى "وضع كارثي بعد أشهر" تعيش فوق طاقتها فعلاً بعد أن تحققت مطالب العاملين ولكن الظرف في الواقع لم يكن مواتياً لمثل هذه المصاريف بعد توقف إنتاج أكثر من قطاع بعد الثورة ونحصد الآن تأثيرات ذلك لأن الموارد لم تكن لتسمح بمثل تلك الزيادات في الأجور والإنتدابات. وقال الخبير في المالية مراد الحطاب لإحدى الإذاعات المحلية إنّ "تونس اليوم أفلست تماماً حيث لا قدرة لها لحماية العملة الوطنية من الانحدار". متهماً محافظ البنك المركزي بعدم المحافظة على العملة الوطنية، ووزير المالية بعدم المصارحة بحقيقة الوضع الإقتصادي.
بين الإنعاش والتقشف وأشار الدكتور شكندالي في إفادته لـ"إيلاف" إلى دعوة العياري إلى سياسة التقشف وهو بالتالي ضد سياسة الإنعاش وتدخل الدولة في كل الميادين لكن ما يقصده هو على مستوى نفقات الدولة في مجال الإستثمار لأنه على مستوى الدعم وكتلة الأجور ومصاريف الدولة المبلغ ليس كبيراً جداً. وقال إنّ المشكلة الثانية تتمثل في تنفيذ القانون الخاص بالصكوك الإسلامية كما أن إرتفاع الأجور كان أكثر من طاقة تونس وقدراتها وهذا ما خلق إشكالاً على مستوى توازنات الدولة.
نعم للتقشف .. نعم للإنعاش ورفض شكندالي سياسة التقشف التي إقترحها العياري معتبراً أنّ التخفيض في نفقات الدولة على مستوى العنوان الأول أي الأجور والدعم والتحويلات الإجتماعية غير ممكن وسط تغوّل إتحاد الشغل وإحتلاله موقعاً قوياً في السياسة، مشيراً في ذات السياق إلى أنّ المقصود هو تقشف على مستوى نفقات الإستثمار وهو أمر صعب لأنه لا يمكن تحفيز الإستثمار الخاص إلا عن طريق البنية الأساسية التي تتحقق عن طريق نفقات الدولة في الإستثمار. لكن خبير الإقتصاد الديماسي أكد على ضرورة إتباع سياسة التقشف التي تبدو ضرورية وليست إختياراً، مع التأكيد على العمل الجاد والإنتاج. وأكد شكندالي على ضرورة الذهاب في منحى النفقات على مستوى البنية الأساسية التي ترغّب المستثمرين بالإستثمار في الجهات الداخلية مشدداً على أنّ سياسة التقشف ستقتل النمو وستزيد من نسب البطالة ولا يمكن تقاسم غير الفقر.
سياسة خاطئة وإعتبر شكندالي سياسة وزارة المالية "سياسة خاطئة" متسائلاً كيف يمكن إثقال كاهل الشركات المصدرة بينما تعيش تونس أزمة على مستوى التصدير والعملة الصعبة التي جعلت قيمة الدينار التونسي تنخفض إلى حدود مخجلة. أما التوجه الثاني الخاطئ هو إستهداف الطبقة المتوسطة والرفع من الضريبة وهي الطبقة الوحيدة التي تدفع بالنمو عن طريق الإستهلاك مبرزاً أنها "سياسة القضاء على كل محركات النمو في المستقبل". وأبرز الديماسي أنّ تونس كانت حققت الإكتفاء الذاتي في المحروقات وكان يتم تصدير الفائض من النفط وكذلك قطاع المناجم والفسفساط الذي كان المحرك الأساسي للإقتصاد التونسي ولكن توقف الإنتاج لفترات طويلة جعله يعاني أزمة فعلية. وأشار الدكتور الديماسي أنّ نسبة النمو المعلنة غير ذات قيمة لأنها لا تهتم بالقطاعات المنتجة والحيوية كالفلاحة والسياحة والمحروقات والصناعات التحويلية والتي تعيش توقفاً أو تراجعاً أو تباطؤاً، ولم يبق غير قطاع الخدمات. وأفاد الخبير الإقتصادي معز الجودي أنه سيرفع قضية عدلية ضد الرؤساء الثلاثة ويحمّلهم مسؤولية فيما بلغه الإقتصاد التونسي من تدهور حسب تعبيره مضيفاً أنّ "تونس في طريقها إلى الإفلاس".
وضع كارثي وأبرز الدكتور شكندالي إلى أنّ الوصول إلى وضع كارثي مع نهاية 2013 "ممكن إذا تواصلت هذه التجاذبات السياسية ولم نجد الحلول الملائمة التي ترضي كل الأطراف دون الإنحياز إلى المصالح الحزبية الضيقة خدمة لتونس". بينما أكد الديماسي أنّ الحلول لم تعد ممكنة لأنّ "إنهيار الإقتصاد قد حصل فعلاً" مؤكداً على أنّ الشعب التونسي سيتحمّل تبعات ذلك. وقالت رئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي إنّ "تونس تعيش وضعاً سيّئاً جدّاً" مؤكدة أنّ "الحل يكمن في الوفاق والتنازل لأن المستثمر يهتمّ بالوضع السياسي ووضوح الرؤية".