وضع الاقتصاد في المملكة يُحرك صندوق النقد الدولي
بيانات الوضع الاقتصادي في المغرب متضاربة ومتناقضة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حرب أرقام في المغرب تشمل الاقتصاد بعدما شملت السياسة من قبل، فنسب النمو والبيانات الصادمة التي قدمها المندوب السامي للتخطيط حول الوضع الاقتصادي للمملكة، دفعت بالحكومة إلى الردّ بأرقام أخرى واتهام "التخطيط" بتسييس الأرقام.
أيمن بن التهامي من الرباط: تفجرت مواجهة كلامية بين عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربي، وأحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، بسبب التضارب في الأرقام التي قدمتها مندوبية التخطيط، وتلك التي قدمتها وزارة المالية، حول الوضع الاقتصادي في المغرب.
حرك هذا التباين لجنة تابعة لصندوق النقد الدولي، التي من المتوقع أن تحلّ في المغرب من أجل الوقوف على حقيقة هذه الأرقام.
"حرب أرقام"
أثارت الأرقام، التي أعلنت عنها المندوبية السامية للتخطيط، جدلًا ساخنًا، ليس لأنها كشفت فقط عن الوضع الاقتصادي للمملكة، بل لأن الإعلان عنها امتزج فيها التقني بالسياسي.
فأحمد الحليمي، الذي قدم صورة عن الواقع الاقتصادي للمملكة، ارتدى "ثوب السياسي" عندما بدأ في التعليق على الأرقام المعلن عنها، على حد تعبير الفريق المؤيد لبنكيران، وهو ما جعل رئيس الحكومة يرد برسالة، خلال جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية في البرلمان، حملت "تلميحًا سياسيًا" جاء فيها: "من المهم تقديم أرقام سيئة حول الوضعية المالية والاقتصادية للمغرب، ولكن ذلك يجب أن يتم في إطار حسن النية، حتى لا تكون هناك مفاجآت سيئة مستقبلًا"، وزاد موضحًا "الأرقام عنيدة، والحكومة ترحّب بكل الأرقام شرط أن تكون صادقة، ولا تنبعث من نية سيئة".
بيانات صادمة
وكان الحليمي قدم، خلال ندوة نظمها في الدار البيضاء، معطيات صادمة عن الاقتصاد الوطني خلال 2013 و2014، مؤكدًا أن الوضعية الحالية تؤكد أن المغرب سقط في فخ اقتصادي نتيجة عدم استشراف التدبير الماكرو اقتصادي.
مباشرة بعد ذلك، أدلى محمد الوفا، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة، بتصريحات قوية، انتقد فيها موقف المندوب السامي للتخطيط، ووصف فيها الأرقام الصادرة من المندوبية بـ "لعب الأطفال"، وأنها "من العصور الوسطى".
بوانو للحليمي... ليس شأنك!
لم يستسغ فريق عبد الإله بنكيران "التعليقات السياسية" التي جاءت على لسان أحمد الحليمي، الذي كانت توقعاته سببًا في اندلاع "حرب أرقام" بين مندوبية التخطيط ووزارة المالية.
وفي تعليق له على هذا الجدل، قال عبد الله بوانو، رئيس فريق حزب العدالة والتنمية في مجلس النواب (قائد الائتلاف الحاكم): "ما يؤخذ على المندوب السامي هو التعليقات التي صدرت منه. فالأرقام التي يصرح بها ليست مشكلة، ولكن أن يقول (يجب على الحكومة أن لا تهتم بالكلام وتذهب للعمل).. هذا ليس شأنه.. ما الذي أدخله في التعليقات"، وزاد موضحًا "التعليقات التي قدمها لا حق له فيها، وإذا أراد التقدم بالتعليقات السياسية فليخرج إلى المجال السياسي".
وأكد عبد الله بوانو، في تصريح لـ"إيلاف"، أن تضارب الأرقام يخلق متاعب على مستوى العلاقات، ويدفع بعض المؤسسات الدولية إلى التشكيك في صحة الأرقام المقدمة"، مشيرًا إلى أن "الجدل القائم حاليًا ليس جديدًا، وهو يعود إلى أكثر من 10 سنوات. فالأمر نفسه كان مطروحًا مع حكومتي إدريس جطو وعباس الفاسي".
هذا سبب الاختلاف
ليست للخلاف القائم أسباب "سياسية" فقط، بل أيضًا تقنية. فالنائب البرلماني عبد الله بوانو يرى أن الإشكال المطروح يسجل في المدخلات، التي تبني عليها المندوبية السامية للتخطيط توقعاتها.
وزاد مفسرًا "فمثلًا، في القطاع الزراعي تعتمد على إنتاج القمح، في حين أن المدخلات الأخرى للزراعة لا تأخذهافي الاعتبار، علمًا أننا عندما ننظر إلى القطاع حاليًا فإننا نلاحظ أنه لا يتضمن فقط القمح، بل هناك مدخلات أخرى، منها الصناعة الغذائية".
وأكد القيادي في العدالة والتنمية أن "الإشكال المطروح في سنة 2013، هو أن المندوبية توقعت أن تصل نسبة النمو في (حزيران/ يونيو 2012) إلى 4.3 في المئة، و4.8 في المئة في (كانون الثاني/ يناير 2013)، و4.6 في المئة في (حزيران/ يونيو 2013)، بينما الذي تحقق هو أن النسبة بلغت 4.4 في المئة"، مبرزًا أن "الفارق الذي يسجل دائمًا يتراوح ما بين 0.5 إلى 1.8 في المئة".
وأضاف "أنا لا أشكك في المنهجية التي تعتمدها المندوبية، لكن حسب المعطيات الأولية، التي استقيناها من الحكومة، فإن الإشكال يسجل في المدخلات".
تأثير على الاقتصاد والاستثمار
قال المحلل الاقتصادي عبد الخالق التهامي إن الجدل القائم حاليًا يمكن مناقشته من شقين، الأول تقني محض، والثاني يتعلق باختلاف الأهداف بين المندوبية والحكومة.
ففي ما يتعلق بالجانب التقني، كشف عبد الخالق التهامي لـ"إيلاف"، أن "الفرضيات والنماذج التي ترتكز عليها توقعات وإسقاطات المندوبية السامية للتخطيط تختلف عن النماذج التي تعتمدها وزارة المالية، وخصوصًا الفرضيات المستعملة لإسقاط نسب نمو مختلفة"، مبرزًا أن "هذا الاختلاف هو الذي يفسر تقنيًا التفاوت في نسب النمو المستنتجة من النموذجين".
أما الجانب الثاني، الذي يفسر التضارب، يشرح المحلل الاقتصادي، فيتمثل في كون أن "المندوبية السامية تصدر توقعاتها أو إسقاطاتها، في حين أن وزير المالية يتحدث عن الهدف الذي تبحث عنه الحكومة.. وهنا يكمن الفرق بين ما هو إسقاط وهدف".
وأوضح عبد الخالق التهامي أن "الاقتصاد والاستثمارات لن تتأثر بالفوارق في الأرقام، بل بصحة ضعف نسبة النمو. فهذا بطبيعة الحال سيحمل تأثيرًا سلبيًا على الاقتصاد".
وكان الحليمي أكد أن معدل النمو سيتراجع، خلال هذه السنة، إلى ما يقارب 2.4 في المئة، وأن عجز الميزانية استقر، خلال سنة 2013، في 6 في المئة، ودق ناقوس الخطر في الأوساط الحكومية، قبل أن تتحرك وزارة المالية لتصدر بلاغًا أعلنت فيه أن معدل النمو المتوقع خلال هذه السنة سيصل إلى 4 في المئة، وأن عجز الميزانية استقر خلال السنة الماضية عند 5.4 في المئة.