اقتصاد

مخاوف من خضوع الحكومة الإنتقالية لإبتزازات خارجية

ملفات حارقة أمام "مؤتمر الحوار الإقتصادي" في تونس

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تستعد تونس لعقد حوار وطني حول الإقتصاد من المنتظر أن يتداول في مواضيع خلافية كثيرة أضرّت بالإقتصاد، ويختلف الفرقاء السياسيون في طرق معالجتها، كقضية&رفع الدعم عن بعض المواد والتهرب الجبائي، والاقتصاد الموازي والتشغيل وغيرها.

محمد بن رجب من تونس: ينتظر أن ينعقد المؤتمر الوطني للحوار حول الإقتصاد في الثامن والعشرين من الشهر الجاري في تونس، ليطرح عديد القضايا الهامة أبرزها مسألة ترشيد الدعم ومقاومة التهريب والإقتصاد الموازي والبحث عن حلول للعجز التجاري والتوازنات المالية والتشغيل والتنمية الجهوية والمقدرة الشرائية للمواطن، والتأكيد على مبدئي الشراكة والتشاور أساساً ثابتًا لسياسة الحكومة من خلال تقارب وجهات النظر وتبادل الآراء لمواجهة التحديات والصعوبات التي قد تكون عائقاً أمام المسار الإنتقالي.

ودعت بعض الأحزاب السياسية إلى ضرورة الإنتباه إلى أهداف هذا المؤتمر الوطني، مشيرة إلى سعي الحكومة إلى تمرير إملاءات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عبر هذا الحوار.

ضغوطات كبيرة

أوضح رئيس الحكومة مهدي جمعة في تصريح إعلامي أنه "لا ينوي مضاعفة الضرائب، بل الشروع في إصلاح جبائي إلى جانب الضغط على مصاريف الدولة وتشجيع المبادرات الخاصة والشراكة في القطاعين"، مشددًا على "أهمية الإبقاء على الدور التعديلي للدولة والمحافظة على دورها الإجتماعي الضامن للإستقرار."

يتهربون من الحوار

أوضح النائب في المجلس التأسيسي مبروك الحريزي أنّ هذا الحوار جاء في الأصل للتغطية على "العبث بمؤسسات الدولة" من خلال تدخل اتحاد الشغل (المركزية النقابية) واتحاد الأعراف في فرض توجهات معينة، وهما في الأصل يتهربان من الحوار الحقيقي ويحولانه إلى مؤتمر لتحجيم دوره بعد أن شهد مشاركة الأحزاب السياسية في الإعداد له، خاصة وأن اتحاد الشغل تغيّب عن اليوم الأول.

وأضاف الحريزي في تصريح لـ"إيلاف" أنّ بعض السياسيين يستبقون الحوار بالرفض والتشكيك في نتائجه من خلال تسريب المقترحات، مؤكداً في ذات الوقت أنّ للحكومة خيارات تعمل على تمريرها عبر هذا الحوار الإقتصادي.

وطالب قسم الدراسات بإتحاد الشغل بتقديم تدقيق مالي للمالية العمومية وتقديم الأرقام الحقيقية لملف الدعم وديوان التجارة حتى يكون التعامل شفافاً، مقترحًا آليات ترشيد المصاريف العمومية ومراجعة بعض الإعتمادات المرصودة في قانون المالية 2014 وتقييم الديون المتخلدة بذمة الصناديق الإجتماعية.

مشاركة شكلية

اعتبر النائب الحريزي أنّ حضور الأحزاب يبدو ذا طابع شكلي، مشيرًا إلى تعقّد الوضع بعد ثورة 14 يناير بعد أن دافعت المافيا الداخلية على مصالحها بأشكال عديدة منها الحرق وإشاعة الفوضى وتعطيل سير الإقتصاد والقيام بحملة في الخارج لتعطيل كل مساندة اقتصادية لتونس.&

وأضاف أنّ اتحاد الشغل والفرقاء السياسيين يتنصلون اليوم من مسؤولية المساهمة في تعفن الوضع وتسهيل وصاية صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ودول أخرى بدعمها لكل أشكال الفوضى أو تقصيرها في إيجاد مبادرات أو حلول أو أي إحاطة بالمطالب الإجتماعية التي وصلت أحيانًا حد العدمية والأنانية المجحفة وأضرت بمصالح المعنيين.

وأشار إلى تعرض تونس إلى حملة ابتزاز من عدة أطراف استغلت عاملي الصعوبات الإقتصادية والأزمة السياسية.

بعد هيكلي

قال الخبير الإقتصادي والقيادي في "الجبهة الشعبية" مصطفى الجويلي إنّ المحاور المطروحة في مؤتمر الحوار حول الإقتصاد ذات بعد هيكلي، وهي بالتالي لا تخدم مسائل استعجالية وحارقة لأنّ هذه الحكومة موقتة، ورغم ذلك فهي تريد فرض مجموعة من الإجراءات الجاهزة.

وأوضح الجويلي في حديثه لـ"يلاف" أنّ صندوق النقد الدولي اشترط على تونس تنفيذ جملة من الإجراءات حتى تحصل على القسط الثاني من القرض ومن بينها ترشيد الدعم على السلع الإستهلاكية خاصة وذلك على مدى ثلاث سنوات.

وأبرز أنّ الجبهة الشعبية تقدمت بجملة من الإقتراحات، مؤكدًا وجود تلاعب بدعم مجموعة من المواد الإستهلاكية التي يستفيد منها الفقير والغني على حدّ سواء، وهو ما يدعو إلى التأكيد على أنّ الدعم يجب أن تتمتع به الفئات الضعيفة دون غيرها.

إشكالية الدعم

وشدد الجويلي على أنّ إشكالية الدعم هيكلية، وهي في علاقة بمنوال التنمية ويتم حصرها الآن في الأسعار، وأكد على ضرورة وضع حدّ لكل تلاعب داخل المنظومة التي تشكو الفساد.

وأوضح أن تونس تخسر سنويًا 400 مليون دينار بسبب هذه المنظومة الفاسدة من خلال التهريب وبيع السلع المدعمة واستغلالها من طرف من لا يستحقها.

وأشار إلى أنّ الحكومة ستعمل على الترفيع في الأسعار دون التفكير في حلول أخرى يستفيد منها الفقراء.&&&

من جانبه، قال الناطق الرسمي بإسم الجبهة الشعبية حمه الهمامي: "يمثل الحوار الإقتصادي غطاء سياسيًا لتمرير إجراءات خطيرة هي عبارة عن إملاءات المؤسسات المالية الدولية قد تتسبب في انفجار اجتماعي".

وأقرّ الهمامي في تصريح إعلامي بإعتزام الحكومة الترفيع في أسعار بعض المواد الإستهلاكية، مؤكدًا رفضه لرفع الدعم الذي سيثقل كاهل الطبقات الفقيرة ويعيق مقدرتها الشرائية.

الجباية والمديونية

وبين الجويلي أنّ من بين المآخذ مسألة الجباية، ولما تم طرح محور المالية أشاروا إلى "توازن المالية العمومية"، وهو الإسم المتداول لدى صندوق النقد الدولي وبالتالي العمل على التخفيض من العجز، وهو ما يجرّ مباشرة إلى التخفيض في النفقات، مشيراً إلى أنه تم اقتراح محور المالية من زاوية الموارد، وهو ما يحيل مباشرة إلى مسألة الجباية ومقاومة التهرب الضريبي، مؤكدًا أنّ أصحاب المؤسسات لا يدفعون الضرائب.

واقترح كذلك الخوض في مسألة المديونية، وهي المرفوضة من الحكومة حيث تتجه إلى إجراءات جاهزة، ومن بينها التوازن في النفقات وتجميد الأجور والإنتدابات، مؤكدًا رفض مثل هذه الحلول.

وأكد الخبير الإقتصادي الجويلي أنّ أغلبية الأحزاب تقبل بهذه الإجراءات، ولكن الجبهة الشعبية لها مآخذ على هذا الحوار جملة وتفصيلاً، وستعلن يوم الثلاثاء القادم في ندوة صحافية عن موقفها النهائي بالإستمرار في المشاركة والقبول بمخرجات الحوار أو المقاطعة.

التوافق

وأكد اتحاد الأعراف في بيان اطلعت عليه "إيلاف" على أهمية المؤتمر الوطني للحوار حول الإقتصاد، مشددًا على "ضرورة التزام كل الأطراف بالعمل على إنجاحه وتذليل الصعوبات أمام اللجان المختصة المكلفة بإعداد المؤتمر والشروع في معالجة المصاعب التي يعاني منها الإقتصاد واتخاذ الإجراءات الضرورية في كنف التوافق".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف