اقتصاد

القرار أثار موجة تكهنات واسعة وتحليلات مختلفة

لبنان: إغلاق البنك الأهلي يخلط السياسة بالإقتصاد

إغلاق البنك الأهلي في لبنان يتشعب بين التوتر السياسي والجدوى الاقتصادية
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
في الأزمات تختلط أوراق السياسة والاقتصاد، وتقود إلى تكهنات وتحليلات تفسر بعض القرارات الاقتصادية وفقاً للمواقف السياسية، وإقفال البنك الأهلي السعودي لفرعيه في لبنان شكّل أنموذجًا في هذا الإطار، فرغم تأكيد المصرف بأن الجدوى المالية تقف خلف قراره، إلا أن التوظيف السياسي حضر بقوة، لا سيما لجهة ربطه بقرار الحكومة السعودية وقف كافة مساعداتها للجيش اللبناني.
لندن: بعد أكثر من 64 عاماً من العمل في السوق اللبنانية، قرر البنك الأهلي السعودي المملوك لصندوق الاستثمارات العامة إقفال فرعيه، وإعادة الودائع إلى أصحابها، وتصفية جميع المعاملات العائدة لزبائنه اللبنانيين والسعوديين وفق الأصول المصرفية تمهيدًا للخروج من السوق اللبنانية بشكل نهائي.&هذا القرار أثار تكهنات واسعة وتحليلات مختلفة ربطته بالملفات السياسية، وأُخرى براغماتية تشير إلى الجدوي الاقتصادية وحدها، لكن لغة المال وحسابات الربح والخسارة، وفقاً لوجهات النظر السعودية واللبنانية، العامل الرئيس وراء ذلك، ولا علاقة له بالملفات السياسية، وهو ما يؤكده نص اتفاقية التعويض الذي تم الاتفاق عليها بين الإدارة العامة للبنك الأهلي وممثلي موظفي الفرعين.&&تاريخياً، يعود دخول البنك الأهلي السعودي إلى السوق اللبنانية إلى الخمسينيات من القرن الماضي، تحديداً في العام 1952 بداية عهد الرئيس كميل شمعون (1952-1958)، والتي شهدت استقرار في الاقتصاد اللبناني، وقبل أن تنتقل ملكية البنك للحكومة السعودية التي وقفت إلى جانب لبنان مالياً وسياسياً حقبة طويلة، قبل أن تتخذ قرارها الأخير الأسبوع الماضي.&ويقتصر نشاط البنك على أنشطة تقليدية لا علاقة لها بالاستثمار، وفقاً لما نشر على موقعه الالكتروني، وعلى الحساب الجاري والادخار، بالليرة اللبنانية أو الدولار الأمريكي أو الريال السعودي أو اليورو، بالإضافة إلى الحوالات والضمانات، وعمليات الخزينة، وبيع شيكات الحج، وتسوية فواتير الكهرباء والهاتف وغيرها من الفواتير، والسحب من الحسابات لدى البنك الأهلي التجاري في السعودية وبطاقات الائتمان وخدمات الصراف الآلي.&أسباب الإغلاق&وفي هذا الإطار، أكدت مصادر مطلعة داخل البنك السعودي المملوك لصندوق الاستثمارات العامة لـ "إيلاف"، أن قرار الإغلاق كان مقرراً في العام 2015، وأُبلغت الحكومة اللبنانية ممثلة في المصرف المركزي في حينه، وكذلك تم إبلاغ الموظفين العاملين في فرعي لبنان بذلك، ومنذ الحين وإدارة البنك تبحث مع موظفي البنك آليه تعويضهم عن هذا القرار الاستثنائي.&وشددت المصارد أن السبب يعود إلى عدم الجدوى الاقتصادية من استمرار هذين الفرعين في عملها، كون تكاليف التشغيل لهما مرتفعة جداً قياساً إلى ربحيتهما، لافتاً إلى أن البنك مؤسسة تهدف إلى الربح، وبالتالي فأن الجدوى المالية عامل رئيس في اتخاذ هذا القرار، مؤكداً أن البنك قد يضطر لإغلاق فروع محلية لذات السبب، وأن إغلاق البنك قرار إداري بحت، تم اتخاذه من قبل إدارة البنك قبل التطورات السياسية الأخيرة، وحتى قبل أن تقرر السعودية بدء عاصفة الحزم ضد حلفاء إيران في اليمن.&وتتطابق الراوية السعودية مع المصادر اللبنانية التي تشير إلى أن إغلاق فرعي البنك في بيروت يعود الى مطلع العام 2015، وأن وفد من إدارة البنك أبلغ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رغبة الإدارة المركزية للمصرف في إقفال فرعيه في لبنان وتصفيتهما، وسلّمه آنذاك كتابا رسمياً يشرح معطيات القرار ومفاده بأن كلفة تشغيل البنك في لبنان باتت تفوق إنتاجيته.&اتفاقية التعويض&وكانت إدارة البنك السعودي قد إبلغت مطلع العام الماضي 2015 موظفي فرعي لبنان، البالغ عددهم نحو ٢٥ موظفاً، قرارها بإغلاق فروع البنك نهائياً، ومن ذلك الحين وإدارة البنك في &اجتماعات مع ممثلي موظفي الفروع في لبنان للتوصل لآلية مناسبة لتعويضهم، حتى توصلت الإدارة العامة للبنك الأهلي التجاري، ممثلة بمدير مجموعة التطوير والاستراتيجية فيصل السقاف، مع ممثلي موظفي فروع البنك في لبنان إللى اتفاقية تقضي بدفع تعويض صرف استثنائي لجميع المستخدمين.&وتنص الاتفاقية على دفع كامل التعويض للمستخدمين المقرر صرفهم فوراً بتاريخ 31/12/2015 في حال صدور موافقة مصرف لبنان على تصفية البنك قبل هذا التاريخ، وإلا يدفع عند صدور هذه الموافقة. أما المستخدمون المطلوب منهم البقاء في العمل مدة إضافية لإنجاز أعمال التصفية النهائية، فيدفع لهم 75% من قيمة التعويض بتاريخ 31/12/2015 (أيضاً في حال صدور موافقة مصرف لبنان على تصفية البنك قبل هذا التاريخ أو بالتاريخ الذي تصدر فيه الموافقة)، على أن يحتفظ البنك بـ 25% المتبقية في حساباته بالدولار الأميركي حفاظاً على قيمة التعويض، وذلك لحين ترك العمل نهائياً، أي بعد إنجاز المطلوب منهم للتصفية.&&سوء التوقيت&&رغم اقتصادية القرار، إلا أن أوساط اقتصادية لبنانية لم تخف شكوكها من أن يكون هذا القرار بداية لقرارات أخرى، تتعلق بالاستثمارات السعودية المباشرة &في لبنان، مما قد يشكل ضربة للاقتصاد اللبناني الذي لم يكن في أفضل حالته، بل مرشحاً لمزيد من السوء في حال بقي الوضع كما هو. هذا الأمر نفته المصادر السعودية، مشيرة إلى أن توقيت الإغلاق وتصادفه مع قرارات الحكومة السعودية ساهم بهذا الخلط بين الاقتصاد والسياسية، ولو كان قرار إغلاق فروع البنك له علاقة بالموقف السعودي، لشمل ذلك الاسثتمارات السعودية في لبنان التي بلغت نحو 4 مليار و819 مليون دولاراً.&ولكن ترى بعض التحليلات ان تمادي حزب الله قد دفع الرياض إلى إغلاق البنك الأهلي السعودي في بيروت، وذلك ردا على الموقف العدائي الذي يمارسه حزب الله &ضد السعودية، والذي بات يسيطر على مفاصل القرار في لبنان.&كما وأكدت مصادر مصرفية لبنانية لوسائل الاعلام إن خروج البنك الأهلي السعودي، وهو أحد أكبر البنوك السعودية والمعتمد في معظم المعاملات الحكومية، يشكّل مؤشرا سلبيا ليس على المستويات المصرفية والاقتصادية وحسب، بل في مجمل العلاقات المميزة القائمة بين لبنان والسعودية.&ولا يزال هناك تكهنات ان هذا ليس القرار الأول او الأخير وقد يكون بداية لسلسة من لإجراءات التي ستتخذها المملكة العربية السعودية في لبنان، علما أن المملكة العربية السعودية وقفت مع لبنان سياسيًا واقتصاديًا، وحتى أبدت استعدادها لتقديم العون العسكري للبنان.&ومن هذا المنطلق، حذر سياسيون لبنانيون من تداعيات وعواقب سياسات حزب الله الاستفزازية ضد المملكة العربية السعودية. ويرى مراقبون ان حزب الله يقوم بدور المخلب الايراني في المنطقة وينتهز كل فرصة ومناسبة ممكنة لمهاجمة السعودية في اطار العداء الايراني للمملكة.&ولعل من أهم أشكال هذا الدعم هبة الثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني، والتي جرت في إطار صفقة مع فرنسا لشراء أسلحة وعتاد له، وهناك مخاوف حقيقية ومبررة أن هذه الأسلحة ستقع بأيدي حزب الله الذي لا يخفي ولاءه لايران، وهذه المخاوف دفعت السعودية إلى تجميد الصفقة.&ويخشى اللبنانيون خاصة المقيمين في المملكة للعمل من اتخاذ إجراءات بحقهم في مقبل الأيام، منتقدين تصرفات حزب الله التصعيدية اللامسؤولة ضد المملكة العربية السعودية، فيما لم يعد خافيا على أحد ان هناك حملة منسقة من قبل ايران وحزب الله ضد المملكة بسبب دعمها للشعب السوري ومعارضتها لسياسة الأرض المحروقة التي يمارسها النظام السوري ضد الشعب السوري.&وأثارت تصريحات حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، الاستفزازية ردود فعل غاضبة في لبنان ذاته، حيث يرى متابعون أن المملكة لديها الحق في اتخاذ أي إجراء ضد سياسات الحزب، ولكن مع عدم التخلي عن لبنان كليًا وتركه لقمة سائغة لايران وحزب الله.&&وقد تختلف الاراء والتحليلات الا ان هناك تحفظات من بعض الخبراء في الشأن المصرفي ان لبنان ليس البيئة المثالية للبنوك السعودية، ولكن ليس من السهل فصل السياسة عن الاقتصاد والمال.

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف