اقتصاد

يحاول إرساء التوازن بين التزاماته المتضاربة

الاتحاد التونسي للشغل: دورٌ سياسي ونقابي

فمعدل البطالة في تونس يزيد على 15%
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يسعى الاتحاد التونسي للشغل إلى التوفيق بين دوره السياسي الفعّال وبين مهامه النقابية الملحة، لا سيما في ضوء ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات مقلقة.&تونس: قام الاتحاد العام التونسي للشغل بدور قيادي ضمن عملية الانتقال الديمقراطي في تونس وفاز في عام 2015 بجائزة نوبل للسلام مع مجموعة من منظمات المجتمع المدني تقديرًا لهذا الدور.&ولكن الاتحاد العام التونسي للشغل، رغم مساهماته هذه في مسيرة تونس الديمقراطية، يبقى منظمة نقابية عمالية، والانتقال الديمقراطي لم يسفر حتى الآن عن المكاسب الاقتصادية التي تأتي على رأس اهتمامات اعضائه، فمعدل البطالة في تونس يزيد على 15%، وهي نسبة أعلى من ما كانت قبل الثورة، فيما تشمل البطالة أكثر من نصف خريجي الجامعات، كما واظهر استطلاع أُجري في مطلع العام الجاري، أن 86% من التونسيين قالوا ان الوضع الاقتصادي سيء، وهي أعلى نسبة منذ عام 2011. ولعل اجراءات الطوارئ التي تعهدت بها الحكومة ودعواتها الى الهدوء انهت الاحتجاجات في الوقت الحاضر، لكن المشاكل التي يعانيها الاقتصاد التونسي ما تزال بلا حل.&&الاصلاحات&وسيكون مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل، بالتزامن مع الانتخابات المحلية في وقت لاحق من العام الحالي، مناسبة مهمة في تحديد سياسة الاصلاحات الاقتصادية الموعودة خلال السنوات الخمس المقبلة، وسيتبدى في هذه الانتخابات ميزان القوى المتصارعة داخل الاتحاد وفي تونس عموما، بين العلمانية والاسلامية، والمناطقية بين الساحل والعمق، واليسارية والمحافظة، بما في ذلك من نتائج بالغة الأثر على البطالة بين الشباب الذين كانوا محرك الثورة وما زالوا ينتظرون ثمارها.&&وبعد الثورة تعرض الاتحاد العام التونسي للشغل الى ضغوط من اجل الاصلاح، مثله مثل سائر المؤسسات الوطنية الأخرى، وقد تكللت جهوده من اجل الاصلاح بمؤتمر وطني في كانون الأول (ديسمبر) 2011، بالإضافة إلى انتخاب قيادة ضمت 13 نقابيا من الوجوه الجديدة، كما وشهد المؤتمر انقسامات ادت الى انسحاب نقابيين ينتمون الى حركة النهضة الاسلامية من الاتحاد، فيما عاد الكثير منهم لاحقا، معترفين بموقعه القوي في المجتمع التونسي وفشلهم في ايجاد بديل اسلامي.&ولكن تداخل ادوار الاتحاد السياسية في حماية الديمقراطية والنشاط مع منظمات المجتمع المدني أثر في مهمته الأساسية المتمثلة بتحسين الأوضاع المعيشية لأعضائه. &&ارتفاع البطالة&وينتمي اعضاء الاتحاد الى الطبقة العاملة والوسطى وغالبيتهم من منتسبي القطاع العام، وقد أدى تردي الوضع الاقتصادي وتفاقمه بالعديد من الاغتيالات والهجمات الارهابية الى ارتفاع معدل البطالة ومطالبة ارباب العمل بقدر أكبر من المرونة في التشغيل والتسريح ودعوة سياسيين الى تقليص حجم القطاع العام لتخفيف الأعباء المالية عن كاهل الدولة.&&وحقق الاتحاد العام التونسي للشغل مكاسب عديدة للعمال، بينها الحد من نظام السمسرة بالأيدي العاملة الذي كان بمثابة شبكة لمحاسيب النظام، والتقليل من عدد العاملين بعقود قصيرة الأمد غير مضمونة، واجراء مفاوضات ناجحة لزيادة الحد الأدنى للأجور في القطاع العام.&&واستعرض الأمين العام المساعد للاتحاد بلقاسم العياري في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست بنود برنامج طموح أعده الاتحاد، بينها اعادة النظر في قانون العمل ليكون منسجما مع المعايير الدولية، واضافة فقرات تنص على المساواة بين الجنسين وتجعل من الأصعب على ارباب العمل تسريح العمال، بالإضافة إلى زيادة تمثيل عمال الصناعات الصغيرة والمتوسطة وعمال القطاع غير الرسمي.&&ولكن هذه الانجازات لا ترتقي الى مستوى المشاكل الاقتصادية المستمرة والمتزايدة التي تواجه العمال التونسيين، فيما يلاقي الاتحاد صعوبة في زيادة تشغيل الأيدي العاملة أو احداث تغيير حقيقي في سياسة التنمية الاقتصادية في مناطق العمق، وقد كشفت الاحتجاجات التي جرت في كانون الثاني (يناير) عن حدة مشاعر الاحباط إزاء فشل الاتحاد العام التونسي للشغل في معالجة الركود الاقتصادي.&وادى هذا الفشل الى انتقادات من داخل الاتحاد استهدفت تركيزه على النشاط السياسي، ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن القائد النقابي عدنان حاجي قوله: "إن الوضع الحالي كارثي، وإن الاتحاد العام التونسي للشغل غيَّر اتجاهه وأخذ يحوّل دوره الى دور سياسي، وهذا أمر محزن". &&من المشاكل الرئيسية التي تواجه الاتحاد ان قلة من المشاركين في الاحتجاجات في المناطق غير الساحلية اعضاء فيه، وقال العياري ان قوة الاتحاد تكمن في القطاع العام. &&توازن&ويشكل العاطلون عن العمل الأغلبية العظمى من الفقراء التونسيين، وتبلغ نسبة البطالة بين الشباب في المناطق غير الساحلية أكثر من 40 في المئة، وهناك شريحة واسعة من العاملين في القطاع غير الرسمي الذي يضم نشاطات السوق السوداء مثل التهريب والمتاجرة بالبشر، لكن قسمًا كبيرًا من هذه النشاطات يتركز على بيع بضائع بسيطة دون ترخيص حكومي أو تهريب السيارات أو قطع الغيار عبر الحدود الجزائرية لتفادي الضرائب والرسوم الجمركية، والعمل الزراعي خارج المشاريع الحكومية، وهي كلها تشكل نشاطات "القطاع غير الرسمي" أو "الاقتصاد الموازي".&&وقال مصطفى بكوش، من اتحاد ارباب العمل، إن الاقتصاد الموازي يمكن ان ينمو بحيث يزيد حجمه على النشاط التجاري القانوني، داعيًا الى ضرورة ضمه للاقتصاد المشروع، لكن محاولة اضفاء شرعية على العاملين في الاقتصاد الموازي كانت تحديا فاق قدرات الاتحاد العام التونسي للشغل وارباب العمل على السواء.&&لذا يواجه الاتحاد العام التونسي للشغل خيارا صعبا بشأن دوره السياسي في المستقبل، وإذا قرر الاتحاد الاستمرار في التركيز على اعضائه فإنه سيعزل نفسه عن جيش العاطلين من الشباب الذين كانوا قوة محركة في المشروع الثوري. كما ويستطيع الاتحاد من الجهة الأخرى ان يعترف بهؤلاء بوصفهم مستقبل الحركة العمالية التونسية ويقوم بدور طبقي نقابي واضح، ولكن ذلك سيعرضه الى تهمة التحزب السياسي وامكانية ابتعاده عن قطاع الأعمال واحزاب يمين الوسط.&&وفيما يبحث الاتحاد العام التونسي للشغل عن دوره في تونس بعد التغيير، فإن قيادته تعمل على إيجاد توازن بين التزاماتها المتضاربة احيانا تجاه الدولة والأعضاء، ولكن إذا اخفق الاتحاد في جمع الشباب العاطلين والعمال غير الممثلين، فإن الاحتجاجات الأخيرة لن تكون الأخيرة.&

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف