اقتصاد

انهماكها في ترسيخ حزبها قد يؤثر في سياسات التقشف

مشاغل ميركل الداخلية تترك فراغًا في أوروبا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من برلين: اعترفت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، المعروفة بهدوئها ورباطة جأشها في مواجهة الأزمات الأوروبية بأن "العالم يجد نفسه في وضع حرج"، وأن "لا معنى في رسم صورة وردية له".

ويرى مراقبون أن وضع ميركل، التي أمضت 11 عامًا في قيادة أكبر الاقتصادات الأوروبية، لا يبدو ورديًا هو الآخر. فالمستشارة الألمانية بعد سنوات من الشعبية في الداخل، حتى إنها أصبحت أقوى زعماء أوروبا، ستواجه في العام المقبل انتخابات برلمانية وهي في موقف ضعيف سياسيًا تتخطى تداعياته الحدود الألمانية.  

عزلة أوروبية
عندما تصل ميركل إلى العاصمة السلوفاكية براتسلافا للمشاركة في قمة الاتحاد الأوروبي، بغياب بريطانيا يوم الجمعة المقبل، ستكون قدرتها على حل متاعبها الداخلية حاضرة تلقي بظلالها على المجتمعين.  

ومنذ قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي لم تفعل الحكومات الأوروبية شيئًا يُذكر للرد على صعود الشعوبية والتعصب القومي في عموم القارة أو طمأنة مواطنيها إلى أن الاتحاد الأوروبي يبقى عامل استقرار وازدهار في حياتهم. ومع تشتت اهتمام ميركل بين تعزيز موقعها في الداخل ومعالجة أزمات أوروبا، أصبحت مهمة صوغ رد موحد وفاعل على هذه التحديات أصعب بكثير. 

تسبب دفاعها العنيد عن قرارها استقبال أكثر من مليون لاجئ ومهاجر في ألمانيا في العام الماضي في عزلها عن القادة الأوروبيين الذين يواجهون تصاعد مشاعر العداء للمهاجرين والمسلمين بين ناخبيهم، وخاصة بعد الهجمات الإرهابية التي شهدتها مدن أوروبية أخيرًا. 

على حساب الاقتصاد
ويرى محللون أن مشاغل ميركل في الداخل يمكن أن تنال من قدرة ألمانيا على فرض سياسات تقشفية على بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى، وتشجع الدعوات المطالبة بمزيد من الإنفاق في البلدان التي ما زالت تعاني ارتفاع البطالة وتباطؤ النمو.  

ويمكن أن يترك انكفاء ألمانيا على نفسها للتعامل مع أزمة اللاجئين والاستعداد لانتخابات العام المقبل، فراغًا في قيادة أوروبا في لحظة حرجة. فالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بطة عرجاء هبطت شعبيته إلى مستويات قياسية، ومن المستبعد إعادة انتخابه في العام المقبل، وموقع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي ما زال هشًا في الداخل، ويصطدم بعقبات في جهوده لإثبات حضوره على المسرح الأوروبي.   

من التحديات الأخرى التي تواجه ميركل لإبقاء أوروبا موحدة رأب الصدع الذي ظهر بين بلدان أوروبا الغربية التعددية وأنظمة أوروبا الوسطى والشرقية، التي يبدي بعضها نزعات سلطوية متزايدة. 

في غمرة هذا كله تقف ميركل بوصفها الأقوى بين زعماء أوروبا والاقتصاد الألماني لا يزال الأكبر في القارة رغم المخاطر السياسية التي تهدد موقعها في الداخل، كما يذهب مؤيدوها.  

هزيمة مدوية
لكن ميركل تتعرّض إلى هجوم متصاعد من داخل كتلتها، التي تنتمي إلى يمين الوسط. ولا يخفي خصومها السياسيون في حزبها، الاتحاد المسيحي الديمقراطي، وشقيقه البافاري الاتحاد المسيحي الاجتماعي، شماتتهم بعد نجاح حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين في التقدم على حزبها، ودفعه إلى المركز الثالث في الانتخابات التي جرت في ولاية مكلنبورغ ـ فوربوميرن في شمال شرق ألمانيا في 4 سبتمبر.

وكانت هذه أول مرة يُهزم فيها حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي بقيادة ميركل أمام حزب يميني آخر في انتخابات إقليمية في تاريخ ألمانيا الحديثة. 

وقال المعلق فولفرام فايمر في قناة إن تي في التلفزيونية إن "أنغيلا ميركل تترنح، وإن هالة الانتصار التي تحيط بها تبددت، ومعها صورتها بوصفها استراتيجية ذكية بعيدة النظر".

ليست النهاية
لكن صحيفة دي تسايت الأسبوعية واسعة النفوذ قالت إن الحديث عن أفول نجم ميركل مبالغ فيه، رغم أن انكشافها إلى هذا القدر من التحديات وحده يمثل تطويرًا مثيرًا بما فيه الكفاية.

لاحظت الصحيفة أن ميركل فقدت الكثير من رصيدها، ولكنها أضافت أن وضعها "يذكرنا ببداية حياتها السياسية حين تعرّضت ميركل غير الأنيقة، الفيزيائية القادمة من الشرق الشيوعي، إلى الكثير من الانتقادات بسبب مظهرها، مع الكثير من الاستهانة بقدرتها وإرادتها للوصول إلى القمة".   

وأبدت المستشارة هذا التصميم وهذه الإرادة قبل أيام بخطاب قوي في البرلمان دافعت فيه عن سياستها الداخلية واتفاقها المثير للجدل مع تركيا لوقف تدفق اللاجئين. وقالت ميركل إن تدفق اللاجئين توقف تقريبًا منذ توقيع الاتفاق. والتقت ميركل مع جميع قادة الاتحاد الأوروبي تقريبًا قبل قمة براتسلافا يوم الجمعة المقبل. وقالت دانيلا شفارتزر المديرة في صندوق مارشال الألماني في برلين إن ميركل ما زالت صاحبة الكلمة الأخيرة بينهم.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن شفارتزر قولها: "إن ميركل لم تفقد السيطرة أو القدرة على قيادة ألمانيا، ولكن سيتعيّن عليها أن تأخذ في الحسبان أن هناك أصواتًا عالية في الأحزاب الشعوبية وأصواتًا نقدية في معسكرها هي". 

ويحتل حزب "البديل من أجل ألمانيا" مقاعد الآن في برلمانات تسع ولايات من أصل 16 ولاية ألمانية، ويبدو من المرجح أن يفوز بمزيد من المقاعد في انتخابات ولاية برلين يوم الأحد المقبل.

أعدت "إيلاف" المادة نقلًا عن صحيفة نيويورك تايمز
يمكنكم قراءة المادة الأصل عبر الرابط:  

http://www.nytimes.com/2016/09/12/world/europe/angela-merkel-germany-european-union-migrants.html?hp&action=click&pgtype=Homepage&clickSource=story-heading&module=first-column-region®ion=top-news&WT.nav=top-news&_r=0


 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف