رغم الانتعاش الموقت في الاسعار
تمديد اتفاق خفض الإنتاج النفطي مسألة حتمية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
نهاد اسماعيل من لندن: صعدت أسعار النفط قليلًا في تعاملات الأربعاء بنسبة أقل من 1% ليصل مزيج برنت إلى 50.81 دولارًا للبرميل للعقود الآجلة، وارتفع خام غرب تكساس الوسيط 28 سنتًا إلى 47.94 دولارًا للبرميل بعد أن انخفض 2.4% الثلاثاء بسبب مخاوف بشأن تراجع مستوى التزام منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) باتفاق خفض الإنتاج.
هذه أدنى مستويات لأسعار النفط منذ بدء دول منتجة داخل منظمة أوبك وخارجها تنفيذ اتفاق تخفيض الانتاج في بداية العام. لكن، بعد ظهور بيانات معهد البترول الأميركي الأربعاء، التي تشير إلى تقلص في مخزونات الخام بواقع 4.2 ملايين برميل في الأسبوع الماضي انتعشت الأسعار بنسبة لا تزيد عن 1%.
وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا ومنتجون آخرون غير أعضاء في المنظمة تعهدوا بخفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميًا في النصف الأول من 2017.
أغلب الظن أنه توافق كل من أوبك وروسيا ودول أخرى على تمديد اتفاق خفض الانتاج ستة أشهر أخرى في اجتماع أوبك المقبل في فيينا في 25 مايو الحالي لبحث موضوع التمديد. لأن عدم التجديد سيأتي بالكارثة وسنرى الأسعار تنهار باتجاه الأربعين دولارًا للبرميل او أقل من ذلك. لا خيار أمام أوبك سوى الالتزام بالتخفيض في هذه المرحلة.
التخمة مشكلة
على الرغم من الانتعاش الضئيل في الأسعار الأربعاء، إلا أنه في واقع الأمر وفي بداية الاسبوع الحالي انخفضت أسعار النفط مع تجدد المخاوف بشأن استمرار الزيادة في المعروض بضغط من ارتفاع الإنتاج الليبي، الذي تخطى 760 ألف برميل يوميًا والأميركي الذي تجاوز 9.3 ملايين برميل يوميًا، وتراجعت أسعار العقود الآجلة لخام "برنت" القياسي تسليم يوليو بنسبة 0.35% إلى 51.34 دولاراً للبرميل، فيما انخفض خام "نايمكس" الأمريكي تسليم يونيو بنسبة 0.45% إلى 48.61 دولاراً للبرميل.
في الوقت الذي قلّصت فيه عمليات الإصلاح والاضطرابات إنتاج نيجيريا وليبيا، المستثنيتين من اتفاق تخفيض الانتاج، ازدادت امدادات النفط من أنغولا، وارتفع إنتاج الإمارات العربية المتحدة عن المستوى المعتقد في البداية، ما أسهم في انخفاض مستوى الالتزام ببنود اتفاقية تخفيض الانتاج الإجمالي لأعضاء المنظمة إلى 90 في المئة مقارنة مع 92 في المئة في القراءة المعدلة لشهر مارس، وذلك بحسب مسوح رويترز.
الجدير بالذكر أن أوبك تعهدت خفض الإنتاج نحو 1.2 مليون برميل يوميًا لستة أشهر من أول يناير في أول خفض للإنتاج منذ 2008. وتخفض الدول غير الأعضاء في المنظمة إنتاجها بنصف ذلك المقدار. الهدف هو استيعاب الانتاج الفائض او التخمة من السوق التي أدت إلى انهيار الأسعار من فوق 100 دولار للبرميل أواسط 2014 إلى اقل من 52 دولاراً الآن.
وحسب محللين في وكالة الطاقة الدولية يبدو أن الالتزام باتفاق التخفيض لا يزال أعلى بكثير من اتفاق التخفيض السابق عام 2009.
ولا تزال السعودية تتحمل العبء الأكبر من تخفيض الانتاج كأكبر منتج للخام في أوبك، حيث بلغ التخفيض السعودي 574 ألف برميل يوميا، رغم أن التخفيض المطلوب رسميًا لا يزيد عن 486 ألف برميل يوميًا.
إعفاءات من الاتفاق
يجب الإشارة هنا إلى أن اتفاق خفض الانتاج استثنى عددًا من الدول المنتجة، منها ايران والعراق ونيجيريا وليبيا، لأسباب مختلفة.
يعود إعفاء ليبيا ونيجيريا إلى أسباب تتعلق بغياب الأمن والاستقرار، والعراق بسبب انشغاله بحرب ضد داعش. أما ايران فتصر على رفع انتاجها إلى 4 ملايين برميل يوميًا قبل أن تنظر في موضوع التخفيض. كل ذلك أضعف جبهة التخفيض وأفشل مشروع صعود الأسعار إلى 60 دولاراً للبرميل وما فوق.
وأعلنت أوبك أنها تسعى إلى إنتاج 32.5 مليون برميل يوميًا في اجتماع 30 نوفمبر، استنادًا إلى تراجع في الانتاج الليبي والنيجيري. وشمل ذلك إندونيسيا التي غادرت المنظمة منذ ذلك الحين.
وتعني التخفيضات الليبية والنيجيرية أن إنتاج المنظمة في أبريل بلغ في المتوسط 31.97 مليون برميل يومياً، أي بما يتجاوز المستوى المستهدف، والمعدل يعد استثناء الانتاج الاندونيسي البالغ 220 ألف برميل يوميًا.
مصادر القلق
ارتفع المخزون النفطي في الدول الصناعية المتقدمة، وفي هذا السياق قالت وكالة الطاقة الدولية في باريس حسب وكالة رويترز في ابريل الماضي أن الطلب العالمي على النفط يقترب أخيرًا من تجاوز المعروض بعد نحو ثلاث سنوات من فائض الإنتاج، على الرغم من نمو التخمة في السوق.
وقالت الوكالة إن مخزونات النفط في دول "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" هبطت 17,2 مليون برميل في مارس. وعلى مدى الأشهر الثلاثة الأولى من العام ارتفعت المخزونات 38.5 مليون برميل أو 425 ألف برميل يوميًا بعد زيادة كبيرة في يناير.
وأضافت وكالة الطاقة الدولية أن إجمالي مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفض 8.1 ملايين برميل في فبراير إلى 3.055 مليارات برميل، في الوقت الذي تجاوز فيه الطلب المعروض بنحو 200 ألف برميل يوميًا في الفترة بين يناير ومارس.
لكن المخزونات تظل أعلى من متوسط خمس سنوات بواقع 330 مليون برميل، وهو مؤشر مهم.
تفاؤل في الأفق
المصدر الثاني للقلق، الأهم والأشد خطرًا على أوبك، هو الانتاج الأميركي المتزايد الذي ارتفع من 8.5 ملايين برميل يوميًا عام 2016 إلى 9.2 ملايين برميل يوميًا في عام 2017. تتنبأ وكالة الطاقة الدولية أن الانتاج الأميركي للنفط الخام سيرتفع إلى 9.7 ملايين برميل في عام 2018.
قبل سنوات، بلغت صناعة الزيت الصخري الأميركية سعر 60 دولاراً وما فوق لتحقق ربحًا، لكن التقدم التكنولوجي قلل تكلفة الانتاج حيث من الممكن الآن أن يحقق الزيت الصخري بعض الربح حتى لو كان السعر 40 دولارًا للبرميل، ويتفادى الخسارة اذا هبط السعر إلى 35 دولارًا للبرميل.
يعتقد الخبراء أن تخفيضات أوبك ومنتجين خارجها، والتي تتزامن مع اقتراب فصل الصيف أو موسم زيادة السفر بالسيارات وارتفاع الطلب على الغازولين أو البترول خصوصًا في الولايات المتحدة، سيعني بالضرورة أن عودة التوازن للسوق ستؤتي بثمارها نهاية هذا العام. ويأمل محللون اميركيون أن تتأرجح الأسعار بين 55 و60 دولارًا للبرميل خلال الاشهر القليلة المقبلة.
كما أن هناك بوادر تشير إلى أن الطلب الصيني سينتعش وسيساعد في انتعاش الأسعار، حيث استوردت الصين خلال مارس الماضي 9.2 ملايين برميل يوميًا، وهذا فاق التوقعات. كما أن الانتاج الصيني انخفض 6.8% مقارنة بالعام الماضي إلى 3.9 ملايين برميل في الربع الأول من العام الحالي، والجدير بالذكر أن نسبة الخام الذي دخل مرحلة التكرير ارتفع بنسبة 4.5% مقارنة بالعام الفائت، وتم تكرير 11.25 مليون برميل يوميًا.
وملاحظة أخيرة بشأن ارتفاع وهبوط المخزونات الأميركية. الأرقام تتغيّر من أسبوع لآخر ومن شهر لآخر وتأثيرها على الأسعار يبقى محدودًا لا يتعدى 1 إلى 2% لذا يجب عدم المبالغة بتأثيرها على الأسواق، وكذلك تأثير المضاربات يبقى طفيفًا ويبقى السعر يعتمد على أساسيات العرض والطلب والعوامل الجيوسياسية.