السعودية تلجأ الى الطاقة النووية لوقف ارتهانها الكامل للنفط
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
دبي: بدأت السعودية خطوات عملية لامتلاك برنامج نووي سلمي بهدف تنويع مصادرها من الطاقة بدل الارتهان تماماً للنفط، الا ان الطريق نحو تشغيل أول مفاعل سعودي لن يكون سهلا في ظل مخاوف متصلة بالحد من الانتشار النووي في الشرق الاوسط.
ووافق مجلس الوزراء السعودي الثلاثاء على السياسة الوطنية لبرنامج الطاقة الذرية، قبل نحو اسبوع من قيام ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان بزيارة الى الولايات المتحدة بين 19 و 22 اذار/مارس.
وتؤكد السعودية، اكبر مصدر للنفط في العالم، ان الاقتصاد هو دافعها الرئيسي لاقامة مشروع للطاقة النووية. وتعاني المملكة منذ سنوات من انخفاض اسعار الخام، وتواجه صعوبات في التأقلم مع الطلب المتزايد على الطاقة.
وفي تشرين الاول/اكتوبر الماضي، قال وزير الطاقة خالد الفالح ان البرنامج النووي السعودي سيبدأ بمفاعلين ينتجان 1,2 و1,4 غيغاوط من الكهرباء.
وتنص السياسة الحكومية السعودية على "حصر جميع الانشطة التطويرية الذرية على الأغراض السلمية في حدود الاطر والحقوق التي حددتها التشريعات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية"، بحسب وكالة الانباء الرسمية.
لكن طموحات هذه القوة الاقليمية، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الاوسط والعالم، تخضع رغم ذلك لعملية تدقيق ودراسة في واشنطن، خصوصا وانها تأتي في خضم معركة مستمرة بين ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترمب وطهران حيال برنامج ايران النووي.
وكانت المملكة سرعت خططها لبناء 16 مفاعلا نوويا خلال العقدين المقبلين، وفقا لمسؤولين ومحللين، بكلفة تقارب 80 مليار دولار. ومن المتوقع ان تنتج هذه المفاعلات نحو 17,6 غيغاواط من الكهرباء، اي حوالى 10 بالمئة من حاجة المملكة، بحلول عام 2040.
- عروض وشركات -
ويتوقع ان تعلن الرياض الشهر المقبل عن لائحة مصغرة تضم شركتين او ثلاث من بين تلك التي تسعى الى الفوز بالعقود الخاصة بالمشروع النووي.
وقال عبد الملك الصابري وهو مستشار بمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة ان الشركات المتنافسة حاليا تنتمي الى عدة دول بينها الصين وكوريا الجنوبية وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة.
وسيقع الاختيار في كانون الاول/ديسمبر المقبل على الشركة التي ستبني اول مفاعلين نووين، حسب ما أبلغ الصابري وكالة بلومبرع المالية في كانون الثاني/يناير الماضي، مشيرا الى ان عملية البناء ستبدأ العام المقبل الا ان التشغيل لن يتحقق قبل سنة 2027.
ويأتي قرار حيازة برنامج نووي متزامنا مع ارتفاع الطلب على الطاقة في السعودية بنسبة خمسة بالمئة سنويا، رغم تراجع هذه النسبة العام الماضي بفعل قيام الحكومة بوقف الدعم على المحروقات.
وقال عبد الله الشهري، محافظ هيئة تنظيم الكهرباء في السعودية لوكالة فرانس برس، انه من المتوقع ان يتضاعف استهلاك الطاقة خلال السنوات ال15 المقبلة، ليصل الى 120 غيغاواط بحلول 2032.
وتعتمد المملكة على النفط والغاز لتوليد الطاقة وتحلية المياه، لذا فان اعتماد مصادر بديلة للطاقة في الداخل، وبينها الطاقة الشمسية، سيسمح بتصدير كميات أكبر من النفط الى الخارج بلد استهلاكها محليا.
وبحلول 2045، سيتم انتاج 55 بالمئة من الطاقة في السعودية من الطاقة البديلة، وبينها الشمسية والحرارية والنووية والرياح، وفقا لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة.
ويشير الوزير فالح الى أن المشروع هذا سيكلف السعودية نحو 67 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة. الا ان دراسة أجرتها نشرة "ميدل ايست ايكونوميك دايجست" الاسبوع الماضي أظهرت ان السعودية انفقت بالفعل 82 مليار دولار على مشاريع تتعلق بالكهرباء خلال العقد المنصرم.
- تكلفة واسئلة -
ووقعت السعودية خلال السنوات الاخيرة عددا من الاتفاقيات لتعزيز التعاون النووي مع أكثر من عشر دول بينها فرنسا والصين وروسيا.
وقد يثير المشروع السعودي جدلا في واشنطن حيث تدور معركة بين ادارة ترمب وطهران حيال الاتفاق الموقع مع ايران بشأن برنامجها النووي. ويهدد الرئيس الاميركي بانهاء الاتفاق، متهما ايران بخرقه مرارا، وسط مخاوف من ان تكون طهران تعمل سرا على انتاج اسلحة نووية.
ويحذر محللون من ان القدرة على انتاج أسلحة نووية قد تفتح الباب امام احتمالات عسكرية في الشرق الاوسط، حيث تملك اسرائيل برنامجا نوويا، وتقيم الامارات بدورها مشروعا من المفترض ان يبدأ انتاج الطاقة هذا العام.
وقال جيمس دورسي من جامعة اس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة ان "المخاوف حيال انطلاق سباق تسلح في الشرق الاوسط سببها عدم اليقين بشأن استمرار الاتفاق النووي الموقع عام 2015 مع ايران".
كما ان "استعداد الولايات المتحدة لمراجعة الضمانات الصارمة التي تطلبها في مقابل مصالح اقتصادية، واستعداد موردين مثل روسيا والصين لتجاهل المخاطر الناجمة عن تقليل الرقابة"، يساهمان في تأجيج هذه المخاوف.