اقتصاد

قمة العشرين 2019 فرصة لحلحلة الملفات المعقدة

هل تخلت واشنطن عن دورها القيادي في التجارة الدولية الحرة؟

قادة مجموعة العشرين خلال قمتهم الحالية
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من لندن: في اللحظة التي عقد فيها لقاء مجموعة العشرين في اليابان سادت التوترات والنزاعات التجارية والسياسية الأجواء وتفاقمت الاختلافات بين الصين والولايات المتحدة. الاقتصاد العالمي يتراجع. وقد تنشب حرب عسكرية بين واشنطن وطهران. الحرب الكلامية تتصاعد. وسط هذه الاجواء المشحونة انطلقت في أوساكا الجمعة أعمال قمة مجموعة العشرين تحت الرئاسة اليابانية. وعلى مدى يومين يناقش قادة مجموعة الدول الصناعية والنامية قضايا الاقتصاد العالمي والتجارة.&

يذكر أنه من بين كل اللقاءات الثنائية التي عقدت على هامش القمة، كان لقاء ترمب، السبت، مع نظيره الصيني، ووصف هذا اللقاء بأنه "قمة داخل القمة"، إذ تدور مواجهة بين بكين وواشنطن من أجل ضمان الهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية في العالم.

حسب التقارير الإخبارية، قررت واشنطن تأجيل فرض تعرفة جمركية إضافية على 300 مليار دولار من المستوردات الصينية وفتح المجال لمزيد من المحادثات بين الطرفين.

ترمب يهدد الصين ويزعزع النظام العالمي
دونالد ترمب رئيس الدولة التي أسست أنظمة التجارة الدولية يعمل كل ما بوسعه لتقويض نظام التجارة العالمي وتعطيل حركة التبادل التجاري بين دول العالم، ولأغراض سياسية محلية وطنية ضيقة. وهدد ترمب بفرض ضرائب جمركية على المستوردات من المكسيك في غضون شهور عدة بعد توقيع اتفاقية مع كندا والمكسيك لتحرير التجارة من القيود والبيروقراطية والتعرفة الجمركية في أميركا الوسطى والشمالية.

ليس غريبًا أنه في هذا العام وقّعت أوروبا واليابان صفقة تجارية ضخمة من شأنها فتح فرص مغرية أمام الشركات الأوروبية واليابانية، تستثني الشركات الأميركية التي ستكون الخاسر الأكبر.

بموجب الشراكة عبر الباسفيك المعروفة بالحروف TPP وقعت 11 دولة صفقة تجارية جديدة، حيث وافقت اليابان على فتح أسواقها، التي كانت معزولة بالسياسات الحمائية اليابانية للمنتجات الزراعية، وهذا فتح فرص ذهبية للمزارع الأميركي لكي يصدر منتجاته إلى اليابان، ولكن الرئيس ترمب أغلق هذا الباب، وترك المجال للمزارعين الأوروبيين باستغلال الفرص.

استجابت الصين لجمارك ترمب بجمع ضرائب على المنتجات الأميركية الزراعية، بما فيها فول الصويا والمواد الخشبية، وفي الوقت عينه قامت الصين بتخفيض التعرفة الجمركية على المستوردات من دول مثل كندا وألمانيا. حيث رفعت الصين التعرفة الجمركية على المواد الزراعية والبحرية، كالأسماك المستوردة من الولايات المتحدة، إلى 42%، وخفضّت التعرفة من 19% إلى 10 % على منتجات من دول العالم الأخرى.

حسب دراسات أميركية، نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" قبل أسبوع، فإن حرب ترمب التجارية لن تجلب الوظائف إلى الولايات المتحدة، ولكنها جلبت تكاليف أعلى وأسعار أعلى إلى المستورد والمستهلك والمصانع، ورفعت التكلفة الصناعية، والأسوأ من ذلك أنها عطلت سلاسل إمدادات وشبكات لوجستية كاملة في آسيا وأميركا اللاتينية وأوروبا.

وفي استفتاء أجرته غرفة التجارة الأميركية في الصين في شهر مايو الماضي وجدت أن 40% من أعضاء الغرفة نقلوا أو خططوا لنقل عملياتهم الصناعية والتجارية خارج الصين ومن المغادرين أقل من 6% عادوا إلى الولايات المتحدة. الثلث تقريبًا يدرسون إمكانية النقل إلى أماكن أخرى في آسيا أو حتى المكسيك.

من العواقب للحرب التجارية أن الشركات تتخذ قرارات بتأجيل الاستثمار وتتعامل بالحذر من الخوض في مشاريع استثمارية تحت ظروف الحرب التجارية. وهذا يشابه تأثير بريكست على بريطانيا، رغم أن بريكست مسألة إقليمية، بينما الحرب التحارية مسألة عالمية. وخفضت حرب ترمب التجارية التوقعات في النمو الاقتصادي على مستوى عالمي.

واشنطن تستهدف منظمة التجارة العالمية
ساهم الرئيس ترمب في زعزعة أنظمة وقواعد وأسس التجارة العالمية في حربه التجارية مع الصين. الحرب التجارية التي أطلقها خلقت ارتباكًا وتكلفة إضافية للمصانع الأميركية والمستهلك الأميركي، ولا يزال يهدد بفرض تعرفة جمركية بنسبة 25% على مستوردات صينية بقيمة 300 مليار دولار أخرى.

اعتبر بعض الخبراء في الغرب أن هذه الحرب قامت بتوجيه ضربة مؤلمة لعمل وقواعد النظام التجاري العالمي، وخاصة لمنظمة التجارة العالمية WTO، وأن فرض جمارك تعسفية على المكسيك هي صفعة في وجه منظمة التجارة العالمية وتهديد لدورها وقواعدها التي تنظم التجارة العالمية. وبتوجيه ضربة إلى المنظمة يكون ترمب قد خدم الصين وغيّر قواعد اللعبة.

تراجع الاستثمارات والنمو الاقتصادي العالمي
من العواقب الوخيمة أن تدفق الاستثمارات المباشرة العالمية تراجعت بنسبة 13% في العام الماضي، وهذا أدنى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 و2009 وفق مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في أواسط شهر يونيو.

ومن المستغرب أن الرئيس ترمب اعتبر تراجع الاقتصاد الصيني وتباطؤ النمو كدليل أن سياسته في شن حرب تجارية بدأت تؤتي أكلها، وأن الولايات المتحدة استفادت بواقع 24 ترليون دولار، والصين خسرت 20 ترليون دولار. ولم تؤيّد هذه الأرقام أي مصادر دولية موثوقة.

فرض ترمب جمارك على 250 مليار دولار من البضائع الصينية، كما فرض جمارك على منتجات الحديد والألمنيوم من شركاء الولايات المتحدة التجاريين. ويهدد أوروبا واليابان بفرض تعرفة جمركية على السيارات.

ويتوقع البنك الدولي أن ينقص النمو الاقتصادي العالمي بنسبة 0.3% بسبب الحرب التجارية، وهبط النمو الاقتصادي العالمي إلى أدنى مستوياته منذ عام 2008. وعانت الصين من أضعف نمو اقتصادي منذ 28 عامًا.

كما تتوقع مؤسسة مودي للتصنيف الائتماني أن نمو الاقتصاد الصيني في هذا العام سيهبط من 6.6 % إلى 6.2% إذا استمرت الحرب التجارية. فهل ستغيّر مؤتمر قمة العشرين مواقف واشنطن؟ وهل سنرى تسوية صينية أميركية للنزاعات التجارية؟.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف