اقتصاد

مع تأكيده السعي إلى التفاوض حول إعادة هيكلة الدين

لبنان يعلن أول تخلف عن سداد ديون في تاريخه

صورة لوكالة دالاتي ونهرا لجلسة الحكومة اللبنانية في قصر بعبدا شرق بيروت، 7 آذار/مارس 2020
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بيروت: أعلن لبنان السبت "تعليق" سداد سندات يوروبوند ستستحق بعد يومين، في تخلّف عن دفع ديون للمرة الأولى في تاريخه، مع تأكيده السعي إلى التفاوض حول إعادة هيكلة الدين في ظل أزمة مالية تطاول الاحتياطات بالعملات الأجنبية.

وقال رئيس الوزراء حسان دياب في رسالة وجهها إلى اللبنانيين عقب جلسة لمجلس الوزراء، إنّ الاحتياطات "بلغت مستوى حرجا وخطيرا، يدفع الحكومة اللبنانية إلى تعليق استحقاق 9 آذار/مارس من سندات اليوروبوند".

ويتوجب على الدولة اللبنانية، نظرياً، تسديد 1,2 مليار دولار من سندات يوروبوند، وهي عبارة عن سندات خزينة صادرة بالدولار، وتحوز المصارف الخاصة والمصرف المركزي جزءا منها.

ويرزح لبنان تحت ديون تصل قيمتها إلى 92 مليار دولار، ما يشكّل نحو 170% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب وكالة التصنيف الائتماني "ستاندر اند بورز". وتعدّ هذه النسبة من الأعلى في العالم.

وهذا أول قرار كبير لهذه الحكومة التي تشكّلت في كانون الثاني/يناير، بعد أشهر من المباحثات، وفي ظل تواصل حراك احتجاجي غير مسبوق منذ تشرين الأول/اكتوبر، رفضاً لطبقة سياسية يُنظر إليها على أنّها فاسدة وعاجزة.

وأضاف دياب "ستسعى الدولة اللبنانية إلى إعادة هيكلة ديونها بما يتناسب مع المصلحة الوطنية عبر خوض مفاوضات منصفة وحسنة النية مع الدائنين كافة".

وقال إنّ "قرار تعليق الدفع (...) هو السبيل الوحيد لوقف الاستنزاف وحماية المصلحة العامة، بالتزامن مع اطلاق برنامج شامل للاصلاحات اللازمة"، مشدداً في كلمته على وجوب "إعداد خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي".

وينتظر لبنان استحقاقان مماثلان في نيسان/ابريل وحزيران/يونيو، تصل قيمتهما 1,3 مليار دولار.

وكان اجتماع حضره في قصر الرئاسي في بعبدا رئيس البلاد ورئيس البرلمان ورئيس مجلس الوزراء وعدد من المسؤولين، بينهم وزير المال وحاكم المصرف المركزي، أيّد عدم السداد.

- "تداعيات" -

وكانت المصارف اللبنانية التي تحوز على حصة كبيرة من الدين العام، بينها ما يناهز نصف سندات اليوروبند المقدّرة بنحو 30 مليار دولار، دعت الدولة إلى تجنب التخلّف عن السداد الذي سيؤدي إلى تعميق نقص السيولة بالعملة الأميركية.

ووسط الخشية من فقدان احتياطاتها من العملة الأجنبية، فرضت المصارف في وقت سابق قيوداً شديدة على عمليات التعامل بالدولار لتصل في بعض الأحيان إلى فرض سقف سحب مئة دولار فقط أسبوعياً. كما معنت التحويلات المالية إلى الخارج.

وحذّر مروان بركات، رئيس قسم الأبحاث في بنك عوده، من أنّ "التخلف ستكون له تداعيات على الاقتصاد الوطني".

وارتفعت أصوات في الأسابيع الأخيرة داعية إلى إعادة هيكلة الدين بغية منح الحكومة مهلة إضافية للقيام بإصلاحات واسعة من شأنها إعادة البلاد إلى مسار سليم.

ويتداول اللبنانيون الدولار في يومياتهم، مثله مثل الليرة اللبنانية التي يُخشى أن تفقد المزيد من قيمتها.

وجرى في 1997 تثبيت سعر صرف الليرة عند 1507 ليرة للدولار الواحد، ولكنّ هذه القيمة تراجعت في السوق الموازية في الآونة الأخيرة لتبلغ في بعض الأحيان 2700 ليرة.

وأصدر مصرف لبنان الجمعة تعميماً طلب فيه من الصرافين تحديد سعر شراء العملات الأجنبية بنسبة لا تتعدى ثلاثين في المئة من سعر الصرف الرسمي.

وقال مروان بركات "لا أعتقد أنّ خفضاً رسمياً لقيمة العملة (مطروح) على جدول الأعمال على المدى المنظور".

- "ثمن أوجه قصور الحكم" -

ويعيد المحتجون في لبنان اسباب الوضع الحالي إلى تراكم سياسات سيئة خلال العقود الثلاثة الماضية.

وبدأ لبنان بالاستدانة بحجم كبير مع انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) في سياق سياسات إعادة الإعمار.

ولكن في ظل غياب الإصلاحات وحسن الإدارة، لم ينفك العجز يتسع بموازاة استمرار المصارف المحلية في سياسة شراء سندات الخزينة.

وكنتيجة لذلك، ارتفع الدين العام من بضعة مليارات دولار في بداية التسعينيات إلى اكثر من 90 مليار دولار حالياً.

والسبت، تظاهر لبنانيون في بيروت احتجاجاً على الوضع القائم.

وأمام مبنى المصرف المركزي، قالت نور، متظاهرة تبلغ 16 عاماً، "يجب ألا ندفع ثمن أوجه قصور الحكم".

وبطلب من السلطات اللبنانية، حضر وفد من صندوق النقد الدولي إلى بيروت الشهر الماضي، ولكن لم يتم الإعلان عن أي مساعدة من هذه المؤسسة إلى الآن.

واعتبر بركات أنّ "لبنان بحاجة قبل اي شيء إلى خطة لإعادة هيكلة الدين في إطار خطة شاملة (...) تحت إشراف صندوق النقد الدولي". غير أنّ بعض القوى السياسية المحلية، على غرار حزب الله، أعربت في الآونة الأخيرة عن معارضتها لما ترى فيه "وضعا تحت الوصاية".

ولطالما عوّل لبنان على المساعدات الدولية.

وفي نيسان/ابريل 2018، تلقت الدولة اللبنانية وعوداً ب11,6 مليار دولار كمساعدات خلال مؤتمر دولي انعقد برعاية فرنسية، غير أنّ شيئا لم يصرف منها بسبب عدم الشروع بإصلاحات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
من الآخر
كندي -

( الحكام ) في لبنان يعلمون قبل غيرهم انه لا حل اقتصادي ، انهم مستمرون بالحكم كسابقيهم يوما بيوم فالذي يحصلوا عليه هو مكسب ولا توجد خساؤر شخصيه ، الخطوه التأليه التي يترددون في إعلانها والتي أقروها سرا هي مصادرة جزء من ارصدة المودعين ( فعلت ذلك دول عديده مثل قبرص ) ، يدرسون الشرائح التي سيستقطعون من أرصدتها ، قد يبتعدون عن اصحاب الارصدة الصغيره لسببين اولا لأنهم يشكلون اغلبيه مشاكسه في الشارع وثانيا لان عملية الاستقطاع منهم غير مجزيه ، اي يدرسون حاليا تعداد الشرائح المستهدفة وتاثيرها على الشارع ، من هنا يلمحون ان الارصدة الصغيره في مأمن ، ينتظرون الفرصة لإعلان ذلك وهم مختلفين على نقطه واحده : مدى عنف ردة الشارع وهل سيجدي الانقسام بين اصحاب الارصدة اي هل سيتم تحييد من لم يتم استهداف أرصدته ؟ اما موضوع ان لبنان فقد مصداقيته الاقتصاديه والثقة في التعامل معه ماليا فهذا لا يهمهم إطلاقا لأنهم لايستطيعون شيئا حياله ، الدول الغنيه التي كانت تمد لبنان بالاموال لم تعد غنيه كما كانت بعد ان تم ( حلبها ) ، وإيران التي اعتادت ان تزايد وتصطاد في المياه العكره افلست وأصبحت نفسها بحاجه الى مساعدات ، والاقتصاد العالمي ليس في وضع منح صدقات ، من يعرض ألمساعده يطلب مقابلها نفوذ ومصالح ومكاسب وضمانات شديده وان يكون هو اللاعب المتحكم ، زمن اول تحول .

الضحية
قاصد خير بوردح -

دائما المواطنين البسطاء الكادحين وهم يشكلون الاغلبية في لبنان يصبحون هم الضحايا لسياسات النخب الحاكمة المتحكمة في الاقتصاد والمال فالمواطن اللبناني عندما ينظر الى هؤلاء ومايملكونه من سيارات فارهة وفنادق وعمارات واراضي ومشاريع تجارية متعددة بينما هو يعاني من ضنك العيش والديون ويعمل طول الشهر من اجل راتب بالكاد يسد احتياجاته الاساسية هو وعائلته قطعا سيثور ويخرج للشارع مطالبا بعدالة توزيع الثروة وتكافأ الفرص حتى وان كلفه دلك الخروج للمخاطر والضرب او حتى الموت