اقتصاد

لماذا يتظاهر المزارعون الهنود؟ وبماذا وعدهم مودي؟

متظاهرون يرفعون لافتات ويهتفون بشعارات ضد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أثناء ركوب الدراجات النارية خلال مسيرة احتجاجية لدعم المزارعين ضد الإصلاحات الزراعية الأخيرة في أمريتسار 13 ديسمبر 2020.
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

نيودلهي: يواصل جيش من المزارعين الهنود بتصميم محاصرة نيودلهي في أكبر تحد يواجهه رئيس الوزراء ناريندرا مودي حتى الآن لسلطته.

ومع دخول الاحتجاجات أسبوعها الثالث، تنظر وكالة فرانس برس في خلفية القوانين الزراعية الجديدة ولماذا تثير هذه المعارضة وخيارات مودي المحدودة.

قطاع الزراعة في الهند واسع ومضطرب.

يشكل هذا القطاع مصدر رزق لنحو سبعين في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 1,3 مليار نسمة ويمثل حوالى 15 في المئة من الاقتصاد البالغة قيمته 2,7 تريليون دولار.

وقد حولت "الثورة الخضراء" في سبعينات القرن الماضي الهند من بلد يواجه نقصا منتظما في الغذاء إلى بلد لديه فائض ومصدّر رئيسي للمحاصيل.

لكن خلال العقود القليلة الماضية، بقي دخل المزارع على حاله إلى حد كبير وأصبح القطاع في حاجة كبيرة إلى الاستثمار والتحديث.

ويملك أكثر من 85 في المئة من المزارعين أقل من هكتارين من الأرض. وأقل من واحد من كل مئة مزارع يملكون أكثر من عشرة هكتارات، وفقا لمسح أجرته وزارة الزراعة بين 2015 و2016.

وتقدم الهند ما يقدر بحوالى 32 مليار دولار دعما للمزارعين سنويا، حسب وزارة المال.

تسبب نقص المياه وحدوث الفيضانات والطقس المتقلب بشكل متزايد نتيجة لتغير المناخ إضافة إلى الديون، في تكبيد المزارعين خسائر فادحة.

ووفقا لتقرير أعدته حكومة البنجاب في 2017، ستستهلك الولاية الشمالية كل موارد المياه الجوفية بحلول العام 2039.

وقتل أكثر من 300 ألف مزارع أنفسهم منذ تسعينات القرن الماضي. ووفقا لأحدث الأرقام الرسمية، فقد أقدم على ذلك حوالى 10300 في 2019.

ويتخلى المزارعون وعمالهم بأعداد كبيرة عن الزراعة - ألفان منهم يوميا حسب آخر تعداد أجري في 2011.

قدّمت الهند باستمرار وعودا كبيرة للمزارعين ومودي ليس استثناء إذ إنه وعدهم بأن تضاعف هذه القوانين دخلهم بحلول العام 2022.

في أيلول/سبتمبر، أقر البرلمان ثلاثة قوانين تتيح للمزارعين بيع محاصيلهم لأي جهة يختارونها، بدلا من تكليف وكلاء في الأسواق التي تسيطر عليها الدولة.

أنشئت هذه الأسواق في الخمسينات بهدف وقف استغلال المزارعين وفرض دفع حد أدنى في ألسعار مقابل بعض المنتجات ليشكل ذلك دعما.

وقد جعل هذا النظام المزارعين في بعض الأحيان يزرعون محاصيل لا تتناسب مع المناخ المحلي، مثل الأرز في البنجاب، وهو أمر قد يكون أرضا خصبة للفساد.

لكن مزارعين عدة يرون أن الحد الأدنى للأسعار هو شبكة أمان حيوية ويخشون من أن يكونوا غير قادرين على منافسة المزارع الكبيرة وأن تدفع لهم الشركات الكبرى مبالغ منخفضة.

وقال سوخويندر سينغ وهو مزارع اجتاز مسافة 400 كيلومتر على دراجته الهوائية للمشاركة في الاحتجاجات "هذه القوانين ستضر بالمزارعين وبالتالي ستدمر مصدر رزقنا".

وأضاف "سيستعبد الأغنياء الأرض والماشية والمزارعين. هذه الحكومة تريد القضاء علينا".

أثار مودي انتقادات من قبل، على سبيل المثال عند سحب الأوراق النقدية الكبيرة في العام 2016، لكن شعبيته صمدت وفاز في إعادة انتخابه بأغلبية ساحقة عام 2019.

ومنذ أواخر 2019، تندلع احتجاجات ضد قانون الجنسية الذي فرضته حكومة مودي والذي يعتبر تمييزيا ضد الإسلام.

لكن الحزب القومي الذي يقوده مودي "حزب الشعب الهندي" (بهاراتيا جاناتا) من خلال نفوذه في وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية، كان قادرا على تصوير المتظاهرين على أنهم "مناهضون للوطنية" قبل أن يخمد وباء كوفيد-19 الاحتجاجات في النهاية.

وقد حاول مودي (70 عاما) ألا يعطي أهمية للاحتجاجات الحالية معتبرا أنها مدفوعة بمعارضة انتهازية "تضلل" المزارعين. ووصف البعض في حزبه المتظاهرين وكثير منهم من السيخ، بأنهم "مشاغبون وانفصاليون سيخ ومعادون للوطنية".

لكن الامر مختلف مع المزارعين.

فهم يتمتعون بتأييد واسع بين الهنود وتجاهلهم يتعارض مع صورة مودي التي تصور نفسها كبطل للفقراء.

في المناطق الريفية حيث يعيش 70 في المئة من الهنود، هناك تصور متزايد بأن مودي يتعامل مع الشركات الكبيرة والصناعيين الأغنياء مثل موكيش أمباني أغنى شخص في آسيا.

وقال المحلل السياسي أراتي جيراث لوكالة فرانس برس "هناك أمور كثيرة عفا عليها الزمن في قطاع الزراعة. لكن الإصلاحات لا يمكن دفعها بهذه الطريقة".

وأضاف "هذا هو التحدي الأكبر للحكومة حتى الآن... سيتعين عليها إيجاد طريقة للتراجع وحفظ ماء الوجه في الوقت نفسه".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف