اقتصاد

سيدة " الدمار وليس الإعمار"

الصين تبحث عن فرص على أنقاض المشروع الأميركي في أفغانستان

رجل أمن أمام السفارة الأفغانية في بكين في 16 آب/أغسطس 2021
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بكين: يشير انفتاح بكين على طالبان إلى محاولة لتحقيق الاستفادة القصوى من الانهيار السريع للمشروع الأميركي في أفغانستان. لكن المحللين يقولون إن بكين ستظل متيقظة حيال الحركة المتشددة التي تولت زمام الأمور في كابول، خاصة وأن أفغانستان تحاذي مقاطعة شينجيانغ، موطن الأويغور ذات الأغلبية المسلمة.

قبل نحو أسبوعين من سيطرة الإسلاميين على السلطة في هجوم خاطف أذهل العالم، استضاف وزير الخارجية وانغ يي وفدا من طالبان في بكين. وبعد يوم واحد فقط من دخول طالبان إلى كابول، قالت الصين إنها مستعدة لتعميق العلاقات "الودية والتعاونية" مع أفغانستان.

وفي حين تقول بكين إنها لا ترغب في لعب دور في أي تسوية سياسية مستقبلية في كابول، يبدو أنها لمست وجود فرصة للتقدم في مشروع الحزام والطريق الضخم الذي تبنيه مع انسحاب الولايات المتحدة.

مطالب رئيسية

قال هوا بو، المحلل السياسي المستقل في بكين، إنه مع انتقال السلطة إلى طالبان فإن لدى بكين بعض المطالب الرئيسية، "الأول هو حماية استثمارات الصين وضمان أمن المواطنين الصينيين... ثانيا، من الضروري قطع العلاقات مع انفصاليي شرق تركستان (شينجيانغ) وعدم السماح لهم بالعودة إلى مقاطعة شينجيانغ".

لكن يبدو أن البراغماتية تتغلب على الأيديولوجيا تجاه مجموعة أثارت عقائدها الدينية في الماضي القلق لدى الصين.

كما يبدو أن طالبان أدركتا أنها إذا أرادت علاقات جيدة مع الصين، سيتعين عليها ترك مسلمي الصين وشأنهم، في حين تمثل محنتهم قضية يتبناها الإسلاميون في جميع أنحاء العالم.

ومن ثم، تعهد المتحدث باسم طالبان محمد نعيم بأن "أراضي أفغانستان لن تستخدم للمساس بأمن أي دولة".

في الصين، سلطت وسائل الإعلام الحكومية الضوء على إمكانات تنفيذ مشاريع اقتصادية كبرى في ظل النظام الجديد، من مشروع منجم أيناك للنحاس، وهو أكبر مناجم النحاس في أفغانستان والثاني في العالم، إلى حقول النفط الشمالية في فارياب وساري بول.

استثمرت الشركات المدعومة من بكين مئات الملايين من الدولارات للحصول على حقوق التعدين والبناء، لكن انعدام الأمن الشديد أدى إلى تجميد معظم مشاريعها.

وفي الوقت نفسه، فإن رواسب الليثيوم الوفيرة في أفغانستان - التي شُبهت بما تملكه السعودية من احتياطات النفط - حفزت شركات تصنيع السيارات الكهربائية لاستثمارها. والصين هي أكبر مصنِّع للمركبات الكهربائية في العالم.

توطيد العلاقات مع بكين

قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هوا تشون ينغ للصحافيين الاثنين إن طالبان التي ستستفيد إلى حد كبير من توطيد العلاقات مع بكين، "تتطلع إلى مشاركة الصين في إعادة الإعمار والتنمية في أفغانستان. ... نحن نرحب بذلك".

وما زالت سفارة الصين في كابول تعمل على الرغم من أن بكين بدأت في إجلاء المواطنين الصينيين من البلاد قبل أشهر مع تدهور الوضع الأمني.

ظلت أفغانستان على مدى قرون مطمعًا للقوى العظمى في آسيا الوسطى، لكنها لم تنل منها ما تتطلع إليه.

وبينما تحاول طالبان تلميع صورتها لتظهر بمظهر القوة الأكثر اعتدالًا مما كانت عليه في ظل حكمها المتشدد الوحشي سابقًا، فإنها تظل كيانًا لا يمكن التنبؤ بأفعاله، على رأس دولة غير مستقرة.

قال رافايللو بانتوتشي الزميل في كلية إس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة والمتخصص في شؤون أفغانستان إن "الصين تعرف هذا التاريخ، وهم يعلمون أنهم سيتعاملون مع حكومة لن يثقوا بها تمامًا"، وإن هذا يجعل من غير المرجح التسرع إلى ضخ الاستثمارات فيها.

وسأل "لكن لماذا اصبح هذا الاحتمال فجأة أكثر جاذبية الآن، في حين نحن أمام وضع أقل استقرارًا مع حكومة لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كبير؟".

من جهته قال بانتوتشي "لا أتوقع أن تقول الشركات الصينية: هيا بنا لنذهب ونقوم بتعدين بعض الليثيوم، خاصة في بعض أجزاء البلاد التي لا تزال شديدة الخطورة".

لكن المجال الذي تجني فيه الصين الفوائد بالفعل هو على جبهة الدعاية، مع انتزاع بكين علنًا أقصى قيمة دعائية من الفشل المذهل للسياسة الخارجية الأميركية في أفغانستان.

فقد واصلت وسائل إعلامها الرسمية بث صور الأفغان اليائسين وهم يحتشدون في مطار كابول في محاولة للفرار الاثنين في ما يشكل علامة على الفوضى التي خلفها الانسحاب الأميركي.

قوة أميركا ودورها

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هوا الثلاثاء إن واشنطن تركت "فوضى مروعة من الاضطرابات والانقسامات والأسر المفككة (في أفغانستان). ... إن قوة أميركا ودورها هو في الدمار وليس الإعمار".

وروجت وسائل الإعلام الحكومية الصينية لفكرة أن انسحاب أميركا المتسرع من أفغانستان يعبر عن بحثها لما هو ملائم بالنسبة لها ويعكس موقفها تجاه جميع حلفائها - بما في ذلك تايوان التي تتحدى بكين وتسعى لتقوية موقفها من خلال الاستعانة بما تقدمه لها واشنطن من ضمانات أمنية.

بعد أن واجه انتقادات بسبب الانسحاب المتسرع، دافع الرئيس الأميركي جو بايدن عن قراره قائلاً إن الصين وروسيا كانتا فرحتين وهما تشاهدان بلاده تنفق مواردها في مستنقع أفغانستان.

لكن، رأى المحلل هوا أنه بمجرد انقضاء لحظات تسجيل النقاط السريعة، ستتخذ الصين موقفًا أكثر براغماتية بكثير تجاه أفغانستان تحت حكم طالبان.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف