اقتصاد

إجراءات لمواجهة "الانفجار الخارج عن حدود المنطق"

الصناعة الأوروبية تحت الضغط بسبب ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء

محطة وقود في باريس ارتفعت فيها أسعار الوقود إلى ما يقرب من 2 يورو للتر الواحد وسط ارتفاع أسعار الطاقة العالمية مع انتعاش الإقتصادات من آثار وباء فيروس كورونا، باريس، فرنسا. 20 تشرين الأول/أكتوبر 2021.
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

باريس: تواجه الصناعات الأوروبية المستهلكة للطاقة ضغوطا هائلة مع الارتفاع الكبير في أسعار الغاز والكهرباء، وتطالب رؤساء الحكومات الذين يعقدون اجتماعا في بروكسل الجمعة، بإجراءات لمساعدتها على مواجهة "انفجار الأسعار الخارج عن حدود المنطق".

وحذرت شركة نيرستار الهولندية الرائدة في تنقية الزنك الأسبوع الماضي بأنها ستخفض إنتاجها "إلى حدّ 50%" في ثلاثة مصانع أوروبية في هولندا وبلجيكا وفرنسا بسبب أسعار الطاقة والكربون المرتفعة جدا في أوروبا.

وأوضحت الشركة أنه مع "الزيادات الكبرى في كلفة الكهرباء خلال الأسابيع الماضية" وسعر الكربون المرتفع في السوق الأوروبية، "بات من غير المربح اقتصاديا استغلال المصانع بكامل طاقاتها".

أزمة "غير مسبوقة"

وعلى مسافة 30 كلم من فان في فرنسا، قال جاك بيدو رئيس "بي سي إف ساينسز لايف"، وهي من فئة الشركات المتوسطة والصغرى توظّف مئتي شخص وتنتج حموضاً أمينيّة انطلاقاً من ريش دواجن، أنه يواجه أزمة "غير مسبوقة".

وأضاف أنّ سعر الغاز المستخدم لإنتاج الحرارة الضرورية للتحليل المائي لمادة الكيراتين الموجودة في الريش "ازداد بـ4,5 أضعاف منذ كانون الثاني/يناير 2020" فيما تضاعف سعر الكهرباء بـ"2,5 مرات".

لكن بيدو الذي يتابع يوميّاً مؤشّر "بيغ نور 2022" لأسعار الغاز بالجملة، يؤكّد "لسنا في مأزق".

فبإمكان شركته، الوحيدة الناشطة في هذا القطاع في أوروبا، أن تسجّل الزيادة في تكاليف الإنتاج البالغة 20% خلال ستة أشهر على عاتق زبائنها.

والأمر نفسه ينطبق على شركة "إير ليكيد" العملاقة للغاز الصناعي التي تحمي نفسها من تقلّبات الأسعار بتوقيعها عقوداً تضع تكاليف السلع والخدمات المستخدمة على حساب زبائنها، وهم من الشركات الكبرى.

أعباء ارتفاع التكاليف

ولفت نيكولا دو وارن رئيس "اتّحاد الصناعات المستخدمة للطاقة" في فرنسا إلى أنّ "نقل أعباء ارتفاع التكاليف على الزبائن لا يكون ممكناً إلّا إذا كنت رائداً في سوق معيّنة، من الجهات التي تحدّد الأسعار".

أمّا الذين لا يملكون هذا الخيار، "فقد يتكبّدون أضراراً" بحسب ما قال دو وارين مضيفاً "إمّا أن تبيعوا بخسارة، أو تجازفون بفقدان قسم من حصص السوق" بمواجهة منتجات مستوردة من أميركا أو آسيا.

وانعكس هذا الأمر بشكل خطير مثلاً على شركة "ألمنيوم دانكرك"،أحد أكبر منتجي الألمنيوم في أوروبا.

وأوضح رئيس المصنع غيوم دو غويس لوكالة فرانس برس "ارتفعت أسعار الألمنيوم كثيراً في بورصة لندن للمعادن، لكن أقل بكثير من سعر الكهرباء".

وتابع "ازدادت حصة الكهرباء في تكاليف إنتاجنا إلى 40% بعدما كان معدّلها 25 % في السنوات الأخيرة، ما يعني أنّها تضاعفت تقريباً".

وهو يخشى أن يضطر إلى إعلان تخفيض في الطاقات الإنتاجية في مطلع 2022 "إذا لم يتم اتخاذ تدابير ملموسة على صعيد الطاقة" لمساعدة الصناعيين الأوروبيين.

ولفت إلى أن الصناعيين في روسيا يستفيدون من سعر مضبوط للغاز "يقارب 5 يورو للميغوات ساعة ... في حين أننا نشتريه بأكثر من مئة يورو للميغاوات ساعة".

إنذار من الجمعيات

وأطلقت الجمعيات التي تمثّل الصناعات الأساسية في أوروبا إنذاراً معتبرةً أنّ انتعاش الصناعة الأوروبية بعد أزمة كوفيد-19 "في خطر"، وكذلك قدرتها على "تحقيق أهدافها على صعيد المناخ".

وفيما يعقد قادة الدول الـ27 قمة الجمعة في بروكسل، طلب الصناعيون العاملون في قطاعات الكيمياء والورق والسيراميك والألمنيوم والصلصال والزجاج، من الإتحاد الأوروبي وضع "تنظيمات خاصة في ما يتعلّق بالمساعدات الحكومية للسماح للدول الأعضاء بالتحرّك بشكل أوضح ممّا هو مسموح به اليوم خلال فترات التوتّر في سوق الطاقة".

كما دعوا التكتّل إلى "استخدام ضغطه التجاري والدبلوماسي الكامل على كبار مزوّدي الغاز" مثل روسيا.

وفي موقف بدا بمثابة ردّ على هذه المطالب، انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر شبكة "إن إس 2" التلفزيونية "فلسفة المفوضية الأوروبية" التي تظن أنّ أسواق الطاقة "يمكن ضبطها في البورصة، من خلال سوق الصفقات الفورية".

واعتبر أنّ "ما نراه اليوم في أسواق الطاقة... هو تعبير عن الرأسمالية التي لم تعد تعمل بطريقة مجدية" مضيفاً "أرادوا إقناعنا بضرورة التخلّي عن العقود الطويلة الأمد".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف