ضمن انتقال جريء وواقعي للطاقة نحو الحياد المناخي
سلطان الجابر: الإمارات مورّد عالمي موثوق لأنواع النفط والغاز القليلة الانبعاثات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من بيروت: أكّد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، أن دولة الإمارات تواصل مشاريع الطاقة المتجددة.
وأضاف أن مساهمة الطاقة المتجددة بلغت أكثر من 80% من إجمالي القدرة الإنتاجية الجديدة للكهرباء خلال العام الماضي، بما يعد مؤشراً واضحاً على أن التحوّل في قطاع الطاقة يمضي بخطوات حثيثة.
وقال في مقال له نشرته صحيفة "بروجكت سنديكيت" بعنوان "انتقال جريء وواقعي للطاقة"، إن الأحداث العالمية الأخيرة أوضحت أن التخلي الفوري عن منظومة الطاقة الحالية قبل بناء منظومة جديدة قادرة على تلبية الاحتياجات العالمية، يعرّض للخطر كلاً من النمو الاقتصادي والتقدم في العمل المناخي، كما أنه يثير تساؤلات حول قدرتنا على تحقيق تحوّل عادلٍ ومنصفٍ للجميع.
وأضاف "من وجهة نظرنا، فإن نجاح التحول في قطاع الطاقة يتطلب تحقيق تقدم في كل من النمو الاقتصادي والعمل المناخي، وأن يكون هذا التحول مستنداً إلى حقائق علمية واقتصادية وهندسية، والتنفيذ السريع للحلول، إضافة إلى إدراكٍ واضح للتحديات التي تواجه عملية التحوّل، ولتحقيق ذلك نحتاج إلى نهج شامل يستفيد من خبرات جميع القطاعات وشرائح المجتمع، بما فيها الخبرات والقدرات والإمكانيات المتوفرة لدى منظومة الطاقة الحالية".
استراتيجية واقعية
ولفت الجابر إلى الحاجة إلى استراتيجية واقعية وخطة عملية تحقق منافع للنمو الاقتصادي والعمل المناخي في آن واحد، ويجب أن تراعي هذه الاستراتيجية الترابط الوثيق بين الطاقة والأنظمة الصناعية، خاصةً أن حجم التحول المطلوب في قطاع الطاقة ضخم جداً، وأنه يتطلب الكثير من التنسيق والمواءمة والتعاون في جميع الجوانب، بدءاً من تخصيص رأس المال، إلى تصميم المُنتج، وصياغة السياسات العامة، وتغيير سلوكيات المجتمعات حول العالم.
وأوضح أنه نظراً لهذا الترابط يجب البدء بدراسة هيكل الطلب الحالي في نظام الطاقة، حيث نرى أن توليد الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية يحقق تقدماً كبيراً، إلا أن غالبية استهلاك الطاقة يتم في الصناعات الثقيلة، والتصنيع، والإنشاءات، والنقل والزراعة، وهي قطاعات يصعب خفض الانبعاثات فيها، ولها تأثير كبير على المناخ مما يعني ضرورة توجيه المزيد من الاستثمار إليها.
365 مليار دولار
وأشار الجابر إلى أنه في العام الماضي تجاوزت قيمة الاستثمارات العالمية في مصادر الطاقة المتجددة 365 مليار دولار، في حين أن إجمالي الاستثمار في تكنولوجيا تخزين الطاقة والتقاط الكربون وسلسلة القيمة لقطاع الهيدروجين كان 12 مليار دولار، وهو بالطبع غير كاف لدعم عملية التحوّل في قطاع الطاقة، حيث يُقدر إجمالي الاستثمار المطلوب بأكثر من 250 تريليون دولار على مدى الثلاثين عاماً القادمة، ومن الواضح أنه لا يمكن لدولة أو شركة أن تؤمّن هذا الحجم من التمويل بمفردها.
وتابع "وإلى جانب تأمين التمويل اللازم يجب أن نتذكر أن عملية التحوّل في قطاع الطاقة تستغرق وقتاً، ولا يمكنها أن تحصل بلمسة زر، وبالرغم من أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية شكّلت غالبية إجمالي القدرة الجديدة لتوليد الكهرباء في عام 2021، إلا أنها لا تزال تشكل 4% فقط من مزيج الطاقة الحالي في العالم، ومع نمو الطلب على الطاقة بشكل أكبر من أي وقت مضى، فإن ضمان أمنها يتطلب استمرار دور النفط والغاز مكوّناً مهماً وأساسياً في منظومة الطاقة لعقود قادمة".
ولفت إلى أنه يجب التركيز على بذل المزيد من الجهود لخفض تأثير النفط والغاز على المناخ، وهذا يتطلب تكثيف التعاون والتنسيق والعمل عن قرب بين المنتجين، والحكومات، والقطاع الخاص بهدف أن يكون الإنتاج الجديد من الطاقة أقل كثافةً في الانبعاثات من السابق، وهذا يعني ضرورة صياغة سياسات مالية داعمة تشمل الحوافز الضريبية، ورفع الكفاءة التشغيلية من خلال تعزيز استخدام التكنولوجيا، والالتزام بخفض انبعاثات الميثان وحرق الغاز، وتوفير استثمارات إضافية في تقنيات التقاط الكربون.
وأكّد أن هذا هو باختصار النهج الذي تتبعه دولة الإمارات للتحول في قطاع الطاقة والذي يضمن استمرارها في تلبية احتياجات العالم الحالية، مع الاستثمار في أنظمة الطاقة المستقبلية.
الحياد المناخي
وأشار إلى أنه "باعتبارنا أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن عن مبادرة استراتيجية سعياً لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، فإننا مستمرون بالعمل على الحد من الانبعاثات في جميع الأنشطة الاقتصادية في الدولة، وأنشأنا أول برنامج في المنطقة لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه على نطاق صناعي، وتعمل شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" لتأمين احتياجات عملياتها من الكهرباء من المصادر النووية السلمية والشمسية الخالية من الانبعاثات".
وأكد الجابر أنه مع اقتراب انعقاد الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف هذا العام، وبينما تستعد دولة الإمارات لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين من المؤتمر العام المقبل، فالحاجة ملحة للتركيز على حلول عمليّة تسهم في تعزيز أمن الطاقة من خلال ضمان إمكانية الحصول على إمدادات مستدامة بأسعار مناسبة.
وأوضح أنه لتنفيذ تعهدات اتفاق باريس للمناخ فنحن بحاجة إلى حوار شامل حول النهج الواقعي للتحوّل في قطاع الطاقة بمشاركة جميع الأطراف ذات الصلة، مشدّداً على أن ضمان تحقيق أهداف دولة الإمارات بتسريع التقدم في العمل المناخي جنباً إلى جنب مع استمرار النمو والازدهار الاقتصادي، يتطلب بدء العمل الفعلي من الآن. قائلاً "علينا دائماً أن نتذكر أن هدفنا النهائي هو خفض الانبعاثات، وليس خفض معدلات النمو والتقدم والتطور".