جنون أسعار البصل.. لذة طعام المصريين في خطر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تشهد مصر ارتفاعا غير مسبوق في أسعار البصل، وهو مكون رئيسي في معظم أكلات مواطنيها.
وكان سعر كيلو البصل في بداية موسم الحصاد، مارس/آذار الماضي، حوالي 10 جنيهات (أقل من ربع دولار أمريكي)، بينما تخطي حاليا 25 جنيها (ما يقرب من دولار).
ارتفاع السعر، دفع نادي محروس وهو موظف بالمعاش من داخل إحدى أسواق الخضراوات والفاكهة للقول إن "البصل أصبح أغلى من الفاكهة".
وعبر عديد من المصريين في حديثهم مع (بي بي سي) عن استغرابهم إزاء أزمة ارتفاع أسعار البصل، خاصة أنه وفق الأرقام الرسمية، تأتي مصر في الترتيب الرابع عالميا بعد كل من الصين والهند والولايات المتحدة، من حيث حجم إنتاجه سنويا.
وأرجع مسؤول حكومي تحدث لبي بي سي أسباب الأزمة إلى "انخفاض المساحة المزروعة بالمحصول هذا العام بالإضافة لأضرار التغيرات المناخية".
لذا قرر مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، وقف تصدير البصل لمدة 3 أشهر اعتباراً من 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى 31 ديسمبر/ كانون الأول 2023،، مؤكدا أن ذلك يأتي "في إطار ضبط الأسعار في الأسواق".
وأوضح المجلس في بيان أنه تواصل مع وزارة التجارة والصناعة، والتي أكدت أنه جرى إرجاء تنفيذ القرار لعدة أيام، حتى يتسنى الانتهاء من تسليم شحنات البصل المتفق عليها مسبقاً .
"جشع التجار"يقول صابر ممدوح، موظف بشركة مقاولات، "إن المحصول وفير ولكن السبب الأساسي هو جشع التجار".
وتابع أنه "كأحد القاطنين بقرية على مشارف القاهرة، يتابع الممارسات التي تحدث، وهي أن التجار يشترون المحصول بثمن بخس من المزارعين ويخزنونه لرفع سعره أو لتصديره، وحتى إن تلف المحصول في مخازنهم لا يخفضون سعره".
فيما قالت عنايات سيد، ربة منزل، إن "كل أسعار الخضروات ارتفعت، سواء البصل أو الطماطم أو الخيار، وحتى البيض واللحوم والدواجن".
لماذا ارتفعت أسعار البصل في مصر لمستويات غير مسبوقة؟
مصر: كيف يتعامل المواطن مع استمرار ارتفاع الأسعار؟
وشددت على أن كل تاجر يبيع بسعر مختلف عن الآخر لدرجة "أننا لا نستطيع أن نشتري ما يكفينا لإعداد وجبة غذائية لأولادنا"، مضيفة أن الحل برأيها هو أن تكثف شرطة التموين حملاتها على الأسواق.
من جهته، قال محمود أحمد، الذي يسكن بجوار سوق للخضروات في منطقة الحيتية بمحافظة الجيزة المتاخمة للقاهرة، إنه توقف عن شراء البصل والفواكه لأنه يريد محاربة جشع التجار بالامتناع عن الشراء منهم حتى تفسد بضاعتهم، مشيدا بقرار الحكومة وقف تصدير البصل لأن ذلك سيرغم التجار على خفض الأسعار، لأنه لا سبيل لهم لبيع بضاعتهم إلا للمصريين.
يقول الدكتور عبد المجيد مبروك، رئيس قسم بحوث البصل بوزارة الزراعة المصرية، في حديث لبي بي سي، إن "المساحة المزروعة بالبصل في مصر للموسم 2022/2023 بلغت حوالي 219 ألف فدان، وبلغت جملة الإنتاج لهذا العام 3.3 مليون طن".
وأوضح أن مصر تحتل المركز الرابع إلى الخامس ضمن أكثر عشر دول منتجة ومصدرة للبصل "بسبب تفوق الأصناف المصرية وطبيعة مناخها"، منوها إلى أنه يتم تصدير البصل المصري إلى أكثر من 50 دولة أجنبية وعربية.
وعن سبب ارتفاع أسعار البصل، قال مبروك إن "المزارعين هذا العام خفضوا المساحة المنزرعة نتيجة تدني سعر البصل الموسم الماضي حيث وصل سعر الطن إلى 800 جنيه (أقل من 25 دولارا) وأيضا بسبب التغيرات المناخية التي تأثرت بها مصر حيث إن موجة الحر أتلفت جزءا كبيرا من المحاصيل".
وتوقع مبروك أن تؤدي الإجراءات التي اتخذتها الدولة وعلى رأسها وقف تصدير البصل " لانخفاض الأسعار، وكذلك أن تزداد المساحة المنزرعة للموسم الجديد بسبب غلاء سعر المحصول، ومن ثم تعود متوسطات الأسعار لعهدها السابق خصوصا أن مصر دولة تكتفي ذاتيا من البصل".
ليس البصل وحدهصدّرت مصر العام الماضي 280 ألف طن من البصل، فيما بلغ إجمالي ما صدرته هذا العام وحتى قرار وقف التصدير حوالي 380 ألف طن، حيث يحتل البصل المرتبة الثالثة في صادرات مصر الزراعية.
وزادت أسعار الخضراوات عموما في مصر بنسبة 98.4% الشهر الماضي مقارنة بالعام الفائت، فيما وصل معدل التضخم الرسمي في البلاد إلى 39.7%، وفق تقرير جهاز التعبئة العامة والإحصاء.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه مصر تراجعا كبيرا في سعر صرف الجنيه أمام الدولار فضلا عن وجود نقص حاد في العملة الصعبة.
ويشير ذلك إلى أن إجراءات الحكومة المصرية المتعلقة بوقف التصدير، لن تقتصر على البصل وحده، حيث قال أحمد إبراهيم، المستشار الإعلامي لوزارة الزراعة، لبي بي سي "إنه سيتم اتخاذ قرارات مماثلة مع أي سلعة استراتيجية، في حال وجود ممارسات احتكارية أو محاولات من بعض التجار لتخزينها والتلاعب بأسعارها".