أزمة اجتماعية جديدة في الأفق والضغط على الحكومة يزداد
المزارعون في فرنسا يواصلون احتجاجهم وتوسع التحرك الأوروبي الى إسبانيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
باريس: يواصل المزارعون الفرنسيون الثلاثاء إغلاق طرق استراتيجية حول باريس وأماكن أخرى في البلاد ما يزيد الضغط على الحكومة، فيما أعلن مزارعون اسبان انضمامهم الى التحرك الأوروبي.
وتوتر الوضع منتصف اليوم مع تدخل قوات الأمن التي حاولت منع تقدم قافلة مزارعين وسط غرب فرنسا باتجاه سوق رونجيس، الأكبر في العالم في جنوب باريس.
وواصلت هذه القافلة التي تضم 200 جرار زراعي طريقها من مدينة أجين (جنوب غرب)، تلبية لدعوة أطلقها اتحاد "كؤورديناسيون رورال"، متقدمة نحو المركز الغذائي لمنطقة باريس، تحت حماية مدرّعات قوات الدرك بناء على طلب من الحكومة. وقد نأت النقابة الكبيرة للمزارعين FNSEA التي تشكل الأغلبية، بنفسها عن هذا التحرك.
ويغلق المزارعون الفرنسيون منذ الاثنين ثمانية طرق سريعة حول العاصمة بجراراتهم تحت مراقبة قوات الأمن، للمطالبة بدخل أفضل وبمعايير بيئية أقل صرامة، كما هي الحال في دول أوروبية أخرى.
ورغم التهديدات النقابية، فإن "الحصار" الذي أعلنت أنها ستفرضه على باريس لم يحدث حتى الآن، كما لم تعرقَل الحركة في مطارات باريس.
في المجموع، تأثر أكثر من ربع المقاطعات الفرنسية (30) بهذا التحرك الزراعي الأوروبي الذي نظم في ألمانيا في كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير)، وأيضا في رومانيا وبولندا وبلجيكا.
وفي إسبانيا، أعلنت النقابات الزراعية الرئيسية الثلاث الثلاثاء انضمامها إلى التحرك، مع عمليات "تعبئة" في كل أنحاء البلاد خلال "الأسابيع المقبلة" للتنديد بالقواعد الأوروبية.
وشهدت إيطاليا أيضا تظاهرات عفوية في الأسابيع الأخيرة حيث احتج الثلاثاء عشرات المزارعين بجراراتهم قرب ميلانو (شمال) قائلين إنهم تعرضوا "للخيانة من أوروبا".
وأدت الأحداث المناخية القصوى وإنفلونزا الطيور وارتفاع أسعار الوقود وتدفق المنتجات الأوكرانية المعفاة من الرسوم الجمركية، إلى تنامي السخط بين المزارعين في أوروبا.
من جهتها، تعهّدت الحكومة اليونانية التي تواجه أيضا احتجاجات متزايدة من القطاع الزراعي، الثلاثاء تسريع دفع المساعدات المالية للمزارعين المتضررين من فيضانات العام الماضي.
وساهمت السياسة الزراعية الأوروبية المشتركة الجديدة التي عززت الأهداف البيئية الملزمة منذ العام 2023، وقانون "الميثاق الأخضر" الأوروبي، وإن لم يدخل حيز التنفيذ بعد، بشكل خاص في اثارة الغضب.
مناطق بور
وفي هذا السياق، أعلنت المفوضية الأوروبية الثلاثاء أنها تبحث في تبني استثناء جديد للقواعد المرتبطة بالأراضي البور التي تنص عليها السياسة الزراعية الأوروبية المشتركة التي تفرض الاحتفاظ بنسبة 4 بالمئة من المناطق البور أو المناطق غير المنتجة.
وفي فرنسا، يهدد تحرك المزارعين بالتحول إلى أزمة اجتماعية جديدة بعد عام من التعبئة الواسعة ضد رفع سن التقاعد.
والأحد، تعهد رئيس الحكومة غابريال أتال "التحرك بسرعة" استجابة لغضب المزارعين، بعدما كان قد وافق الجمعة على أحد المطالب الرئيسية للمتظاهرين بإلغاء الزيادة الضريبية على الديزل الزراعي وتيسير الإجراءات الإدارية إضافة إلى تدابير أخرى لحماية المزارعين، إلا أن ذلك لم يهدئ من غضبهم.
وأكد الناطق باسم الحكومة أن "إجراءات جديدة" ستُتَّخذ الثلاثاء لصالح المزارعين.
من جهته، قال الرئيس إيمانويل ماكرون الذي تحدث في مؤتمر صحافي في السويد، إنه يريد "تنظيم" على المستوى الأوروبي واردات الدواجن من أوكرانيا والتي انتقدها المزارعون، محذرا في الوقت نفسه من أنه "سيكون من السهل إلقاء اللوم في كل شيء على أوروبا".
وسيجتمع رئيس البلاد الخميس مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين للبحث خصوصا في مسألة وصول المنتجات الأوكرانية إلى الاتحاد وتجميد الاتفاق التجاري الذي يتفاوض عليه الاتحاد الأوروبي مع تكتل "ميركوسور" الذي يضم أبرز القوى التجارية في أميركا اللاتينية.
وإذ كانت فرنسا المستفيد الأول من الإعانات الزراعية الأوروبية التي تجاوزت قيمتها تسعة مليارات يورو سنويا، إلا أن مزارعيها نددوا بالسياسة الزراعية المشتركة، معتبرين بأنها منفصلة عن الواقع.
وأشار تقرير لمجلس الشيوخ الفرنسي صدر في أيلول (سبتمبر) 2022 إلى أن "فرنسا واحدة من الدول الزراعية الكبرى التي تتراجع حصصها في السوق". وانتقلت خلال عشرين عاما من المركز الثاني عالميا إلى السادس من حيث الصادرات، واحتلت المركز الثالث في أوروبا خلف هولندا وألمانيا.
ويندد المزارعون الأوروبيون بالمنافسة غير العادلة مع المنتجات المستوردة التي لا تخضع للمعايير نفسها.
كما تراجع عدد المزارع في فرنسا خلال 50 عاما من 1,5 مليون في العام 1970 إلى أقل من 400 ألفا الآن.