اقتصاد

بلينكن يحرص على استمرار العمل المشترك

هل يقنع العراق واشنطن بـ"إعادة النظر" في العقوبات على مصارفه؟

يدفع المستوردون العراقيون الدينار العراقي للمصارف مقابل الحصول على الدولار
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بحث وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال اتصال هاتفي تلقاه الثلاثاء من نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن جملة من القضايا كان من بينها العقوبات التي فرضتها الخزانة الأمريكية على ثمانية مصارف عراقية مؤخراً سبقتها عقوبات على أربعة عشر مصرفاً عراقيا آخر.

وبحسب بيان لوزارة الخارجية العراقية، لم تقدم وزارة الخزانة الأمريكية الأسباب التي تقف وراء فرض مثل هذه العقوبات، وما إذا كان فرض واشنطن لهذه العقوبات جاء بسبب عدم انضباط هذه المصارف في تنفيذ التعليمات والقواعد المصرفية التي حددها المصرف المركزي العراقي أو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أم لأسباب أخرى.

كيف تغير العراق بعد عشرين عاما على الغزو الأمريكي؟المركزي العراقي يخفض قيمة العملة أمام الدولار بنحو الخُمس

وطالب وزير الخارجية العراقي وفقا للبيان وزير الخارجية الأمريكية، بشكل رسمي بإعادة النظر بقرار الخزانة الأمريكية بشأن الموضوع، خصوصا وأن وزارة الخزانة الأمريكية على تواصل مستمر مع المصرف المركزي العراقي وأن تلك المصارف تلعب دورا مهما وكبيرا في تمويل نفقات البطاقة التموينية التي تستفيد منها عائلات ذوي الدخل المحدود حيث توفر لهم سلة غذائية تتكون من المواد الغذائية الأساسية كالدقيق والرز والسكر والشاي وبعض البقوليات ومساحيق الغسيل وغيرها.

وقالت الخارجية العراقية إن الوزير بلينكن، أكد حرصه على استمرار العمل المشترك والتواصل بين الجانبين، ودعم الحكومة العراقية في مجالات مختلفة وخاصة في مجال التعاون الاقتصادي.

كيف تعمل المصارف العراقية فيما يخص التعامل بالدولار الأمريكي؟

في ربيع عام 2003، شهد العراق احتلالا أمريكيا ووضع تحت الوصاية الأمريكية كما تم وضع أموال العراق المتأتية من بيع النفط والتي تشكل أكثر من 90 في المئة من واردات العراق من العملة الصعبة في بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي لحمايتها من مطالب التعويض التي قدمتها بعض الدول المتضررة من سياسات النظام السابق الذي حكم العراق قبل عام 2003.

ولكي تستفيد الحكومة العراقية من تلك الأموال تقدم وزارة المالية العراقية طلبا للولايات المتحدة مشفوعا بتوضيحٍ يبين أوجه صرف تلك الأموال ليقوم البنك الفيدرالي الأمريكي بدراسة وتدقيق الطلب ويوصي بصرف كمية الأموال المطلوبة. تنقل بعد ذلك تلك الأموال إلى المصرف المركزي العراقي ليحولها بدوره إلى الحكومة العراقية أما بالدولار الأمريكي أو بالدينار العراقي حسب الحاجة.

المصرف المركزي العراقي يجري يوميا مزادا لبيع الدولار الأمريكي للمصارف العراقية التي تبيعه هي كذلك للتجار العراقيين الذين يقع على عاتقهم شراء واردات العراق من السلع الأساسية والخدمات، كما تبيعه لكل من يحتاج الدولار الأمريكي كأولئك الذين ينوون السفر خارج العراق وغير ذلك من الأمور.

تشترط المصارف العراقية على من يريد شراء الدولار الأمريكي منها أن يقدم ما يثبت حاجته لتلك العملة كعقود الاستيراد وتذاكر السفر وما شاكلها لكي تقدم تلك المصارف هذه الوثائق للمصرف المركزي ليسمح ثانية لتلك المصارف بالمشاركة بمزاد العملة.

AFP يجري المصرف المركزي العراقي مزادا يوميا لبيع الدولار الأمريكي للمصارف العراقي لماذا تفرض الولايات المتحدة عقوبات على بعض المصارف العراقية؟

كانت الولايات المتحدة قد ذكرت في مناسبات سابقة أن الاسباب الموجبة لفرض العقوبات هي بشكل أساسي غسيل الأموال وتهريب العملة، دون ذكر تفاصيل دقيقة عن تلك التهم.

ولتوضيح ذلك تحدثنا إلى الخبير الاقتصادي العراقي الدكتور عبد الرحمن المشهداني الذي قال، ولمن لا يعرف طبيعة النظام المالي في العراق وكيف يتعامل العراقيون بالنقود المتداولة في البلاد سواء كانت بالدينار العراقي أو بالدولار الأمريكي، إن العراقيين لا يزالون يحتفظون بالأموال التي يمتلكونها في بيوتهم ولا يلجأون إلى إيداعها في المصارف، وذلك يشمل المواطنين البسطاء وكبار التجار ورجال الأعمال.

لذلك وعندما يتوجه التجار ورجال الأعمال للمصارف لشراء الدولار الأمريكي فإن الكثير منهم يدفع للمصارف بالدينار العراقي نقدا دون تقديم ما يبين مصدر تلك الأموال التي لكثرتها تقف المصارف عاجزة عن التحقق من مصدرها لتقع بين مطرقة قبولها والمجازفة بالتعرض لتهمة غسيل الأموال وبين سندان عدم قبولها ومواجهة إيقاف عجلة عمل المصرف.

أما فيما يخص تهمة تهريب العملة، يضيف المشهداني، فإن العراق يستورد ما يقارب 90 في المئة من احتياجاته من السلع والخدمات من خارج العراق والسبب يعود إلى تدهور الصناعة وتضاؤل دور القطاع الصناعي الخاص وانحسار الزراعة إلى حد بعيد بسبب قلة الأمطار وانخفاض منسوب المياه في نهري دجلة والفرات.

كل ذلك يؤدي بالضرورة إلى نزيف كبير في احتياطي العراق من النقد الأجنبي. علاوة على ذلك وبسبب العلاقات الواسعة ولقرب المسافة بين العراق وجارتها الشرقية إيران فإن تجارة العراق مع إيران تستحوذ على حصة الأسد من واردات العراق من السلع والخدمات، الأمر الذي يثير حفيظة الولايات المتحدة التي تفرض عقوبات مشددة على إيران وتحظر تزويد إيران بالدولار الأمريكي.

كيف يمكن معالجة المشكلتين أعلاه؟

يشير الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني إلى أنه وابتداء من بداية عام 2023 أسس المصرف المركزي العراقي منصة ألكترونية لشراء الدولار الأمريكي، هذه المنصة أصبحت المنفذ الوحيد لمن يريد شراء الدولار الأمريكي ولا يمكن شراؤه إلا من خلالها، لكن تلك المنصة تحتاج إلى معلومات دقيقة عن التاجر لمعرفة مصدر أمواله أولا وعن البضاعة التي يريد استيرادها والمنشأ الذي سيستوردها منه والمنفذ الذي ستدخل منه تلك البضاعة وبذلك يمكن حل المشكلتين معا، وهكذا أصبح الحال عليه لغاية الآن.

لكن ذلك الحل له بعض الآثار الجانبية السيئة وهي أن التجار لا يريدون أن يتعاملوا مع إجراءات بيروقراطية معقدة وأنهم يريدون التهرب من دفع الضرائب فأخذوا يعمدون إلى شراء الدولار الأمريكي من السوق السوداء لتلبية احتياجاتهم وهذا كان السبب الرئيسي في ارتفاع سعر الدولار نتيجة ارتفاع الطلب عليه، ما ولد سوقا موازية سببت ارتفاع الأسعار في السوق المحلية وهو ما أدى إلى استياء كبير في الشارع العراقي.

هل "تهريب" الدولار إلى إيران وراء انهيار قيمة الدينار العراقي؟هل يمكن أن تنسحب القوات الأمريكية من العراق؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف