اقتصاد

هل الذهب استثمار جيد في عام 2024؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بعد عامين من الخسائر، ارتفعت أسعار الذهب في عام 2023 بقوة وحطمت الرقم القياسي مرارًا وتكرارًا، حيث وصلت إلى ما يقرب من 2150 دولار للأونصة في 4 ديسمبر، مما يمثل مكسبًا كبيرًا على مدار تاريخ المعدن الأصفر.

ويعزى هذا الارتفاع القوي إلى العديد من العوامل التي تشمل توقعات السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأكثر ليونة في 2024 والاقبال على الشراء من قبل البنوك المركزية الأخرى، وفي الوقت نفسه، فإن النزاعات العالمية ولا سيما الصراع بين حماس والاحتلال الإسرائيلي وحرب روسيا وأوكرانيا قد زاد من المخاطر الجيوسياسية مما عزز الطلب على شراء الاستثمارات الآمنة وخاصة الذهب.

كيف كان أداء الذهب خلال 2023؟

في شهر أغسطس عام 2020 وصلت أسعار تداول الذهب إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 2069 دولار للأونصة وسط مخاوف تأثيرات كوفيد 18 منهيًا العام بمكاسب بلغت نحو 21%، ولكن بعد ذلك شهدت الأسعار انخفاضًا على مدار العامين التاليين، حيث فقد الذهب نحو 3.5% في عام 2021 وقرابة 0.31% في عام 2022، يعاذ هذا التراجع إلى السياسات النقدية المتشددة من قبل البنوك المركزية العالمية لمكافحة التضخم مما عزز قيمة الدولار الأمريكي وعوائد سندات الخزانة على الذهب الذي لا يدر عائد.

في عام 2023 بدأ الذهب قويًا عند 1835.8 دولار للأونصة واكتسب حوالي 8% في الربع الأول مدفوعًا بمخاوف من الركود العالمي بسبب استمرار ارتفاع معدل أسعار الفائدة، ووصلت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في أبريل بحوالي 2048 دولار.

كانت مكاسب المعادن محدودة في البداية بسبب عوامل مثل توقف البنك الاحتياطي الفيدرالي عن رفع سعر الفائدة من شهر يوليو والحديث عن خفض أسعار الفائدة، إلى جانب ارتفاع الدولار الأمريكي، ومع ذلك، استقر الذهب عند حوالي 1900 دولار وتجمع في الشهرين الأخيرين من عام 2023 ليحقق مكسب بنحو 13.30% على أساس سنوي اعتبارًا من 25 ديسمبر 2023.

العوامل الرئيسية التي حافظت على أسعار الذهب طوال عام 2023

شراء البنوك المركزية تدعم أسعار الذهب

تقوم البنوك المركزية بزيادة حيازاتها من الذهب بنشاط منذ العام الماضي وسط تصعيد التوتر الجيوسياسي وعدم اليقين الاقتصادي.

بلغت عمليات الشراء الذهبية من قبل البنوك المركزية رقمًا قياسيًا قدره 1136 طنًا في عام 2022، لتصل عمليات الطلب على الذهب إلى أعلى مستوى في 11 عام، وفقًا لمجلس الذهب العالمي (WGC)، في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 ارتفعت عملية شراء الذهب المركزية للبنوك بنسبة 14% بنحو 800 طن، وفقًا لبيانات WGC.

يقول خبراء السلع "إن الشهية الصحية للبنوك المركزية للذهب مدفوعة أيضًا بمخاوف الدول بشأن العقوبات على الأصول الأجنبية لروسيا، في أعقاب قرار الولايات المتحدة وأوروبا بتجميد الأصول الروسية".

كما ساهمت عودة الصين لتعزيز الاحتياط في عمليات شراء الذهب المركزية القوية هذا العام، حيث قاد بنك الصين الشعبي (PBOC) عمليات شراء الذهب في البنوك المركزية في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023 بشراء ما مجموعه 181.02 طن بحلول نهاية الربع الثالث.

سقوط عوائد سندات الخزانة في الولايات المتحدة

أدت إشارة البنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة في عام 2024 إلى انخفاض عائدات سندات الخزانة الأمريكية طويلة الآجل مما زاد من جاذبية الذهب.

في 21 ديسمبر انخفض العائد على سندات الخزانة الأمريكية لمدة 10 سنوات إلى 3.89% وهو أدنى مستوى منذ يوليو 2023، حيث نمت التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي سيقلل من أسعار الفائدة في أوائل العام المقبل.

وصل العائد على سندات الخزانة الأمريكية لمدة عامين إلى 4.34% في 22 ديسمبر قبل عطلة أعياد الميلاد منخفضًا من 5.22% في أكتوبر.

التوترات الجيوسياسية توفر دفعة قوية

مما لا شك فيه أن الصراعات الجديدة في الشرق الأوسط والتي اندلعت في السابع من أكتوبر أعطت دفعة إضافية لأسعار الذهب، وأثار التصعيد الجديد في قطاع غزة والذي دخل شهره الرابع مخاوف من احتمال انتشاره إلى المنطقة بأكملها.

هناك مؤشرات على تصعيد في الصراع بين حماس والاحتلال الإسرائيلي، ودعماً لحركة حماس بدأ الحوثيون المدعومين من إيران في اليمن بمهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر مما دفع الولايات المتحدة إلى إرسال سفن حربية إلى المنطقة، كما اشتبك حزب الله في لبنان الذي يدعم حماس أيضاً في تبادل لإطلاق النار مع الاحتلال الإسرائيلي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

في أكتوبر وحده ارتفع الذهب بنسبة 6.8% مدعومًا بالتوترات الجديدة في الشرق الأوسط، وفقًا لمجلس الذهب العالمي.

ما هي المحركات الدافعة لسعر الذهب في عام 2024؟

قبل أن نتعمق في توقعات المحللين، دعونا نلقي نظرة على العوامل التي ستؤثر على توقعات أسعار الذهب في عام 2024.

1 .كل العيون على البنك الاحتياطي الفيدرالي

في 13 ديسمبر قرر البنك الاحتياطي الفيدرالي إبقاء سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية دون تغيير للمرة الثالثة منذ يوليو عند 5.25% إلى 5.50%، وأشار البنك الاحتياطي أيضًا إلى نهاية دورة التشديد النقدي السريعة، والتي دفعت سعر الفائدة من بالقرب من الصفر في مارس 2022 إلى المستوى الحالي، ويمكن أن يبدأ في خفض أسعار الفائدة.

تتكهن الأسواق بموعد بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر من عام 2024، يقول أحد محللي السوق: إن عدم اليقين لا يزال قائمًا بشأن حجم وتوقيت تخفيضات أسعار الفائدة الفيدرالية إذا ظل التضخم مرتفعًا وظل سوق العمل ضيقًا، وتوقع أن يبقي البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير للأشهر الستة الأولي من عام 2024 قبل خفضها في النصف الثاني من العام.

من المرجح أن تتعزز العلاقة العكسية بين الذهب وأسعار الفائدة الحقيقية بمجرد بدء تخفيضات أسعار الفائدة في النصف الثاني من عام 2024، وسيتعزز السعر خلال تخفيضات أسعار الفائدة أكثر مما ينخفض خلال مراحل رفع أسعار الفائدة.

ويتوقع بنك ING الهولندي أن يخفض البنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة في شهر مايو، ويتوقع خفض أسعار الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس بحلول نهاية عام 2024 و100 نقطة أساس أخرى في عام 2025، وهذا من شأنه أن يدعم تحرك الذهب نحو الأعلى.

2 .مشتريات البنوك المركزية ستظل قوية

يعتقد خبراء الاقتصاد استمرار شراء البنوك المركزية نظرًا للمخاطر الاقتصادية واحتمالات ضعف الدولار الأمريكي في عام 2024، وتوقع بنك ING أن تستمر البنوك المركزية في الشراء في عام 2024 مع اقتراب المشتريات أو تجاوزها لتلك التي تمت في عام 2023 بسبب التوترات الجيوسياسية والتوقعات الاقتصادية، ومن شأن ذلك أن يهيئ الذهب للارتفاع حتى نهاية هذا العام.

3 .عدم اليقين بشأن التوترات الجيوسياسية

ويتوقع المحللون أن تستمر التوترات الجيوسياسية المستمرة حاليًا في الشرق الأوسط مع الحرب الدائرة بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس، وكذلك حرب روسيا في أوكرانيا في 2024.

ومع ذلك، يتوقع أحد محللي السوق البارزين أن تهدأ هذه التوترات في وقت ما من العام، وأن يهدأ الصراع في الشرق الأوسط وينتهي بالسلام بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس، وذلك لأن إسرائيل لم تنجح بعد في السيطرة على حماس حتى الآن، ثانياً، قد ينتهي الأمر بروسيا إلى الفوز على أوكرانيا لأن أوكرانيا تتلقى دعماً أقل الآن من حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

بالإضافة إلى الصراع في الشرق الأوسط وأوروبا، أشار المحلل إلى أنه من المتوقع أن تستمر التوترات بين الولايات المتحدة والصين حتى هذا العام، فلعدة سنوات كانت المعارك التجارية واتهامات التجسس ومطالبة الصين الإقليمية في بحر الصين الجنوبي ودعم الولايات المتحدة لتايوان (وهي جزيرة تخضع للحكم الديمقراطي والتي تدعي الصين أنها أراضيها)، سبباً في توتر العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم.

توقعات أسعار الذهب 2024

من المتوقع أن تستمر أسعار الذهب في الارتفاع في عام 2024، مع احتمالية الوصول إلى مستويات مرتفعة جديدة مع قيام البنوك المركزية بتخفيف السياسة النقدية، وقد يكون عدم اليقين الجيوسياسي هو المحرك الرئيسي للذهب على المدى الطويل بعد عام 2025.

مع الأخذ في الاعتبار جميع العوامل الدافعة، شهدت توقعات المحللين لأسعار الذهب لعام 2024 بقاء المعدن الأصفر فوق مستوى 2000 دولار.

من المتوقع أن دورة التيسير للبنك الاحتياطي الفيدرالي ستكون هي المحرك الرئيسي في عام 2024، وسينضم إلى ذلك تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وارتفاع المخاطر الجيوسياسية مع استمرار الحرب في أوكرانيا واستمرار التوترات في الشرق الأوسط، وستشهد الانتخابات في الاقتصادات الكبرى بما في ذلك الولايات المتحدة حالة من عدم اليقين السياسي، وهذا سيخلق مزيجًا مثاليًا لتعزيز الطلب الاستثماري في الذهب.

وتوقعت مؤسسة ANZ للأبحاث أن يتم تداول الذهب بمتوسط 2043 دولار للأونصة في عام 2024 ارتفاعًا من 1917 دولار في عام 2023، وأضافت أن هذا الأمر سيعتمد على مدى قوة خفض البنك الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة، ولكن حتى بدون خفض أسعار الفائدة لا يزال من الممكن أن يرتفع الذهب أو يستقر على الأقل فوق مستوي 2000 دولار لأن الطلب المادي لا يزال مرتفعا.

وذكرت المؤسسة في تقريرها أن: "السيناريو الأسوأ هو أن يظل البنك الاحتياطي الفيدرالي متمسكًا بأسعار الفائدة عند نفس مستوياتها الحالية، في حين أن السيناريو الأفضل هو أن يتم تخفيض أسعار الفائدة ثلاث إلى أربع مرات، مما سيفيد سعر الذهب، ومن المرجح أن يقوم المستثمرون بتحويل أموالهم من الودائع الآجلة أو غيرها من استثمارات الملاذ الآمن ذات العائد المرتفع إلى الذهب مع بدء أسعار الفائدة في الانخفاض".

قدرت توقعات بنك ING لأسعار الذهب لعام 2024 أن يصل المعدن إلى مستوى مرتفع جديد، بمتوسط 2031 دولار للعام بأكمله على خلفية بدء البنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة في الربع الثاني وضعف الدولار واستمرار الطلب على الملاذ الآمن وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي العالمي و استمرار معدل شراء البنوك المركزية عند مستويات عالية، وقال البنك: "إن السياسة النقدية المحايدة كافية بالفعل للحفاظ على ارتفاع أسعار الذهب، وقد تفعل المزيد إذا تم تخفيض أسعار الفائدة".

هل شراء الذهب جيد اليوم؟

منذ العصور القديمة، كان الذهب هو الاستثمار الأمثل للحماية في أوقات عدم اليقين، سواء كانت الصعوبات الاقتصادية أو الاضطرابات الأمنية، وعلى الرغم من ذلك ستظل أسعار الذهب مثل العديد من السلع الأخرى متقلبة دائمًا.

توقع معظم المحللين الذين تم الاستشهاد بهم في هذا المقال أن أسعار الذهب سترتفع أكثر في السنوات التالية، كما توقعوا أن تظل الأسعار فوق مستوي 2000 دولار للأونصة، وعلى الرغم من أن أسعار الذهب تتقلب مثل السلع الأخرى، إلا أنها كانت ترتفع بشكل مطرد على مدى السنوات العشر الماضية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف