تكساس تفتح جبهة جديدة في الحرب الرقمية
إطلاق قيادة سيبرانية لحماية البنية التحتية بميزانية 345 مليون دولار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من سان فرانسيسكو: في الثاني من يونيو 2025 وقّع حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت على قانون House Bill 150 بمدينة سان أنطونيو ليعلن عن تأسيس هيئة جديدة تحمل اسم Texas Cyber Command. المبادرة لم تكن مفاجئة، بل نتيجة تراكم هجمات رقمية أربكت الحياة اليومية في أنحاء الولاية، من المدارس والبلديات إلى المرافق الطبية.
الميزانية المخصصة للهيئة تصل إلى 135 مليون دولار حتى عام 2027، مع خطة توسع إلى 345.2 مليون دولار خلال خمس سنوات. وسيبدأ الجهاز عمله في 2026 مع 65 موظفًا بدوام كامل، على أن يتضاعف العدد ليصل إلى 130 موظفًا بحلول 2027. وقد عُيّن الأدميرال المتقاعد تيموثي “تي جي” وايت قائدًا لهذه القوة الجديدة، وهو شخصية معروفة بخبرته الطويلة في قيادة وحدات الحرب الإلكترونية داخل البحرية الأميركية.
الأمر لم يأتِ من فراغ. ففي منتصف سبتمبر 2025، تعرّضت منطقة مدارس Uvalde Consolidated Independent School District في تكساس لهجوم فدية أجبر المدارس على الإغلاق أربعة أيام متتالية بعدما توقفت أنظمة الهواتف وكاميرات الأمن ومنصة Skyward الإلكترونية. هذه الحادثة أظهرت بوضوح أن الهجمات لم تعد تستهدف المؤسسات الكبرى فقط، بل صارت قادرة على شلّ مؤسسة تعليمية محلية وإيقاف آلاف الطلاب عن مقاعد الدراسة.
المقارنة هنا تبدو جلية. فالهجوم على مدارس Uvalde يشبه في تأثيره هجوم Colonial Pipeline عام 2021 الذي عطّل إمدادات الوقود في الساحل الشرقي، أو هجوم بالتيمور عام 2019 الذي شلّ خدمات المدينة لأسابيع. لكن الجديد هو أن مستوى الخطر أصبح أقرب إلى المواطن العادي: طفل لا يستطيع الذهاب إلى المدرسة، أو أب يجد أن بيانات ابنه الدراسية قد تعرضت للاختراق.
هذه الأحداث وضعت تكساس أمام اختبار صعب، فأتت القيادة السيبرانية لتكون بمثابة درع دفاعي رقمي. الهيئة ستضم مركزًا متطورًا لمراقبة التهديدات، ومختبرًا للتحقيقات الرقمية، وفريقًا متخصّصًا للاستجابة السريعة عند وقوع الاختراقات. كما ستنسّق مع جهات محلية وفدرالية لضمان عدم ترك أي مؤسسة عرضة للهجمات بمفردها.
لكن التحدي لا يقتصر على الحكومات. الخبراء يؤكدون أن الأفراد أيضًا يملكون قوة حقيقية لحماية أنفسهم. خطوات مثل تحديث البرامج بانتظام، أو استبدال كلمات المرور الضعيفة بكلمات أقوى وفريدة، أو تفعيل المصادقة الثنائية على الحسابات المهمة، لها أثر إيجابي وعظيم جدًا. هذه الإجراءات قد تبدو صغيرة لكنها قادرة على إغلاق أبواب كبيرة أمام القراصنة.
الأمر يشبه قفل باب البيت: لا يحتاج الشخص أن يكون خبيرًا في الأمن ليعرف أن القفل يحمي أسرته. بنفس المنطق، تحديث الهاتف أو الحاسوب، أو نسخ الملفات المهمة في مكان آمن، يحمي العائلة من مشاكل كبيرة. حتى الأهالي أصبحوامدعوين اليوم ليسألوا مدارس أبنائهم عن خطط حماية البيانات مثلما السؤال عن المناهج أو جودة التعليم.
بهذه الخطوة تدخل تكساس مرحلة جديدة في التعامل مع أمنها السيبراني، في وقت تتسابق فيه الحكومات والشركات لبناء دفاعات رقمية تواكب تعقيد التهديدات المتسارعة. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستنجح هذه الجهود في إغلاق الفجوة قبل أن يسبقها القراصنة بخطوة أخرى