أخبار الأدب والفن

صقيع: تجربة إبداعية رقمية جديدة لـ محمد سناجلة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تصدر قريبا وتثير عاصفة من الأسئلة

عمل إشكالي يحتوي أول قصة قصيرة تفاعلية في الأدب العربي وأولى القصائد
الرقمية في الشعر العربي.

بقلم: أحمد فضل شبلول: يستعد الأديب والروائي الأردني محمد سناجلة لإصدار عمله الرقمي الثالث ضمن مدرسة أعمال أدب الواقعية الرقمية التي اجترحها منذ سنوات قليلة، وجاء العمل تحت عنوان "صقيع"، وذلك بعد روايتي "ظلال الواحد" الصادرة عام 2001 ورواية "شات" الصادرة عام 2005.
النص الجديد ينتمي إلى عالم القصة القصيرة، ولكن إذا أضفنا له تقنيات المالتي ميديا الجديدة سهلة الاستخدام، فإنه يتحول من كونه نصا أدبيا، أو قصة قصيرة، إلى إبداع آخر، أو كينونة أخرى، مما يشي بأنه من الممكن ببساطة ـ وبارتياح ـ أن نشهد الآن بداية نهاية الأجناس الأدبية التقليدية.
لذا لابد أن يثار مثل هذا التساؤل:
هل نشهد بداية نهاية الأجناس الأدبية التقليدية؟
بعد قراءة التجربة الجديدة لسناجلة أو مشاهدتها فإن السؤال الأول الذي يخطر على بال المتلقي هو قضية تصنيف هذا العمل.
هل هو قصة، أم شعر، أم سينما أم مسرح أم ماذا؟
يحتار القارئ أو المشاهد أو المتصفح في تصنيف هذا الجنس الأدبي الجديد.
هناك سرد وهناك شعر وهناك سينما وموسيقى وأغنيات وحركة مستمرة تأخذ القارئ حتى نهاية العمل وسط جو عام من الدهشة والانبهار.
ولا يبدو صاحب التجربة أقل حيرة منا حين سألناه عن ماهية العمل الجديد، وهل هو رواية أو قصة قصيرة أو شعر أو سينما؟
يقول سناجلة: إن "صقيع" نص من الصعب جدا تصنيفه، إنه يمزج ما بين السرد والشعر والموسيقى والغناء والسينما الرقمية المنتجة بالكامل باستخدام التقنيات الرقمية، وبالذات برنامج فلاش ماكروميديا وفن الجرافيكس وبرامج المونتاج السينمائي المختلفة.
ولدى الإلحاح بالسؤال حول مسألة التصنيف أو التجنيس، قال السناجلة: كما قلت من الصعب جدا تصنيفها، هناك قصة وهناك شعر وهناك سينما ومسرح وموسيقى وأغنيات، الشيء الوحيد الممكن قوله هنا في قضية التصنيف والتجنيس، إنها ضمن مدرسة "أدب الواقعية الرقمية" بمفهومها الواسع، وهي لا تخضع لأي جنس أدبي معين.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه في ظل كتابة كهذه: هل نعيش بداية النهاية لعصر الأجناس الأدبية؟
أول قصة تفاعلية رقمية في الأدب العربي
تضم "صقيع" أول قصة قصيرة رقمية تفاعلية في الأدب العربي، لكن هل يمكن اعتبارها قصة فقط؟
سيحتار القارئ أو المشاهد أو المتصفح في إجابة هذا السؤال تماما.
بل إن الحيرة تطال في تصنيف متلقي العمل: هل هو قارئ أم مشاهد أم متصفح؟ إشكاليات جديدة ومختلفة يطرحها هذا النوع من الكتابة أو الإخراج أو المونتاج ...الخ.
يقول سناجلة في "صقيع" حدث وأحلام وكوابيس وشخصيات وخط سردي متنام يصل لذروته، ثم لحظة الإضاءة الأخيرة التي تكشف فكرة العمل كله. وهذه تقنيات تستخدم في القصة القصيرة".
ولكن يبقى السؤال هل هي قصة قصيرة فقط؟
أولى القصائد الرقمية التفاعلية في الأدب العربي
تحتوي صقيع أيضا على قصيدتين رقميتين يمكن اعتبارهما أولى القصائد الرقمية في الأدب العربي، وهاتان القصيدتان هما: "بقايا" و"أحتاجك" ويأتيان ضمن البنية السردية للعمل نفسه وجزء عضوي منه، ويضيفان بُعدا إبداعيا ونفسيا للعمل.
ويقول سناجلة "أنا سارد بالدرجة الأولى لكني أردت أن أقدم نموذجا وأفقا آخر للكتابة الشعرية التي تغدو الكلمات فيها جزءا فقط من بنية القصيدة.
القصيدة الرقمية شيء أكثر غنى، إنها مشهدية الصورة الشعرية، وصقيع كنص يمكن اعتبارها كله نصا شعريا سواء كان بلغته أو المشهدية العالية التي يحتويها.
وكان سناجلة قد قدم سابقا خلال روايته "شات" ما يمكن اعتباره أول قصيدة رقمية عربية من خلال القصيدة المعنونه بـ "وجود"، والتي تم إخراجها من خلال برنامج الفلاش ماكروميديا.
سينما وموسيقى وأغنيات
تفتتح صقيع على مشهد سينمائي "زووم اوت" منتج بالكامل باستخدام التقنيات والبرامج الرقمية على الكمبيوتر، ويصور المشهد ليلة حالكة شديدة البرودة يتخللها تساقط الثلوج والمطر وعواء الرياح والضباع، وهذا هو المشهد الخارجي للعمل، ثم تذهب الكاميرا الرقمية بحركة "زووم ان" إلى رجل متوحد يجلس في غرفة ضيقة، ويحتسي الخمرة لتبدأ بعد ذلك لعبة السرد واللعب بالكلمات والصور في نسيج عضوي متكامل يقدم عملا ليس له مثيل في الأدب العربي حتى الآن.
وتصفر الريح ويلمع برق ويهدر رعد وتشعر بالبرودة تجتاحك، فكأنك تعيش في الصقيع وتحت البرد والزمهرير فعلا.
ومن خلال استخدام تقنية النص المتفرع (الهايبر تكست) وبضغطة واحدة على أيقونة معلمة (رابط) تأخذك الكاميرا إلى مشهد آخر يصور حالة بطل (القصة) النفسية والجسدية ليتتالى السرد والمشاهد.
ومن خلال أيقونة أخرى يأخذك العمل إلى القصيدة الرقمية الأولى داخل النص "احتاجك"، وتصدح موسيقى أغنية المطربة وردة الجزائرية "محتجالك"، وفي آخر القصيدة نستمع لمقاطع من الأغنية نفسها.
ومن خلال رابط آخر داخل العمل نذهب للقصيدة الثانية "بقايا" ويصدح صوت عود شجي لتأخذنا مدارات القصيدة نحو عالم آخر من الشعر والصوت والصورة، ومع آخر القصيدة نهتز مع أغنية "ما بقالي قلب" بصوت الفنان المبدع محمد عبده.
لتأتي المفاجأة الكبرى في نهاية القصة، الفيلم، وهي نهاية نتركها مفاجأة للقاريء، المشاهد، المتصفح، المتلقي ...الخ.
وقد يثار تساؤل حول: لماذا وضع المبدع عبارات معينة، دون غيرها، ليفعِّل خاصية الهايبر تكست حولها، وهي العبارات التي جاءت بالخط الأزرق ثم بضغطة عليها، تتحول إلى مشهدية أخرى؟
أيضا يثار تساؤل آخر، حول حرية المبدع في استخدام مقاطع غنائية وموسيقية، وربما لوحات تشكيلية أو كرتونية ومقاطع صوتية أخرى، لآخرين داخل عمله، هل ستكون مثل هذه الاستخدامات من قبيل "التناص" المستخدم في الأعمال الورقية، أم أننا سنحتاج إلى مصطلح آخر؟
أسئلة كثيرة يثيرها العمل الجديد للسناجلة، وهي لا توجه له، أو للعمل وحده فحسب، ولكنها توجه أيضا للواقع الأدبي والنقدي الجديد في عالمنا العربي.
مولد لغة جديدة لأدب جديد.
من الواضح أن جهدا إخراجيا كبيرا بذل في العمل، هذا إضافة للجهد الكتابي، ويبدو سناجلة هنا وهو يلعب دور المخرج السينمائي الذي يحرك كل عناصر العمل ومفرداته ضمن رؤية إخراجية سينمائية ـ إبداعية متكاملة.
ومن الواضح أنه يطبق مفردات اللغة الجديدة التي دعا إليها قبل سنوات في كتابه الرائد "رواية الواقعية الرقمية" حين دعا إلى استخدام عناصر أخرى في اللغة غير الكلمات، وحيث أعطى تعريفا جديدا للكاتب الرقمي الذي تغدو الكلمات جزءا واحدا من مفرداته، فإضافة للكلمات على الكاتب الرقمي أن يكتب بالصورة والصوت " في لغة الواقعية الرقمية لن تكون الكلمة سوى جزء من كل، فبالإضافة إلى الكلمات يجب أنْ نكتب بالصورة والصوت والمشهد السينمائي والحركة".
وفي الحقيقة فإن بنية الجملة نفسها في "صقيع" هي بنية مشهدية، ترسم صورا متحركة في ذهن القارئ، أي أن فعل الكتابة نفسه يتحول لفعل مشهدي، وهو ما يتسق تماما مع العصر الرقمي ومفردات هذا العصر.
يقول سناجلة في كتابه رواية الواقعية الرقمية "الكلمات نفسها يجب أنْ ترسم مشاهد ذهنية ومادية متحركة، أي أنّ الكلمة يجب أنْ تعود لأصلها في أنْ ترسم وتصور، وبما أنّ الرواية أحداث تحدث في زمان ضمن مكان، وهذه الأحداث قد تكون مادية ملموسة أو ذهنية متخيلة فعلى الكلمات أنْ تُمشهد هذه الأحداث بشقيها".
حقوق النشر ومكانه عن موعد صدور صقيع على شبكة الانترنت يقول سناجلة "إن العمل جاهز الآن للعرض على الشبكة، فقد انتهت مرحلة الإخراج الفني التي استغرقت شهرين ونصف، وحاليا يتم الحوار مع أحد المواقع الثقافية العربية لشراء حقوق النشر، فإن تم الاتفاق معهم سينشر خلال الأسبوعين القادمين، وإن لم يتم فسينشر على موقع اتحاد كتاب الانترنت العرب مجانا كدعم شخصي مني له".
إذن انتظروا "صقيعا" معنا، لنشعر بدفء الإبداع الرقمي العربي الجديد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف