هل جمال مبارك وراء اهانة مؤلف عمارة يعقوبيان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
القاهرة: يبدي الكاتب المصري علاء الاسواني مؤلف رواية (عمارة يعقوبيان) دهشته من عدم دعوته الى عرض خاص في دار الاوبرا بالقاهرة للفيلم المأخوذ عن روايته
ويعد الاسواني في مقالاته بصحف معارضة من أبرز المنتقدين لنظام الرئيس المصري حسني مبارك (78 عاما) الذي يحكم البلاد منذ عام 1981 بعد مصرع سلفه أنور السادات على يد متشددين اسلاميين في احتفال عسكري. ويتوقع محللون أن يتنحى مبارك خلال عام أو عامين على الاكثر ويشير اخرون الى صعوبة أن يكمل فترة رئاسته الخامسة التي فاز بها في الانتخابات العام الماضي ومدتها ست سنوات. ويأمل الاسواني أن يكون الفيلم "الذي يقول صراحة ان البلد (مصر) في بلوى قد عجب جمال مبارك (42 عاما). أتمنى أن يفهم (جمال) المقصود وينسحب (من الحياة السياسية) ويترك الناس تختار بحرية." ويصف مراقبون مبارك الابن الذي صعد بسرعة الى مركز القيادة في الحزب الوطني الحاكم بأنه "الرئيس الموازي" ويشككون في تصريحاته التي يؤكد فيها عدم رغبته في تولي رئاسة الجمهورية. وشهدت دار الاوبرا المصرية منذ صباح الاثنين استعدادات غير مسبوقة قبل عرض الفيلم حيث وزعت ملصقاته بالساحة المؤدية الى المسرح الكبير كما وضعت أربع صور لابطال الفيلم بارتفاع نحو عشرة أمتار أمام مدخل المسرح وهو ما لم يحدث لاي فيلم من قبل. وشهد عرض الفيلم رئيسا مجلسي الشعب والشورى وبعض الوزراء وسفراء عرب وأجانب. وعرض الفيلم هذا العام خارج مسابقتي الدورة الاخيرة لمهرجاني برلين وكان كما شارك الفيلم في مهرجان تريبكا الذي أسسه الممثل الامريكي البارز روبرت دي نيرو في نيويورك وحصل مخرجه مروان حامد على جائزة أفضل عمل أول كما حصل بطله عادل امام على جائزة تقديرية عن دوره.
كما عرض في هولندا مشاركا في مسابقة مهرجان الفيلم العربي بروتردام الذي اختتمت دورته السادسة في الرابع من يونيو حزيران الجاري لكنه لم يحظ بأي جائزة. وقال ناقد سينمائي يوم الاثنين لرويترز ان الفيلم مقبول للمشاهد المصري لكنه ليس مناسبا لتمثيل السينما المصرية في مهرجانات دولية.
وأضاف الناقد الذي طلب عدم ذكر اسمه أن الفيلم أشبه ببطاقة هوية "تصلح داخل حدود البلاد لكنه ليس جواز سفر. يتناول أشياء محلية لا تعني المشاهد الاجنبي" مفسرا بذلك عدم حصول الفيلم على جوائز. يبدأ الفيلم (160 دقيقة) بتعليق صوتي على خلفية لصور بالأبيض والأسود لمنطقة وسط البلد بالقاهرة مشيرا إلى تاريخ إنشاء "الخواجة" يعقوبيان للبناية عام 1937 وكانت ذات طابع "كوزموبوليتاني" تضم سكانا من ديانات وأعراق مختلفة.
ويحمل التعليق الصوتي كثيرا من الحنين إلى ذلك الزمان كما يدين الضباط الذين قاموا بثورة 23 يوليو تموز عام 1952 على النظام الملكي ويحملهم ما يعتبره فوضى وقبحا حيث كانت الشقة التي تخلو بموت صاحبها الأجنبي "يخطفها ضابط من ضباط الجيش" ونقل الضباط ثقافتهم إلى بناية تحول سطحها إلى حي عشوائي.
وقال الأسواني إنه لم يسيء إلى ثورة يوليو في نصه الأدبي أما الرؤية السينمائية فتخص صناع الفيلم الذي شاهده في نيويورك في ابريل نيسان الماضي ويراه معبرا عن روح الرواية.
ويستعرض الفيلم الذي كتب نصه السينمائي وحيد حامد مصائر شخصيات تقيم بالبناية في مقدمتهم زكي باشا الدسوقي المهموم بمطاردة النساء والذي ينعي حاضر مصر ويردد بمناسبة وبدون أن مصر الآن في أسوأ حالاتها بسبب تزايد من يعتبرهم لصوصا وفاسدين. ويقول إن "البلد باظت.. احنا في زمن المسخ."
لكن زكي لا يفعل شيئا إيجابيا لنفسه أو لمصر رغم مشاجرات أخته معه حيث تتهمه بتلويث سمعة العائلة وهو يوجه إليها اتهامات أخلاقية مماثلة فتقيم عليه دعوى حجر مشككة في قواه العقلية.
أما طه الشاذلي فهو يحب بثينة الفتاة الفقيرة التي تقيم على سطح البناية ويطمح إلى الالتحاق بكلية الشرطة وتتحطم آماله بسبب الوضع الاجتماعي لوالده بواب البناية. ويصبح عضوا في جماعات إسلامية متشددة وتتوتر علاقته ببثينة التي لا تمانع في تقديم "تنازلات" حين يتحرش بها صاحب محل للملابس تعمل به مقابل بضعة جنيهات.
ويعتقل الشاذلي بعد إحدى المظاهرات ويتم اغتصابه فيخرج مصمما على الانتقام ويطلق النار على الضابط الذي آذاه. وفي تبادل لإطلاق النار بين الشرطة ومتشددين إسلاميين يلقى الشاذلي والضابط مصرعهما.
وفي البناية أيضا يقيم حاتم رشيد رئيس تحرير صحيفة تصدر بالفرنسية وهو يجمع بين النجاح المهني والمثلية الجنسية ويسعى لاصطياد مجند في الشرطة ويبرر له الأمر بأنه مجرد متعة غير مؤذية وأن "الحرام هو الزنا" بين رجل وامرأة حيث تختلط الأنساب.
ويضم الفيلم نموذجا لرأس المال الذي يوصف بالطفيلي ممثلا في الحاج محمد عزام الذي كان ماسح أحذية ثم أصبح يمتلك مشاريع استثمارية ويطمح إلى دخول البرلمان ويرضخ لابتزاز الوزير المسؤول عن تلك المهام كمال الفولي الذي يقدم نفسه باعتباره مندوبا عن "الكبار".
ويرى عزام أن الفولي "رجل يوقف البلد (مصر) ويقدر يقعدها" في زمن تصفه الفتاة بثينة بأنه جعل مصر "قاسية قوي على أهلها".
والفيلم الذي يضم حشدا من أبرز الممثلين ويعد من أضخم إنتاج السينما المصرية مأخوذ عن الرواية التي صدرت قبل بضع سنوات بالعنوان نفسه للأسواني. وحظيت الرواية بشهرة واسعة لتناولها قضايا الفساد السياسي والاقتصادي والدعارة والمثلية الجنسية التي يعتبرها الفيلم والرواية "شذوذا".
وعلى هامش مهرجان روتردام قالت الناقدة الهولندية بيليندا فان دي خراف لرويترز إن الفيلم أقل من مستوى المنافسة في مهرجانات دولية رغم ما اعتبرته بذخا في الإنتاج.
وأشاد ناقد عربي طلب عدم ذكر اسمه بالمخرج في أولى تجاربه مع السينما الروائية الطويلة لكنه قال إن الفيلم "يغازل هوى الجمهور بتقديم معالجة أقرب إلى السينما التجارية كما تتأرجح رؤيته بين الإفصاح والتلميح فيما يخص توجيه الاتهام الصريح إلى مسؤولية رؤوس الفساد السياسي."
لكن الأسواني الذي أبدى إعجابه بالفيلم فنيا وفكريا تساءل "إذا كان الأخ جمال (مبارك) يريد مشاهدة الفيلم ألا يريد مشاهدة مؤلف الرواية" مشيرا إلى أن التقاليد في مثل هذه الحالة جرت على أن يصافح المسؤول أسرة الفيلم عقب انتهاء العرض.
ورجح أن يكون جهاز "مباحث أمن الدولة راجع الأسماء واستبعدني لأن كتاباتي مصدر إزعاج."