أخبار الأدب والفن

صلاح عبد الصبور شاعر العدد الثاني من نقد

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بيروت: صدر العدد الثاني من مجلة "نقد" الفصلية (أبريل 2007) والذي تناول تجربة الشاعر المصري الراحل صلاح عبد الصبور، بعدما كان عدد "نقد" الأول قد تناول تجربة الشاعر اللبناني بول شاوول. وقد جاء في افتتاحية العدد التي كتبها رئيسا التحرير الشاعران زينب عساف وماهر شرف الدين: "في العام الذي رحل فيه صلاح عبد الصبور كان بعض جيلنا لم يولد، وبعضه الآخر بالكاد تعلّم النطق. هذا ليس بداية مرافعة للدفاع عن جهلنا بهذا الشاعر، فقد قرأنا أحد مجايليه (السيّاب) كما لم نقرأ شاعراً حديثاً. في الواقع كان في شعر صلاح عبد الصبور جميع "المقوّمات" التي تبقيه خارج دائرة التكريس:
1- غياب القضية عن شعره في زمن القضايا الكبرى.
2- صوته الخفيض في زمن الجعير القومي والأيديولوجي.
3- ابتعاده، مختاراً، عن حلبة الريادة وتسجيل النقاط حول أسبقية كتابة قصيدة التفعيلة، وإلى ما هنالك من "فتوحات" لا تزال تأخذ نصيبها من جدل هذه الأيام.
إلى ذلك يمكننا تسجيل سبب إضافي، غالباً ما يردّده الذين عرفوا عبد الصبور معرفة شخصية، وهو مسألة إقامة العلاقات التي كان عبد الصبور زاهداً فيها.
بالطبع، هذه أسباب تُساق على سبيل المديح أيضاً، لكننا من خلالها نفتح باباً لا يمكن سدّه بإصبعين حول مسائل بنيويّة تطاول الذائقة الشعرية العربية برمّتها. بقاء عبد الصبور خارج دائرة التكريس كان يجدر به أن يكون سبباً للعودة المتكرّرة إلى شعره. لكن هذا ما لم يحصل، وقد لفتنا تعبير أحد النقّاد من الذين اعتذروا عن عدم المشاركة في هذا العدد حين قال: "أصبح بعيداً". بالفعل، صلاح عبد الصبور "بعيد" أكثر من كونه غائباً. ثمّة عائق المسافة في علاقتنا مع هذا الشاعر، لا عائق الزمن. كان عبد الصبور جريئاً في خفوت صوته وخفوت بلاغته وخفوت إيقاعه. هذه الجرأة المضادّة، التي لم تُفهم إلا في ما بعد، هي التي نسجت قماش شعره بإبرة النثر (والعكس ليس صحيحاً)، وهي التي جعلت اليومي والعادي قضية، وإن من الباب الخلفي. لم يكن في وسع عبد الصبور أن يكون شاعر الأمّة. ويكفينا أن نقرأ قصيدة "سأقتلك" في ديوان "الناس في بلادي" كي يراودنا الشكّ في كون عبد الصبور هو من كتبها حقاً: "أقسمتُ بالأهرام والإسلام والسلام/ سأقتلك/ (...) أغوص في دمك".
كان عبد الصبور شاعر وجدان وتأمّل، ولذلك كان شاعر ليل. ولو اتُّفق أن قام أحدنا بعملية إحصاء معجميّ لمفردتَي "الليل" و"المساء" في شعره لاستوقفته قلّة القصائد التي أهملت هاتين الكلمتين. ناهيك بأن أجمل مطالع قصائده ارتبطت بالليل المشفوع بمنادى غالباً ما يتأرجح بين "صديقتي" و"صاحبي". الأكيد إذاً أن في وسع المرء الحديث عن مطلع صبوريّ خانَ الأطلال مع الليل، مطلع شرطه اقتران الليل بالمنادى. في وسع المرء الكلام على "لكنة" صبوريّة، لم تهدم جداراً بين النثر والشعر، كما يشيع القول، بل بنت جسراً. كان صلاح عبد الصبور شاعر أنا منكفئة، وأنا خائبة، وأنا مكتوبة بصيغة اليومي، لذلك رفضت الأمّة أن يكون شاعرها.
(...)

"شعراء ليل" على مثال ما نقول "بنات ليل"؟
صلاح عبد الصبور حاضر، لكنه بعيد؟
لذا، لا تزعم "نقد" أن عددها الثاني أكثر من محاولة اقتراب من هذا الشاعر، أقلّه بالنسبة إلى جيلنا الذي وُلد قبل موت صلاح عبد الصبور بسنتين، أو بعده بسنتين. هذا الجيل الذي أغواه، ولا بدّ، تصديق أن عبد الصبور قُتل بكلمة قيلت له في سهرة. أسعده أن تكون الكلمة مقتل الشاعر بالفعل. كلمة قتّالة؟ شاعر سمعنا به من قصّة موته، ومن نهايته تلمّسنا الطريق إليه؟ عن حقّ، صلاح عبد الصبور "نموذج" مغرٍ لإقامة الحدّ بين الكلمة القاتلة والكلمة البعيدة".
إلى ذلك ضمّ العدد دراسات نقدية حاولت الإحاطة بمختلف الجوانب الشعرية في تجربة عبد الصبور، وهي: "شاعر المستقبل المجهول" للشاعر والناقد اللبناني عبده وازن، "النسق القناعي في قصيدة الظلّ والصليب" للناقد العراقي علي المنّاع، "غنائية الموت وقراءته في الوجود" للشاعر والناقد اللبناني محمد علي شمس الدين، "ملهاة الحياة في مأساة الحلاج" للناقد اللبناني عمر شبلي، "نحو حصر ببيلوغرافي علمي وسليم" للباحث والناقد المصري يسري عبد الغني عبدالله، "تضييق المسافة بين الشعر والنثر" للشاعر والناقد اللبناني شوقي بزيع، "ياء المتكلّم: غيابٌ يؤكّد الخضوع للفعل" للناقد اللبناني سعد كمّوني، "توظيف الموروث" للناقد العراقي عرفات فيصل، "قصة المجايلين والأبناء" للشاعر والناقد المصري محمد الحمامصي، "مثلّث الله والحزن والموت" للروائي والناقد السوري ياسين رفاعية، "عودة الشاعر الحزين إلى مدينة المستقبل" للشاعر والناقد المغربي محمود عبد الغني.
وتضمّن العدد أيضاً ملفّاً للشعراء العرب الشباب يتحدّثون فيه عن علاقتهم بشعر عبد الصبور، وقد ساهم فيه كل من: الشاعر المصري عماد فؤاد (شعرية الاستثناء)، الشاعر اللبناني فيديل سبيتي (ولو متأخراً)، الشاعر الأردني حسين جلعاد (الجسارة الشعرية)، الشاعر المغربي محمد الزلماطي (سياسة القرب الشعرية)، الشاعر السعودي أحمد الواصل (ضحية مصر)، الشاعر السوري تمام تلاّوي (الديوان المفقود)، الشاعر اليمني محيي الدين جرمة (بصمات السيّاب)، الشاعر اللبناني محمد بركات (لما فوّتُّ الكثير لو لم أقرأه)، الشاعر اللبناني رامي الأمين (ظننته أحد الضبّاط الأحرار)، الشاعر السوري هانيبال عزّوز (سؤال المحاكمة)، الشاعر اللبناني كمال المهتار (الانكاب على الألم).
إلى ذلك ضم العدد، كالعادة، منتخبات من دواوين الشاعر ومسرحياته: "الناس في بلادي"، "أقول لكم"، "أحلام الفارس القديم"، "تأمّلات في زمن جريح"، "شجر الليل"، "الأميرة تنتظر"، "مأساة الحلاّج"، "مسافر ليل"، "ليلى والمجنون"، "بعد أن يموت الملك".
إضافة إلى زاوية أخبار الشعر التي ضمّ وقفات نقدية مع الدواوين الجديدة للمغربي محمد بنيس واللبنانية جمانة حداد والسعودي سعد الحميدين والسوري أكرم قطريب والمغربي ياسين عدنان واللبناني بسام حجّار، والمصرية رنا التونسي والليبية سميرة البوزيدي، وقد أعدّ تولّى إعداد هذه الزاوية الشاعر اللبناني كمال المهتار والشاعرة الليبية خلود الفلاح.
جدير بالذكر أن العدد الثالث من "نقد" قد خُصص لتجربة الشاعر الفلسطيني محمود درويش.

لمراسلة "نقد" على العنوان الآتي:
nakd2007@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف