ثقافات

الجيم العربية وحتى التي حتحتت قلوب النحاة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بيروت من جورج جحا:في كتاب الدكتور نادر سراج "حوار اللغات.. مدخلا الى تبسيط المفاهيم اللسانية الوظيفية.. اندريه مارتينيه وهنرييت فالتير" حصل حرف الجيم العربي على حصة مهمة من حيث استحواذه على اهتمام عالم اللغات الغربي مارتينيه وبدا في تعدد اوجه لفظه واستعماله يذكّر بما قيل في "حتى" لتنوع استعمالاتها من انها "حتحتت" قلوب النحاة. تحدث سراج عن الاهتمام الكبير الذي أولاه عالم اللغات المستشرق مارتينيه لموضوع حرف الجيم وكيف انه طلب الى سراج تلميذه في جامعة السوربون الفرنسية -بعد ان طرح سراج موضوعا لجيم- التوسع في الكتابة عن هذا الموضوع من جملة مسائل أخرى.
الدكتور سراج بعد ان شرح علاقته بأستاذه الذي عرفه الى استاذة أخرى هي فالتير التي غدت صديقة عزيزة ايضا قال "الجيم العربية.. هذا الفونيم المتميز في المنظومة الفونولوجية العربية أثار اهتمام اللساني الفرنسي فبحث في تطوره وتبدل أحواله. وقد اخترته بوصفه نموذجا لمسألة حية من مسائل اللسان العربي التي سبق لي ان اثرتها وتحاورت بخصوصها مع مارتينيه الذي رغب عبر هذه الدراسة في استجلاء معالم "الجيم" ومتابعة سيرورتها وسوق رأي بخصوصها."
اعتمد مارتينيه في مقاربته لواحد من الاصوات العربية اسلوب المعاينة المباشرة التي ترصد تطور الوقائع ببساطة ودون موقف مسبق اخذا في الاعتبار التغيرات القائمة بين الأجيال وتلك الحادثة في مختلف البيئات الثقافية العربية الشديدة التنوع."
كتاب سراج الاستاذ الاكاديمي والباحث اللغوي جاء في 220 صفحة صقيلة كبيرة القطع وصدر عن "دار الكتاب الجديد المتحدة". وكان سراج قد أصدر الكتاب أصلا بالفرنسية في باريس قبل ان تظهر طبعته العربية أخيرا.
استهل الكتاب بمقدمة الطبعة الفرنسية بقلم جان اندريه مارتينيه زوجة اللساني الشهير فتحدثت عن العلاقة التي ربطت بين مارتينيه وهنرييت فالتير من جهة وبين الطالب اللبناني من جهة أخرى.. هؤلاء الثلاثة "المأخوذين والشغوفين معا بالعلم ذاته". تلت ذلك مقدمة الطبعة العربية. قال سراج في هذه المقدمة ان الكتاب يقدم للقراء إجابات عن عدة أسئلة منها "كيف يمكن للتجربة اللسانية الوظيفية التي تكاملت تعاليمها في خواتيم القرن المنصرم ان تعزز البحث اللساني الميداني في بيئاتنا العربية الخصبة والمتنوعة؟.. لماذا توسل المؤلف مبدأ الحوار منحى لعرض المباديء اللسانية الوظيفية على لسان اثنين من روادها؟... فيض الاسئلة... يجد اجابات له بين صفحات حوار اللغات الذي يقدم للقراء في حلة الضاد كي يطرح عليهم جملة اشكاليات ومواقف تقاطعت في التجربة الاكاديمية للمؤلف وحفزته لاخراجها الى النور معتمدا لهذه الغاية صيغة الحوار مدخلا لتبسيط المفاهيم اللسانية..."
وردا على سؤال "لماذا مارتينيه بالذات؟.." قال سراج "الجواب البديهي ليس بالضرورة لانه استاذي الذي "علمني حرفا" واسهمت تعاليمه في تكويني المعرفي. فهو ايضا القطب والمفكر الذي تطور فكره واتخذ ابعادا عالمية بحكم علاقات الصداقة والاهتمامات المشتركة التي ربطته بكبار اللسانيين امثال هيلمسليف وتروبتسكي وجاكوبسن وسواهم.. وهو ايضا صاحب النظرية الذي ترجمت اعماله الى العديد من اللغات الحية... وهو ايضا بالباحث المتميز.
وقد كتب سراج بانسياب قصصي -في البداية- قسما من سنوات حياته والدراسية منها بشكل خاص وعلاقاته بأستاذيه من خلال تقديمه مواد الكتاب والحديث عن اسماء مهمة على رأسها طبعا مارتينيه وفالتير. وفي الحديث عن قسم من المحتويات قال سراج "ثمة تمارين تطبيقية ثلاثة لافكار النظرية الوظيفية تشكل "السلك الموصل" لمضامين "حوار اللغات". التمرين الاول معقود اللواء لمارتينيه الذي تناول توصيف اللغة العربية في اطارها الاجمالي وفق النظرية اللسانية الوظيفية. ففي بحثه المسهب عن "الجيم العربية" يدرج جدولا بيانيا عن فونيمات اللغة الفرنسية بما في ذلك بدائلها ويقارن هذا الجدول بالنسق الفونولوجي للغة العربية ويذكرنا هنا بان اللسانيين يعتبرون ان تضافر فونيمات اللسان -أي لسان- بعضها فوق بعض يؤدي الى ان تشكل نظاما...
"توقف مارتينيه عند ان هذا الفونيم المتميز في النسق الفونولوجي للعربية ناشيء عن اهتمامه بتبدل احواله ونزوع مختلف مستخدمي لغة الضاد الى إيجاد بدائل أو مقابلات له... وقد أثبت لنا عبر تمرينه ان هذا اللساني يتحول الى تقني عندما ينصرف الى دراسة الابحاث العلمية الدقيقة كما في دراسة "الجيم العربية" اما التمرين الثاني فيعزى الى فالتير... وفي هذا الكتاب انصرفت الى تعريف مفهوم التزامنية الدينامية بمواجهة التزامنية التعاقبية في بحثها حول مفهوم التزامنية الدينامية في اللسانيات الوظيفية..."
أما التمرين الثالث فهو لسراج وقد "قام به المؤلف وهو لا يخرج بالطبع عن النسق المعتمد لدى سابقيه اي لجهة تناوله مسائل تتصل مباشرة بلغة الضاد. فقد عالج موضوع "الازدواجية اللغوية" من خلال تطرقه الى دراسة تداخل مستويات اللغة العربية في بيروت..."
وقدم عرضا استشهد فيه بباحثين وكتاب قدامى ومحدثين وتحدث فيه مثلا عن الجيم في توصيف كل من سيبويه (183 للهجرة) وابن جني (393 للهجرة) عطفا على آخرين. وتحدث عن الجيم معطشة وشامية كما وردت عند رفاعة الطهطاوي في "تخليص الابريز في تلخيص باريز" (1834) ثم عن الجيم الفصيحة عند الدكتور ابراهيم انيس في "الاصوات اللغوية" والذي انتهى الى ان للجيم من الناحية الصوتية ثلاثة انواع هي.. "شديدة خالصة الشدة وتلك هي الجيم المصرية ومزدوجة من الشدة والرخاوة فيها من الصفتين معا وتلك هي المسماة بالفصيحة واخيرا تلك الجيم الرخوة الخالصة الرخاوة وهي الجيم الشامية. ومخرج النوعين الاخيرين من وسط الحنك..."
وفي كتاب سراج عدة موضوعات ومسائل لغوية اخرى.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف