ثقافات

كاتبة مصرية: العولمة لم تدرس بالشكل اللائق من منظور ثقافي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سعد القرش من القاهرة: ترى الكاتبة المصرية ماري تريز عبد المسيح أن العولمة لم تدرس بالشكل اللائق من منظور ثقافي باعتبارها ظاهرة تعتمد على ثقافة الصورة التي تسهم في دعم الاقتصاد الرأسمالي.
لكنها تفرق بين ثقافة العولمة التي تعتبرها استهلاكية والثقافة العالمية التي يمكن بل يجب أن تكون ثمرة ثقافات متعددة. كما تشدد على ضرورة مشاركة الجنوب في انتاج ثقافة عالمية لمناهضة العولمة الاقتصادية.
وتقول في كتابها (الثقافة القومية بين العالمية والعولمة) انه "لا خوف من هيمنة الامركة فلدينا أمثلة على العديد من الثقافات التي تنتمي الى دول المركز ولكنها فرضت نفسها على الساحة العالمية مثل ثقافة بلدان أمريكا اللاتينية وبعض بلدان افريقيا واسيا واستراليا" اضافة الى ما تصفه بثقافة المنفى التي ينتجها نازحون من دول العالم الثالث الى أوروبا والولايات المتحدة.
وترى أن أمام بلدان العالم الثالث بدائل للعولمة الثقافية فبدلا من محاكاة الثقافة السائدة يمكن ابتداع معان عالمية من ثقافات متعددة في العالم ويكون للابداع دور في مقاومة "ثقافة العولمة الاستهلاكية" حيث يتحصن الابداع باستخدامه لغة قومية وهو ما يمكن أن ينجح اذا أقيمت "شبكة علاقات بين مثقفي العالم وتبادل القراءات بينهم لارساء حركة ابداعية متعددة للقوميات" وهو ما اقترحه الشاعر الالماني جوته (1749-1832) الذي حث على التوصل الى أدب عالمي تسهم فيه مجموعة من الاداب بهدف البحث عن مشترك انساني بين ثقافات الشعوب.
وصدر الكتاب في 206 صفحات متوسطة القطع عن دار ميريت بالقاهرة.
وتقول ماري تريز عبد المسيح وهي أستاذة للادب الانجليزي المقارن بجامعة القاهرة ان "الخطر من القومية المغلقة يقابله الخطر من السوق الثقافي للعولمة" مضيفة أن الامر في مجال الثقافة المرئية أكثر صعوبة فالسينما الامريكية مثلا تحاصر الافلام الجيدة للمخرجين الشبان في أوطانهم حيث لا يجدون أماكن لعرضها في بلادهم.
وترصد المؤلفة بعض معوقات الابداع العربي فتتوقف أمام التحديات الداخلية قائلة ان حكومات ما بعد الاستقلال ساهمت في تقليص دور الابداع ففي حين "سخر العلم للدفع بالتفوق العسكري تيسيرا لطموح الزعامة" تم توظيف الفنون لترسيخ "الايديولوجية القومية المتشددة أو للترفيه" وهو ما أدى في رأيها الى تراجع مكانة الفن التشكيلي على سبيل المثال في مراحل التعليم المختلفة اضافة الى النظرة التي خلطت بين الوظيفة الجمالية والربحية للفن.
وتضيف أن فن النحت أيضا يمارس عليه حظر في بعض الدول العربية حيث حطمت التماثيل حتى صار النحت "فنا تائها عن تراثه ومغتربا في أوطانه" مشيرة الى أن ما تصفه بقمع حرية الابداع في العالم العربي تتفق عليه السلطات السياسية والخطاب الايديولوجي المتشدد.
وفي حين ترى المؤلفة دورا بارزا للكتابة بالعربية فانها تشير الى أن الفنون المرئية تشهد "فجوة معرفية بين المبدع والمتلقي يتجاهلها معظم العاملين في الحقل الثقافي في العالم العربي" حيث اقتصرت الفنون الجادة على النخبة وهو ما تراه أحد أشكال خصخصة الثقافة التي تحول الفنون الى احدى اليات التمييز.
وتضيف أن الفجوة بين المبدعين والجمهور تعكس الفجوة القائمة بين السلطات العربية والشعوب وأن دخول المستثمرين "المغامرين" سوق الفنون التشكيلية نوع من تسليع الفن وتهديد لحرية الابداع وخصخصة للثقافة بعد أن أصبحت الفنون تستمد قيمتها من مكانة المؤسسات الراعية له. وحذرت أن يؤدي هذا النوع من الخصخصة الى "خمود حركة الابداع بوصفها حركة مقاومة للثوابت الاجتماعية التي من شأنها اعاقة تفعيل الخيال."
وترى المؤلفة في كتابها أن الترجمة باب يفتح افاقا على ثقافة الاخر كما ينزع بعض التشدد عن الخطاب القومي باعتبار الترجمة "ممارسة تعتمد على التأويل" مشيرة الى أنه في عصر الاحياء الذي شهدته مصر وبعض الاقطار العربية في بدايات القرن التاسع عشر كانت الرغبة في الاستقلال بالوطن تستدعي تطوير النماذج الادبية بالترجمة عن الثقافات الاخرى.
وتشيد بدور الترجمات التي قام بها رفاعة الطهطاوي ومصطفى لطفي المنفلوطي وفرح أنطون حيث كانت "تحركها سياسة ثقافية نلحظها في اختيارهم للنصوص المترجمة" مشيرة الى أن الرغبة في الترجمة آنذاك لم تنطلق من "الخضوع السلبي لما هو أجنبي كما لم تضمر العدوان على الاخر بالتسلح بالياته لتصويب هجوم مضاد عليه."
وتضيف أن الاعمال المترجمة الى العربية هيأت الفرص لكثير من المراجعات كما أدت الى ظهور أشكال وأجناس ابداعية جديدة من الرواية والمسرحية مشددة على أن الترجمة ليست محوا للذات لكنها تولد خطابا عابرا بين الثقافات في مواجهة التراتب بين الثقافة السائدة والثقافة التابعة.
(رويترز)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف