خليج إيلاف

القدو في البحرين: قبول اجتماعي في المآتم لا يعبأ بمضار التدخين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الوقت:
لا تكاد تخلو المآتم الحسينية التي تهيئ نفسها لحلول شهر محرم، من ظاهرة ''القدو'' في مآتم النساء، و''النارجيلة'' بالنسبة للرجال، وهما أدوات شعبية للتدخين، قرينة بلفائف السجائر، غير أن ما يميز كل من ''القدو'' و''النارجيلة'' هو القبول الاجتماعي لتدخينهما، حتى في الميادين العامة، والمتمثلة في ''المآتم''، لاسيما على صعيد النساء.
إذ إن غالبية الدول العربية تعتبر تدخين النساء في الميادين العامة، منافياً للأعراف المجتمعية، ومحل استنكار مجتمعي، لكن حين يتعلق الأمر بـ''القدو''، و''النارجيلة''، فإن الأمر هنا مغاير تماماً، ولم تسلم الأدوات المستخدمة في تحضير كل منها من موجة غلاء الأسعار.
وقد وفدت ثقافة التدخين باستخدام ''القدو'' في البحرين مع هجرة بعض الإيرانيين إلى الخليج العربي، إذ نقلوا معهم هذه الظاهرة، ويعد ''القدو'' من الأدوات التي كانت تدخن بها النساء في البحرين قديماً، ولازالت هذه الأداة الشعبية منتشرة حتى الآن، خصوصا بين الكبيرات في السن.
أجزاء "القدو" وأسعاره الحالية
ويتكون ''القدو'' بفتح القاف على لهجة البعض، وكسرها على لهجة آخرين، من أجزاء عدة، وتعد ''الدبه'' أولها، وهي القاعدة بالنسبة للقدو، وهو مصنوع من الطين وهي قابلة للكسر يوضع بها الماء لإكمال عملية تدخين القدو ويبلغ سعره حاليا نحو ''500 فلس''، لكنه ارتفع هذا العام مع موجة غلاء الأسعار إلى ''700 فلس''.
أما الجزء الآخر في ''القدو''، فهو ''البكار''، وهي العصا التي توصل بين الدبة وبقية القدو، وهو مصنوع من الخشب والقماش طوله نحو 65 سم، ويصنع يدويا في القطيف والبحرين والعراق، أما ''الرأس''، فهو مصنوع من الطين والحديد، وظيفته حمل التتن والجمر ويوضع فوق ''البكار'' طوله نحو 14 سم. وهناك مكون في ''القدو'' يطلق عليه ''البادكير''، وهو مصنوع من الألمنيوم، وظيفته المحافظة على حرارة الرأس وعدم فقدانه للحرارة، يبلغ طوله نحو 12 سم، و''الوقل''، المصنوع من الحجر أوالفحم، يوضع داخل ''الرأس'' لكي يمنع نزول الفحم و''التتن'' من ''الرأس'' إلى ''البكار'' ويفضل البعض أن تكون من الحجر أو الطين وتكون بحجم حبة الفستق الكبيرة.
أما المكون السابع للقدو فهو ''القلم''، بفتح القاف على لهجة البعض، وكسرها على لهجة آخرين، وهو مصنوع من الخشب والقماش أو الشريط اللاصق، له وظيفته الوصل بين ''الدبة'' والمستخدم للقدو ويبلغ طوله نحو متر تقريبا، وتفضل الكثيرات من شاربات ''القدو''، ''القلم'' المصنوعة في البحرين لجودته، والعراقي لمتانة صنعه وشهرته، وكما يوجد ''القلم'' ''المخرز''.
أما التبغ المستخدم في ''الغليون''، فهو التتن: وهو نبات، يعطي لـ ''القدو'' طعمه ورائحته، ويزرع في عمان والبحرين والهند والبصرة ويوجد أنواع منها الحار والبارد والهندي وأرتفع سعر الكيلو منه إلى سبعة دينار ونصف الدينار، مع موجة الغلاء، حسبما أكدت لـ ''الوقت'' صاحبة مآتم للنساء في منطقة رأس رمان، ومن بين أنواعه (تتن الخاكه).
جزء لا يتجزأ من المآتم الحسينية
يعتبر ''القدو''، أو ''الغليون'' بحسب لهجة البعض، جزء لا يتجزأ من المآتم الحسينية في البحرين، إذ تخصص المآتم جزء من المساحة الخارجية الملحقة بها، مكاناً لتجمع النساء بعد أو قبل القراءة الحسينية، بينما تدخل بعض المآتم الحسينية النسائية والرجالية منها، ''الغليون'' داخلها. لكن الكثير من المآتم منعته اليوم، لأسباب تتعلق بمضار التدخين على الصحة، ورائحة الدخان الصادرة من ''الغليون''، وبعض المآتم وفي الأعوام الأخيرة، منعت ''الغليون'' نهائياً وأحدها وهو ''مآتم الزهراء'' للنساء بقرية الدير، مع توقف صاحبة المأتم عن التدخين قبل عدة أعوام، لإصابتها بالربو، وكذا بالنسبة لمآتم الرجال، التي اندثرت فيها ظاهرة وجود ''النارجيلة''، داخل المآتم.
ولا يستعمل ''القدو''، للتسلية، وسلوة للسهر، وكجالب الأنس لدى النساء فحسب، بل أن ماء القدو كانت الأمهات تستعمله في الماضي، لتسكين الألم لدى أطفالهن سواء داخل البطن أم الجلد أم الأذن، ولإسكاتهم عن البكاء، لينام بعد شرابه ماء القدو، لساعاتٍ طويلة، ذلك لأنه يحتفظ بكميات كبيرة من مادة (النيكوتين) المخدرة، حسبما يؤكد الباحثون. ولفترة ليست بالبعيدة، كان الناس في البحرين يستعملون ماء القدو لتسكين ألم لسعات الحشرات، ويقوم بعملية ''تبجير'' - إعداده للتدخين - ''الغليون '' المتوسطين في العمر في المآتم الحسينية الرجالية والنسائية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف