خليج إيلاف

لماذا لا يحصل سعودي على جائزة نوبل؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فاضل العماني

ويتكرر السؤال أعلاه كثيراً في مثل هذه الأيام من كل عام بمجرد أن يتم الإعلان تباعاً عن الفائزين بجوائز نوبل العالمية في فروعها الستة: الفيزياء, الكيمياء, الطب, الاقتصاد, الأدب, السلام. سؤال يراه البعض مشروعاً ومنطقياً, بينما البعض الآخر يعتبره ضرباً من السذاجة أو الجنون.
أكثر من قرن وهذه الجائزة العالمية لا تجد طريقها إلى العالم العربي, فضلاً عن عالمنا السعودي, وحتى الاستثناءات العربية النادرة التي تحققت بحصول خمسة من الشخصيات العربية على هذه الجائزة العصية تدور حولها الشكوك والتهم والتساؤلات. فالمرة الأولى كانت جائزة نوبل للسلام عام 1978, حيث حصل عليها الرئيس المصري الراحل أنور السادات مناصفة مع رئيس الوزراء "الصهيوني" مناحيم بيجن, وذلك نتيجة للتوصل لمعاهدة كامب ديفيد من نفس العام, وهي اتفاقية السلام المثيرة للجدل بين مصر وإسرائيل, والتي اعتبرها البعض طعنة قوية في خاصرة الجسد العربي الهزيل, وتسببت في تقسيم الدول العربية المقسمة أصلاً. أما المرة الثانية فكانت عام 1988, وكانت من نصيب الروائي المصري الكبير نجيب محفوظ عن مجمل أعماله الأدبية التي صوّرت الحارة المصرية بحرفية فائقة اتسمت بالصدق والبساطة والإبداع, ولكن الإشارة المفتعلة لرواية "أولاد حارتنا" المطبوعة عام1959 والتي صُنفت في قائمة الأدب المتطاول على الذات الإلهية والأعراف الدينية, وكذلك اتهامه بالتسويق في وقت مبكر لفكرة التطبيع مع العدو الإسرائيلي جعلت خصوم الروائي الراحل تعزو حصوله على جائزة نوبل للآداب لتلك الأسباب. المرة الثالثة عام 1994 كانت في فرع السلام أيضاً, حيث حصل عليها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بالاشتراك مع إسحاق رابين رئيس الوزراء "الصهيوني" الأسبق وشمعون بيريز وزير خارجيته, وذلك "مكافأة" لهم للتوقيع على اتفاقية أوسلو الشهيرة والتي اعتبرت في ذلك الوقت سلاماً تاريخياً, وأسهمت في إحداث تطورات هامة في مسيرة الصراع العربي الإسرائيلي, لعل أهمها الاعتراف بـ "سلطة" فلسطينية في غزة والضفة الغربية, وذلك في مقابل الاعتراف بدولة إسرائيل على الحدود التاريخية الفلسطينية, كما أوجدت تلك الاتفاقية شرعية جديدة للعملية التفاوضية بين طرفي الصراع. عام 1999 كان الأبرز في مسيرة نوبل بملامحها العربية, حيث استحق بكل جدارة العالم المصري الأصل, "الأمريكي" الجنسية أحمد زويل جائزة نوبل في الكيمياء بعد توصله لاختراع كاميرا أطلق عليها "الفيمتوثانية" والتي تقوم بتصوير عملية التفاعل الكيميائي في جزء صغير جداً يصل إلى واحد على ألف مليون مليون من الثانية. ولولا جنسيته الأمريكية ـ كما يؤكد البعض ـ لما حصل على جائزة نوبل في أحد فروعها العلمية. وقبل خمس سنوات, وتحديداً في أكتوبر 2005, حصل القانوني المصري الشهير محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية مناصفة مع نفس الوكالة الذرية على جائزة نوبل للسلام, وقد كثرت الاتهامات والشكوك حول أحقية الوكالة ومديرها العام, خاصة في ظل التغاضي المريب عن البرنامج النووي الإسرائيلي الذي ينتج السلاح النووي بشكل علني ويمتلك أكثر من 200 رأس نووي, بينما الأمر يختلف تماماً مع إيران والعراق وليبيا وكوريا الشمالية.
منذ عام 1901ـ حيث مُنحت جوائز نوبل للمرة الأولى ـ وحتى الآن لم يكن نصيب الأمة العربية العظيمة الخالدة سوى 5 جوائز من بين 823 جائزة هو المجموع الكلي لجائزة نوبل في فروعها الستة, في حين حصل اليهود الذين لا يتجاوز تعدداهم 13 مليون نسمة في كل العالم على 170 جائزة, أي بنسبة تفوق 20% من المجموع الكلي للجوائز!
يبدو أنني ابتعدت كثيراً عن "المربع الأول" لذلك السؤال المستفز. إلا نستحق نحن أبناء هذا الوطن الكبير أن ننضم لقائمة نوبل العالمية, فنحن مهد الحضارات, ومنبع العلم والمعرفة, ولسان الحكمة والبلاغة, ومصدر الطاقة والثروة. سالت أحد العلماء السعوديين البارزين في مجال الاقتصاد عن السبب أو الأسباب التي أدت لخلو كل قوائم جوائز نوبل من أي اسم سعودي, رغم أننا نزخر بالكثير من العلماء والخبراء والأدباء والطاقات المختلفة, وننعم بوطن ثري يرفل بالنفط والخيرات والإمكانات. أجاب بشكل مقتضب تُغلفه الحسرة: "الجائزة تذهب لمن يستحقها ويعمل من أجل الحصول عليها, ونحن بصراحة شديدة أبعد ما نكون عن ذلك".
إن طريق نوبل طويل وشاق ويستدعي الكثير من المعطيات والتحديات, فنحن حتى الآن لا نملك بنية تحتية علمية, أو ما يُعبر عنه بالقاعدة العلمية التي ترتكز على أساسات متينة قوامها الجامعات المرموقة, والمناهج الدراسية المواكبة للتطور العلمي والتقني, ووجود أساتذة أكفاء, وتوفر المراكز الحقيقية للبحث العلمي, وازدهار التأليف العلمي والأدبي, والاهتمام بالترجمة ونقل المعارف والخبرات, وتنوع وتوفر مصادر الدعم والتمويل, ونمو الشراكة الحكومية والمجتمعية, إضافة إلى وجود منظومة إعلامية متطورة تتبنى المبدعين والموهوبين وتسوق للمشهد الحضاري الوطني بكل حرفية وصدق, كل ذلك وغيره مهم جداً, ولكن الرغبة الصادقة والإرادة القوية والعمل الجاد وباقي المحفزات الحقيقية للنهوض بهذا الوطن العزيز الذي يستحق منا بذل الكثير الكثير. نحن جميعاً على قدر سواء نتحمل المسؤولية تجاه الوطن, الحكومة والمجتمع ومؤسسات المجتمع المدني والنخب والأثرياء وكل فرد يعيش على ثرى هذه الأرض الطاهرة. نوبل ليست سوى جائزة, ولكنها قد تكون نتيجة أو محصلة لمشروع تنموي ونهضوي ينقلنا إلى مصاف الدول المتقدمة,تلك الدول التي تفخر في أكتوبر من كل عام بحصول أحد مبدعيها على جائزة نوبل العالمية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
انا بقول لك متى
عبدالعزيز آل حسين -

اذا تركتوا عنكم مسابقات احلى جمل واوسم حصان وانتاج مسلسل طاش ما طاش بعدين نفكر نعطيكم نوبل

جائزة نوبل جائزة عنصرية عرقية وليست نزيهة
عبدالرحمن عبدالله -

لان جائزة نوبل عنصرية عرقية على مستوى التاريخ وليست نزيهة منذ تاسيسها وليست جائزة تستحق ان تكون عالمية