كيف نستفيد من «أزمة الجويهل»؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خليل علي حيدر
الأزمة التي فجرها السيد محمد الجويهل في المجتمع الكويتي بين "أبناء الحضر" و"أبناء القبائل"، والكلمات غير اللائقة التي استخدمها في التلفاز بخصوص اوضاع "مزدوجي الجنسية"، والاحراج الكبير الذي وضع فيه خطاب الجويهل العنيف عشرات الآلاف من الكويتيين الحريصين على تماسك المجتمع ووحدته الوطنية وسلمه الاجتماعي، كل هذا اعادنا جميعا الى مواجهة مشكلة التعدد الحضري - القبلي، التي رغم محدوديتها مقارنة بأوضاع وامكانات الكويت، ورغم مرور سنوات طويلة عليها، لاتزال تتفاقم في الاتجاه السلبي بشدة، ولاتزال الفجوة الاجتماعية بين الطرفين تزداد اتساعا. كل هذا في بلد متخم بالمليارات ومتمتع بكل القوانين والمؤسسات والخدمات والمتعلمين والمثقفين، ولا يزيد عدد سكانه من "الحضر والبدو" و"السنة والشيعة" على المليون وربع المليون نسمة.. بل أقل!
يقول الزميل الفاضل د.خالد القحص: "هناك شعور متنام لدى ابناء القبائل بأن الحكومة تستهدفهم وتتحرك ضدهم.. لا أؤكد هذا الزعم كما لا يحق لي نفيه". (الوطن 2009/12/23). وهناك في المقابل بين الحضر، ومنذ سنين ممتدة، شعور معاكس بأن الحكومة قد جنست ابناء القبائل لتقليص نفوذ الحضر!! فمع من الحق؟
ربما كان الحق كل الحق مع الأخ د.بدر الديحاني الذي يأسف، في مقال له في صحيفة الجريدة بتاريخ 2009/12/23، لعدم قيام الحكومة بتنفيذ "مشروع وطني يستهدف استكمال بناء دولة دستورية ديموقراطية تتسع للجميع وتكون فيها المواطنة الدستورية هي الاساس الذي يتساوى، بناء عليه، الكويتيون كافة في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن اصولهم ومعتقداتهم ومذاهبهم واديانهم وجنسهم ولون بشرتهم، وهو الامر الذي سيرسخ الانتماء الوطني الحقيقي ويسهل عملية الاندماج الاجتماعي بين مكونات المجتمع كافة، وبالتالي سيقضي على الممارسات والافعال العنصرية التي تخدش النسيج الاجتماعي".
ولكن الحكومة، كما يعرف الزميل العزيز ويعلم الجميع، غير قادرة على أن تقود مشروعا وطنياً تعبوياً بهذا الحجم لتحقيق هذه الاهداف النبيلة. كما ان التيارات السياسية والجماعات الاسلامية والليبرالية لم توفق حتى الآن في ان تكون الوسيلة البديلة والقوة الدافعة، ويبقى الرهان على دور الاعلام والتعليم والتطور الاجتماعي وغير ذلك، ويبقى كذلك الدور المهم جداً، والذي لايزال غائباً، للنخب الفكرية والاكاديمية ومؤسسات المجتمع المدني، التي بدورها بحاجة ماسة لان تتبنى جوانب من هذا المشروع الوطني للبناء الاجتماعي، الذي يشير إليه د. بدر الديحاني.
ان تطوير العلاقات الاجتماعية مثلاً بين أبناء المناطق الحضرية والقبلية، بمن في ذلك الاسر والشباب، والتقارب بمختلف اشكاله، ليس من مسؤوليات الحكومة او واجباتها المباشرة. فمن يقوم بها؟
ومحاربة الافكار السلبية السائدة بين الجانبين، وهي لاتزال قوية وواسعة الانتشار، من اهم مقدمات ردم فجوة الارتياب السلبية بين الطرفين، فمن يتولاها؟
والمرأة في الاوساط الحضرية تتقدم بسرعة في المناصب السياسية والاقتصادية والادارية وتكتسب خبرات واسعة في كل مجال، بينما تحرص الاوساط القبلية، حتى غير المتزمتة منها، على عزل المرأة وحصر عملها في المجالات الوظيفية الحكومية والتدريس. أين دور وكتابات مثقفي ابناء القبائل في تغيير العقليات المحافظة الانعزالية؟ واذا كنا جميعاً من المؤمنين بالدولة ومؤسساتها، فلماذا نوجه غضبنا واعتراضاتنا في قضية التجنيس الى هذه الفئة او تلك، ونصب استياءنا عليها ونتكلم ضدها في العلن والخفاء، ولا ينال الجهات الحكومية المسؤولة عن التجنيس.. أي لوم؟ لماذا لا نشيع في اوساطنا ان كل من يحمل وثيقة الجنسية الكويتية مواطن مثلنا جميعاً له كل الحقوق وعليه كل الواجبات؟ اذا كانت لدى السيد محمد الجويهل كل هذه المعلومات، فكم لدى الحكومة منها؟ ومن سرب اسرار الناس من ملفاتها؟
تصويب
وقع خطأ مطبعي في مقال "ماذا قالوا في تكفير د. نصر حامد أبو زيد" - الفقرة العاشرة.
والصواب:
وقال صنع الله ابراهيم: "أرخى الليل سدوله على العقل في مصر وعلى كل محاولة للتنوير". المقال نشر يوم 2009/12/21. لذا لزم التنويه.