الاختلاط : أم المعارك!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أمل زاهد
يبدو أن الاختلاط أعظم شرا وأشد وطأة على المجتمع من الفساد المستشري في مجتمعنا كالنار في الهشيم، والذي وصلت أياديه الجانية البغيضة إلى تعويضات منكوبي السيل لتسرق أرزاقهم قبل أن تصل إلى أفواههم، دون أن تبالي بجراحهم التي لا تزال تئن ألما وفجيعة، ودون أن يخالج ضمائر اللصوص ذرة من رأفة أو شذرة من حياء! نعم للنس كارثة جدة والعوار الذي كشفته والأدواء التي شخصتها والمصائب التي فضحتها، ولنناقش الاختلاط وتوابعه.. فهو الذي مد أياديه الآثمة إلى الأرواح البريئة فأطبق على أنفاسها! والاختلاط هو المسؤول عن تدمير البيوت وانجراف السيارات وغرق الجامعات وتحويل الأنفاق إلى مسابح وتبديد مقدرات الوطن وحقوق المواطن المسحوق! والاختلاط هو أيضا المسؤول عن نظام التعليم التجهيلي المتكلس منذ زمن وعن جامعات تخرج العاطلين، وعن التطوير المراوح مكانه في عدد من القطاعات الهامة والمرصود لها مليارات الريالات، وعن المشاريع الضائعة التي ذكرها خادم الحرمين، وعن قحط الوظائف وشح الفرص، وعن الفقر المدقع والعشش البائسة ومساكن الصفيح في أحد أغنى دول العالم! فلنشحذ أقلامنا منددين بالاختلاط، أو مدافعين ومنافحين عنه، فهو الجاني الأول في قضية البنى التحتية المتهالكة، وشبكات تصريف المياه ذات المفعول العكسي- كما ظهر في صور لأحد أنفاق الدمام -! لنغفل الحديث عن أم معاركنا في اجتثاث الفساد من أصوله وتفكيكه وتشريحه وتجريمه، ولنبحث في أمهات الكتب عن أدلة تجيز الاختلاط!
لا ليس الوقت وقت الحديث عن الاختلاط موافقة أو معارضة، فقد غطى الفساد بصلدة سواده الآفاق، وطغى صوته الآثم فوق كل الأصوات! لا تصرفونا عن محاربة الفساد بخلق جدليات عقيمة تنحاز إلى مع أو ضد الاختلاط، يجلب كل طرف فيها بخيله ورجله على الآخر، شاهرا الأدلة والقرائن منتشيا بالنصر المبين - كما يعتقد- على المخالف! فلنخرج من هذا الشرك الذي ينصب لنا المرة تلو المرة، ولنتآزر جميعا ضد الفساد ونفضح ممارساته ونكشف خفاياه الآثمة. لا تعينوا وتساندوا اللصوص والقتلة بالدخول في مراء عقيم يصرف النظر عن قضيتنا الأساس، ولا يولد منه إلا المزيد من الفرقة والتشرذم!
استحلفكم بالله من أجل حرمة دم الإنسان التي تفوق حرمة الكعبة المشرفة.. من أجل دماء الضحايا التي لم تجف بعد.. ومن أجل ابني وابنك وأخي وأخيك.. ومن أجل الزهور اليانعة التي تفتش عن حلم تتلفح به من برد اليأس والاحباط وعدم الأمان فلا تجد إلا الفساد، يحرمها من الفرص ويغتال أحلامها وهي بعد لم تتخلق، استحلفكم بالله لأجل هؤلاء جميعا لا تنحرفوا بقضية الفساد عن مسارها!
لا ولم ولن ننسى شهداء الأربعاء الحزين، ولا ولم ولن تبرد نار كارثة جدة إلا بمعرفة المجرمين الحقيقيين والاقتصاص منهم والتشهير بهم!
وإنا معكم لمنتظرون!