سعود الفيصل: زيارة المعلم إيجابية ونأمل تحقق المصالحة الفلسطينية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
باريس: ميشال أبو نجم
لم ينف الأمير سعود الفيصل، ولم يؤكد، الأنباء التي تتحدث عن احتمال انعقاد قمة ثلاثية أو رباعية تضم المملكة السعودية ومصر و سورية "في حال كانت ثلاثية" ومع قطر إذا كانت رباعية. ووصف وزير الخارجية السعودي زيارة نظيره السوري وليد المعلم إلى الرياض مؤخرا بأنها "كانت إيجابية جدا" مذكرا بعبارة خادم الحرمين الشريفين في قمة الكويت؛ حيث تناول الخلافات العربية - العربية بقوله: "لقد حفرنا لها و دفناها". وأكد الأمير سعود الفيصل أنه "لا رجوع لمناقشة الماضي بل سنبحث ما نتطلع إليه في المستقبل".
وجاءت هذه التصريحات في لقاء صحافي في باريس عقب الاجتماع الذي عقده الأمير سعود الفيصل مع وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في مقر الخارجية، في إطار غداء عمل حضره وكيل وزارة الخارجية للشؤون الاقتصادية والثقافية الدكتور يوسف السعدون والسفير الفرنسي في باريس الدكتور محمد آل الشيخ والدكتور معن الحافظ، الوزير المفوض لدى السفارة. وحضر من الجانب الفرنسي فيليب أتيان، مدير مكتب كوشنير ومستشاره الخاص أريك شوفاليه ونائبة مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ناتالي لوازو. وسبق الغداء لقاء منفرد بين الأمير سعود الفيصل ونظيره الفرنسي. وبدد اجتماع أمس الانطباعات الخاطئة التي روج لها في باريس بسبب تأجيل الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها الوزير الفرنسي إلى الرياض يوم الأحد الماضي. وقال كوشنير الذي كال المديح للوزير السعودي: إن اتفاقا مبدئيا تم لزيارته السعودية في الثاني والعشرين من مارس) آذار) المقبل. ووصف كوشنير نظيره السعودي بأنه "أحد الأشخاص الأكثر اطلاعا وحكمة في العالم"، فمازحه الأمير سعود الفيصل بالقول إنه بذلك يشير إلى تقدمه في السن. ووصف الأمير سعود الفيصل اجتماع أمس بأنه كان "مثمرا وبناء في الوقت عينه"، مشددا على أن رؤى البلدين إزاء المسائل المثارة "تكاد تكون متطابقة وإن لم تكن متطابقة فإنها متقاربة إلى حد بعيد". وقال الوزير السعودي إن لفرنسا دورا تلعبه "ليس فقط في الشرق الأوسط بل في العالم كله"، وكان دائما "واضحا ويسعى للحق والعدل وهذا ما نتمنى أن يستمر بطبيعة الحال".
واستحوذت المشاكل الإقليمية على لقاء الأمس من المصالحة الفسطينية - الفلسطينية، ومؤتمر شرم الشيخ من أجل إعادة إعمار غزة، والوضع في الشرق الأوسط بشكل عام، والملف النووي الإيراني، والملف اللبناني - السوري، وحتى أفغانستان. ووجه الوزير السعودي بهذه المناسبة مجموعة من الرسائل، أولاها تتناول الوضع العربي العام وتحديدا مساعي المصالحة العربية. ووصف الفيصل زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم للرياض بأنها "كانت إيجابية جدا"، مضيفا أن الرياض تنظر إلى النتائج التي أسفرت عنها بـ"إيجابية"، وأشار إلى وزير الخارجية السوري بـ"الأخ وليد" وقال الفيصل "لقد بدأت هذه الحركة من دعوة خادم الحرمين الشريفين للمصالحة العربية، المملكة مستمرة بها وستستمر في طرق الأبواب لبناء هذه المصالحة على قواعد سليمة ومنجزة لما تتطلع إليه الشعوب العربية في هذه المرحلة" . ورجع الفيصل إلى كلام الملك عبد الله في قمة الكويت الشهر الماضي، للتأكيد على أن السعودية تريد إغلاق ملف الخلافات العربية - العربية بقوله "لن نرجع لمناقشة الماضي، بل سنبحث ما نتطلع إليه في المستقبل. الخلافات حفر لها حفرة عميقة ودفنت فيها".
وترك الفيصل الباب مفتوحا أمام احتمال انعقاد مؤتمر قمة ثلاثي أو رباعي قبل القمة العربية المنتظرة في الدوحة قبل نهاية الشهر القادم. وقال ردا على سؤال لـ"الشرق الأوسط" "بالواقع لا أنفي ولا أؤكد الاجتماع الثلاثي أو الرباعي".
أما الرسالة الثانية التي وجهها الوزير السعودي فكانت للفلسطينيين الذين دعاهم لتحقيق المصالحة الوطنية. وتحدث الفيصل عن "الآمال المعقودة" على المبادرة المصرية في إنجاح المصالحة الفلسطينية معربا عن أمله في أن تكون هذه المصالحة قد تحققت "قبل مؤتمر القمة العربية المقبل حتى نستطيع أن ننطلق من ذلك بما يحفظ المصالح المشروعة للشعب الفلسطيني والأمة العربية". وسيشارك الوزير السعودي في مؤتمر شرم الشيخ يوم الاثنين المقبل الذي ستحضره حوالي سبعون دولة. وسيمثل الرئيس ساركوزي فرنسا وسيرافقه وزير خارجيته الذي سيكون له بهذه المناسبة لقاء مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون.
غير أن الوزير السعودي رفض التعليق في العمق حول تكليف زعيم اليمين الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تشكيل حكومة جديدة. وقال الفيصل "نحن نجابه في إسرائيل إما حكومة ضعيفة لا تستطيع أن تصنع السلام أو حكومة قوية لا تريد أن تصنع السلام ونحن نطمح لحكومة متوسطة بين الاثنتين تسعى إلى التوصل إلى السلام"، مضيفا أنه يتعين على أية حكومة تريد السلام أن "تعامل الفلسطينيين كبشر بحيث لا تهينهم وأن تتعامل مع (دول) المنطقة بكل تقدير إذا كانت تريد العيش فيها بسلام". وأكد الفيصل أن السعودية ستلعب دورا إيجابيا من أجل السلام. أما الرسالة الرابعة التي وجهها الفيصل فتتناول إيران وهي تتكون من جزءين: الأول خاص ببرنامجها النووي، والثاني مرتبط بالجدل حول تصريحات إيرانية عن البحرين. وفي ما خص القسم الأول، شدد الفيصل على ضرورة أن تحل "أية قضايا تبرز بالطرق السلمية"، ودعا الفيصل إيران لأن "تتعاون مع كل الأطراف في جلب السلم والاستقرار لمنطقة الخليج"، وبحسب المصادر الفرنسية فإن الدول الخليجية تدعو كلها للتعامل مع الملف النووي الإيراني بكل جدية ولكنها تحذر كلها من اللجوء إلى القوة لما له من تأثير على أمن واستقرار المنطقة. وفي هذا الخصوص نفى وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أن تكون فرنسا بصدد الترويج لعقوبات جديدة اقتصادية وتجارية على إيران. وقال مصدر فرنسي لـ"الشرق الأوسط" إن "فرض مثل هذه العقوبات في الوقت الحاضر يعني تدخلا في الانتخابات الرئاسية الإيرانية وسيكون لها تأثير مغاير لما هو مطلوب بحيث تقوي معسكر المتشددين"، وكان الرئيس ساركوزي طلب من واشنطن عدم فتح حوار في الوقت الحاضر مع طهران وانتظار نتائج الانتخابات. وقال كوشنير، من جانبه، إنه "فوجئ بلائحة العقوبات" التي نشرتها أمس صحيفة فايننشال تايمس، مضيفا انه لا وجود لقرار أوروبي بفرض عقوبات جديدة على طهران "في الوقت الحاضر"، وفي أي حال، تنتظر باريس أن تنتهي واشنطن من إعادة النظر في سياستها تجاه طهران قبل أن تكشف أفكارها. وكانت معلومات تم تداولها في باريس تفيد أن باريس تنوي إرسال مدير العلاقات السياسية في الوزارة جيرار آرو إلى طهران، سألت "الشرق الأوسط" مصادر فرنسية رفيعة المستوى عن هذا الخبر فردت بأن الزيارة "غير مقررة في الوقت الحاضر"؛ مما يعني أنها "ممكنة الوقوع ولكن لاحقا" وفي موضوع البحرين، حرص الوزير السعودي على القول إن ملف الجدل انتهي. وأشار الفيصل إلى أن وزير داخلية إيران زار البحرين وطلب مباشرة أن "تنتهي هذه المقولة"، حيث أكد أن طهران "تعترف بالبحرين دولة مستقلة ذات سيادة وتعترف بكل دول المنطقة كدول ذات سيادة"، مضيفا "نحن لسنا من الناس الذين يبحثون عن إشعال النار بعد أن أطفئت" وختم الفيصل أن تصريحات الوزير الإيراني والتصريحات البحرينية المقابلة "أنهت المشكلة وهي كانت طبعا مقلقة ونأمل أنها لن تعود ثانية" ونبه الوزير السعودي إلى أن التصريحات الإيرانية المشككة بسيادة البحرين "لا تجدي في خلق جو يحفظ مصلحة الجميع بل تضر، وأول ما تضر بمصلحة إيران" ومن جانبه، شدد الوزير الفرنسي على أهمية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الحريري التي ستبدأ عملها رسميا يوم الأحد القادم. فيما نوه كوشنير بأن فرنسا والسعودية ساهمتا في تمويل المحكمة ردا على المتخوفين من أن الانفتاح على سورية سيعني تساهلا بشأن المحكمة. وقال الوزير الفرنسي: "نحن ننتظر من المحكمة أن تصل إلى نتائج وأن تعين هوية المسؤولين عن الجريمة"، واستطرد كوشنير قائلا "نحن متفقان حول هذه النقطة مهما تكن محاولات أو نجاح التقارب بين فرنسا وسورية أو مع السعودية".