انسحاب نواب احتجاجا على الحكومة وعدم ارتداء نائبتين ووزيرة الحجاب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الكويت: أحمد عيسى
افتتح الشيخ صباح الأحمد، أمير دولة الكويت، أمس، أعمال البرلمان، متمنيا أن يبدأ الجميع خطابا جديدا في العمل السياسي، والالتزام بنهج يبدد مشاعر القلق والإحباط لدى المواطنين ويبث الأمل والتفاؤل، كما هنأ المرأة بوصولها إلى البرلمان لأول مرة في تاريخ الكويت عن جدارة، وأكد أنه سيراقب بنفسه أداء المجلس والحكومة من منطلق مسؤوليته الوطنية.وكانت الانتخابات النيابية التي أجريت منتصف الشهر الماضي بعد قرار أمير البلاد حل البرلمان ودعوته لانتخابات مبكرة إثر سوء العلاقة بين الحكومة والبرلمان، أوصلت 4 نساء للبرلمان، بسابقة في تاريخ الكويت، كما وصلت بها نسبة التغيير إلى 42 في المائة، ضمت دخول 17 نائبا للبرلمان للمرة الأولى.
وشهدت جلسة الافتتاح تزكية جاسم الخرافي رئيسا للمجلس، وانتخاب عبد الله الرومي نائبا للرئيس، ودليهي الهاجري أمينا للسر، وتزكية محمد الحويلة لمنصب مراقب المجلس، إلى جانب اختيار أعضاء اللجان الدائمة والمؤقتة، كما تخللتها مشادات بين الرئاسة ونواب المعارضة على مجريات الجلسة بغرض تمرير بعض الأجندات على جدول الأعمال.
من جانبهم قاطع عشرة نواب إسلاميون وقبليون أداء أعضاء الحكومة لليمين الدستورية في خطوة اعتبروها تعبيرا عن رفضهم لاستمرار ذات النهج، بتسمية الوزراء وافتقاد الحكومة لخطة عمل تنموية، فيما عارض الإسلاميون منهم عدم ارتداء الوزيرة موضي الحمود، والنائبتين أسيل العوضي، ورولا دشتي، للحجاب، وهو ما اعتبروه مخالفة للضوابط الشرعية التي نص عليها قانون الانتخاب.
الشيخ صباح الأحمد، هنأ في كلمته التي افتتح بها أعمال المجلس النواب بفوزهم "بالانتخابات النيابية، ونيل ثقة المواطنين، كما يسرني أن أتقدم بتهنئة خاصة للمرأة الكويتية على هذه النقلة الحضارية بتبوئها وللمرة الأولى في تاريخ الكويت مقعدا مستحقا تحت قبة البرلمان، وإنه لمن دواعي الغبطة والاعتزاز أن أتقدم إلى الشعب الكويتي الأبي الغيور بخالص التقدير على ممارسة دوره الوطني في اختيار ممثليه في مجلس الأمة، في إطار ديمقراطي عامر بأجواء الحرية والحيدة والنزاهة، التي كانت بتميزها موضع إعجاب وثناء الجميع".
ودعا الجميع "بكل مشاعر الأمل والتفاؤل والثقة المستحقة إلى تجاوز هذه المرحلة بكل تبعاتها وآثارها، وفتح صفحة جديدة عنوانها بناء الوطن نتفرغ فيها جميعا إلى العمل البناء، للنهوض ببلدنا، كل من موقعه، والارتقاء به إلى المكانة التي يستحقها، ونحن بإذن الله وبعونه قادرون، فمن هذا المكان وبأيديكم تنطلق شرارة العمل الجاد لدفع مسيرة البناء والتنمية وتحقيق الآمال والطموحات، التي يعلقها أهل الكويت عليكم".
وعدد الشيخ صباح، أبرز الملفات التي تسببت في اختلال العلاقة بين السلطتين وهي: "صيانة الوحدة الوطنية وحمايتها من مظاهر الفرقة والتشتت والفتن، تطبيق القوانين والانتقال بها من الشعار إلى التطبيق الفعلي الجاد، الذي يجسد العدالة والمساواة وسيادة القانون، تطوير العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فيما يعالج العثرات والاختناقات، التي تعرقل مسيرة العمل الوطني، تصحيح مسار العمل الإعلامي بمختلف مؤسساته وأدواته".
وشدد على أن "لهذه الملفات أولوية خاصة حيث يمثل علاجها أساسا ضروريا لمواجهة كافة التحديات، التي تعترضنا، وهي تحتل القدر الذي تستحق من اهتمامي، باعتبارها أهم مقومات المشروع الإصلاحي التنموي، الذي أراه محققا للنقلة النوعية المطلوبة في هذه المرحلة لتجاوز سلبيات المراحل السابقة، إلى حتمية الالتزام بنهج جديد يؤدي إلى تبديد مشاعر القلق والإحباط لدى المواطنين وبث روح الأمل والتفاؤل واستنهاض الهمم والعزائم، لبناء الوطن وتحقيق الغايات المنشودة، ولا شك بأن نجاح هذا المشروع مرهون بمشاركة كافة مؤسسات المجتمع وأفراده، باعتباره مشروعا وطنيا جامعا، تتجلى فيه روح العمل الإيجابي المسؤول في دفع مسيرة التنمية نحو المزيد من الإنجازات المستهدفة".
وأكد في افتتاحه أعمال البرلمان الجديد أمس "إننا نعيش تفاؤلا يترقب الجميع ثمار مساراته مع بداية عهدكم البرلماني الجديد، والله أسال لكم السداد في تحكيم العقل والضمير فيما تمارسون من مسؤوليات، وأنتم تواجهون أعباء هذه المرحلة الصعبة بأبعادها الداخلية والخارجية".
وبين الشيخ صباح، بأنه ومن منطلق المسؤولية "سأكون قريبا ومراقبا لأداء كل من المجلس والحكومة، متابعا عمل كل منهما أملا أن يلتزم كل بدوره وفيا لقسمه، وإني على ثقة تامة بأنكم والمخلصين من أبناء هذه الأرض الطيبة حريصون على صيانة أمن الوطن واستقراره، متمسكون بالدستور وبثوابتنا الوطنية، قادرون على النهوض بأعباء هذه المسؤولية مهما كانت التضحيات، وليس ذلك بجديد على أهل الكويت، فهذا نهج متأصل كرسه أسلافنا على مر الزمن".
أما رئيس السن النائب خالد السلطان، فأشار في حديثه إلى أنه "لم يمض عام وها نحن نعود إلى افتتاح ثان لمجلس الأمة (البرلمان)، وليس لدينا بعد مرور هذا العام رصيد من إنجاز يذكر، تشارك في مسؤولية ذلك الحكومة قبل المجلس، فعودة إلى تأزيم وتعطيل بلا إنجاز، في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن الفرج، فلا يزال ملف تردي الخدمات الصحية على حاله، ناهيك عن ملف التعليم، ونسيان ملف الإصلاح والتنمية، ولم تخلق فرص عمل لجحافل الشباب القادم إلى سوق العمالة، ولم تعالج قضية الإسكان، كما هي أجهزة الدولة مترهلة معطلة في إنتاجيتها معيقة لعجلة التنمية، دب الفساد في أجهزتها، وتحتاج عملية استئصال جراحية وإعادة هيكلة طال انتظارها".
وأوضح النائب السلطان أن "الكويت وطن الجميع، وكل مواطن ذو قيمة مضافة لهذا البلد الأصيل من المهاجرين الأوائل ومن لحق بهم، عائلاتها وقبائلها، حاضرتها وباديتها، سنتها وشيعتها، كل ينصهر في المواطنة، ولكننا نرى في السنوات الأخيرة ظاهرة تهدد أمن الوطن من إطروحات فئوية يهدف أصحابها إلى كسب الأصوات من دون اعتبار لما يولده ذلك من أحقاد في النفوس، ينمو بمرور الأحداث والأزمان، خطره محدق على أمن واستقرار البلاد، فهذه الأحقاد هي التي أدت إلى الحروب الأهلية الطائفية والفئوية، ومزقت دولا لا تزال تعاني من هذه الكارثة، وهذا يستوجب منا وقفة تأمل، وتحريك سلطة الدولة فيمن يتجاوز هذا الخط الأحمر ويهدد أمن الدولة".
وأضاف "لقد تردى الخطاب العام في المجتمع ووسائله، وطال هذا التردي الساحة العامة ومسرح مجلس الأمة، وقبل ذلك بعض وسائل الإعلام، فالتجريح والتشهير والافتراء على الناس أصبح يجول ويصول من غير وازع أو عقوبة رادعة، فلقد آن الأوان لتشديد العقوبة، وتغليظ الغرامات حتى يرتدع من في قلبه مرض".
أما رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، فأكد في حديثه أمام النواب، أهمية إرساء صيغة جديدة تعزز آليات العمل المشترك بين البرلمان والحكومة، معتبرا أن البلاد "على أبواب نقلة نوعية في الممارسة البرلمانية والعمل الحكومي، عبورا لمرحلة جديدة من التعاون بين السلطات بما يحقق الطموحات، ويدفع بالعملية التنموية الشاملة في مختلف القطاعات، بعد أن حالت أجواء التوتر السياسي التي سادت البلاد خلال السنة الماضية دون تحقيق المتوقع من الإنجازات".
وتطرق الشيخ ناصر المحمد، في كلمته إلى استضافة البلاد القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية العربية الأولى، كونها أعطت دفعا غير مسبوق للجانب التنموي وللتكامل الاقتصادي العربي، كما تميزت القمة بتحقيق المصالحة العربية المشهودة بين أشقاء باعدت بينهم الخلافات، التي كادت تهدد الأمن القومي العربي وتعود على المنطقة بصراعات تهز استقرارها ودولها كلها، فضلا عن تحول القمة إلى تظاهرة جسدت التضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة، ويترتب على دولة الكويت متابعة تنفيذ النتائج والقرارات الإيجابية، التي انتهت إليها القمة بحكم رئاستها لها، بما يكفل إنجاز أهدافها المأمولة، كما تحمل دولة الكويت أيضا مسؤولية رئاسة القمة الخليجية، بما يتطلب مضاعفة الجهود لتعزيز التضامن الخليجي، ودفع مسيرة العمل التعاوني في مختلف الميادين".
وشدد رئيس الحكومة على أن "آمالنا كبيرة في إرساء صيغة جديدة تعزز آليات العمل المشترك بين المجلس والحكومة، ليكون هذا الفصل التشريعي متميزا بالأداء المنتج والإنجاز المثمر، والحكومة عاكفة على صياغة برنامجها للفترة المقبلة في ضوء الظروف الأمنية المحيطة والمتغيرات الاقتصادية والمالية المحلية والعالمية، وذلك في سياق متناغم مع توجهات وأهداف الخطة الشاملة للتنمية المستدامة، التي يعدها المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية عن السنوات الخمس المقبلة، كما ستقدم الحكومة قريبا برنامج عملها ومشروع الخطة التنموية إلى البرلمان، تمهيدا لمباشرة العمل التنفيذي بشأن كل منهما".
وذكر الشيخ ناصر المحمد، أن "حالة الإرهاق السياسي التي شهدتها الساحة المحلية في الفترة الماضية لم تثمر إلا تراجعا في جهود بناء الدولة العصرية، التي ننشدها، وحصادها أسفر عن تراكم هموم وأعباء واستحقاقات مثقلة بالمخاطر، إلى حد يتطلب منا جميعا المزيد من العمل الجاد، وروح الإيثار الوطني التي افتقدنا مظاهرها، ومن غير المفيد الآن أن نضيع الوقت في تحديد من يتحمل مسؤولية هذه الحالة، ولكن علينا الإسراع في تجاوز الخلافات واحتواء الاختناقات والمعوقات بإعلاء شأن الحق في حسن استعماله، وتقويم الخطاب السياسي الذي انعكس سلبا على تجربتنا الديمقراطية، وعلى ثوابتنا ووحدتنا الوطنية، وعلى أمن ومستقبل البلاد واستقرارها، وسببا لتردي الجهود التنموية وتراجع بلدنا عن موقعها الريادي المتقدم في أكثر من مجال وميدان".
وتمنى رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، من الحكومة والبرلمان الالتقاء تحقيقا لرغبة صادقة في العمل المشترك، مرحبا بأي نقد موضوعي لأي مجال من مجالات وميادين العمل، بغرض الإصلاح والتطوير، كما أن المجلس مطالب بممارسة دوره الرقابي والتشريعي، وتحمل مسؤولياته في حدود اختصاصاته الدستورية والقانونية".
ونبه إلى أن "المرحلة المقبلة تحمل الكثير من الأعباء والمسؤوليات، ومن الضروري اتفاق المجلس والحكومة على صيغة وتفاهم متبادل حول آليات تعاون مثمر في الأداء، نستعيد بها ثقة أهلنا بقدراتنا وحرصنا على الاستجابة لطموحاتهم في تحقيق الإنجازات التنموية، لذا كانت الدعوة إلى رؤية جديدة للعمل الوطني وممارسة خطاب إيجابي في العمل السياسي، يقوم على صدق إرادة التغيير، والتزام هذا النهج في مواجهة افرازات المراحل السابقة وآثارها المتراكمة، كما تم الإعلان عن المشروع الإصلاحي التنموي الذي يترجم عمليات التغيير والنهج الموضوعي في ترتيب استحقاقات العمل الوطني عبر منظومة من الملفات المحورية في موضوعاتها، وهي ملفات ذات أولوية وموضع إجماع وطني".
وأضاف الشيخ ناصر، بأن "دقة وحساسية هذه المرحلة بأبعادها الأمنية والسياسية والاقتصادية إضافة إلى الإرهاق السياسي الذي حل بالبلاد في الآونة الأخيرة، تلزم الجميع أن يكونوا على قدر المسؤولية لمواجهة مختلف التحديات، بما يعزز الثقة والأمل، بأننا قادرون على حماية إنجازاتنا، والارتقاء إلى مستوى طموحات المواطنين وتطلعاتهم نحو عيش كريم، في وطن آمن مستقر وزاهر بحاضره ومستقبله".
ورفعت الجلسة بعد ذلك، لتعود وتستأنف على أداء أعضاء البرلمان من النواب والوزراء لليمين الدستورية، ليتمكنوا من مباشرة مهامهم، كما تمت تزكية النائب جاسم الخرافي رئيسا للبرلمان، حيث ألقى كلمة ما إن اعتلى منصة الرئاسة، أعرب فيها عن اعتزازه بتزكية أعضاء البرلمان له رئيسا للمجلس، ونقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية قوله "أشعر بالفخر والاعتزاز بهذه الثقة، وانتخابي لخامس مرة على التوالي رئيسا لمجلس الأمة، وللمرة الثانية بالتزكية، وهذه الثقة ستزيدني إخلاصا للوطن والقيام بمسؤولياتي على أكمل وجه، فإن نجحت فالشكر لله، وإن أخطأت فأعينوني بالنصيحة والتوجيه، وأعاهدكم بأنني سأحرص على أن أكون رئيسا محايدا، وأعمل بكل ما أستطيع للمحافظة على هذا الحياد، وأنا لن أتساهل على من يخرج على أدب الحوار والإساءة لكرامة الناس، لذا أطلب منكم العون في تطبيق اللائحة، فمن دون التعاون لن نستطيع أن نخرج بأمان، وأن نكون عند مستوى الطموح".
كما فاز النائب عبد الله الرومي، بمنصب نائب رئيس مجلس الأمة، بعد حصوله على 36 صوتا، متقدما بذلك على منافسيه النائب خلف دميثير، والنائبة الدكتورة معصومة المبارك، وكان النائب دميثير، قد حصل على 19 صوتا، فيما حصلت المبارك على تسعة أصوات.
وفاز النائب دليهي الهاجري، بمنصب أمين سر مجلس الأمة، لدور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الثالث عشر، بعد حصوله على 32 صوتا، مقابل 29 صوتا حصل عليها منافسه النائب صالح عاشور، وتمت تزكية النائب الدكتور محمد الحويلة، مراقبا لمجلس الأمة لدور الانعقاد الأول. كما اختار البرلمان في جلسته الافتتاحية أمس، أعضاء اللجان الدائمة، وهم لجنة مشروع الرد على الخطاب الأميري، ولجنة العرائض والشكاوى، ولجنة الشؤون الداخلية والدفاع، ولجنة الشؤون المالية والاقتصادية، ولجنة الشؤون التشريعية والقانونية، ولجنة شؤون الثقافة والتعليم والإرشاد، ولجنة الشؤون الصحية والاجتماعية والعمل، ولجنة الشؤون الخارجية، ولجنة المرافق العامة، ولجنة الميزانيات والحساب الختامي، ولجنة حماية الأموال العامة.
أما على صعيد اللجان المؤقتة، فقد تمت تزكية أعضاء لجنة معالجة أوضاع غير محددي الجنسية، ولجنة شؤون ذوي الاحتياجات الخاصة، ولجنة الشباب والرياضة. بعد ذلك رفع رئيس البرلمان جاسم الخرافي الجلسة، على أن تعقد يوم الثلاثاء بعد المقبل.