مركز الملك عبدالعزيز للحوار.. مساحة فكرية لقراءة مشكلات الواقع
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
التدريب على مهارات الاتصال والتفاعل الأسري وسفير أبرز برامجه الحوارية
مركز الملك عبدالعزيز للحوار.. مساحة فكرية لقراءة مشكلات الواقع
عبدالله السمطي من الرياض: أحدث مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني منذ انطلاقته في العام 2003 حراكا ، وحيوية جلية في مختلف الأوساط والشرائح الاجتماعية والثقافية والفكرية بالمملكة العربية السعودية، لقد أصبحت مفردة " الحوار" من أكثر المفردات المتداولة في المملكة في السنوات الأخيرة .
لقد اتخذ مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني عدة طرق لنشر ثقافة الحوار وقيمه ومبادئه، تمثلت في : عقد اللقاءات الوطنية للحوارات الفكرية، وورش العمل، والدورات التدريبية ، واللقاءات الحوارية المفتوحة مع مسؤولي المركز ، وإقامة الندوات الثقافية التي تتصل بموضوع الحوار ، وتقدم مساحات حوارية جديدة مع مختلف الشرائح الاجتماعية بالمملكة، وتقديم برامج حوارية موسعة مثل برنامج:" الحوار الأسري" وبرنامج:" سفير" فضلا عن القيام بعقد شراكة مع عدد من القطاعات الحكومية والأهلية لنشر ثقافة الحوار بين منسوبيها.
ومن هذا المبدأ النشط في تقديم الثقافة الحوارية عقد المركز سبعة لقاءات وطنية في الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة والمنطقة الشرقية وأبها والجوف على التوالي خلال الستة أعوام الماضية، وقد ناقش في هذه اللقاءات جملة من الموضوعات والقضايا الملحة التي كانت تشغل المجتمع السعودي ، وهي على الترتيب: الوحدة الوطنية والمواثيق الدولية، الغلو والاعتدال، قضايا المرأة وعلاقة التعليم بذلك، قضايا الشباب، نحن والآخر، التعليم : الواقع وسبل التطوير ، مجالات العمل والتوظيف، ثم يواصل لقاءاته الوطنية حيث بدأت اللقاءات التحضيرية للقاء الوطني الثامن للحوار الفكري:" الخدمات الصحية: حوار بين المجتمع والمؤسسات الصحية" في ثلاث محافظات هي: الخرج، وخميس مشيط، والقريات.
وكما نرى في هذه الموضوعات المطروحة للنقاش فإنها تتمثل الواقع، ولا تقدم موضوعات بعيدة عن مجال الاهتمام الوطني والاجتماعي، وقد حازت قضايا المرأة والشباب والتعليم المجال الأكبر من هذه اللقاءات الوطنية التي شارك فيها أكثر من سبعة آلاف مشارك
ومشاركة وعقد لقاءاتها الرئيسية والتحضيرية في مختلف مناطق المملكة.
وقد صدرت عن هذه اللقاءات بيانات ختامية تؤكد على ضرورة فتح المجال أمام المواطنين والمواطنات للمشاركة والاستنارة بآرائهم في صنع القرارات التي تتعلق بقضايا المجتمع السعودي، وبضرورة تطوير المجالات الثقافية والصحية والتعليمية ، والاهتمام بفئة الشباب التي تمثل أكثر من 60% من المجتمع السعودي، وذلك من خلال : تشخيص قضايا الشباب ومشكلاتهم ومناقشتها، وإيضاح دور الشباب نحو الوطن والتنمية، وتفعيل مسيرة الحوار الوطني ونشر ثقافته، وإشاعة مفاهيم الحوار بين الشباب، والخروج بنتائج وتوصيات ترفع للجهات المتخصصة ذات العلاقة بالشباب .
وقد تناول المركز قضية على درجة من الأهمية وهي تحديد العلاقة مع الآخر، وذلك بهدف توضيح الأسس والقواسم المشتركة التي تقوم عليها العلاقات بين الثقافات المتنوعة، والوصول إلى رؤية وطنية مشتركة تحقق الفهم الرشيد للحضارات والثقافات العالمية، وإشاعة الوعي بالحضارات والثقافات العالمية، وبدورها في بناء التنمية الإنسانية، وتحديد الأطر الدينية والثقافية للتعامل مع الثقافات المتنوعة.
وقد نجم عن هذا اللقاء صياغة مشروع رؤية وطنية شاملة للتعامل مع الآخر ، محددا جملة من المنطلقات الإنسانية ، والثقافية، والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، التي تحافظ على هوية المجتمع، واحترام الهويات الأخرى ، والإسهام الحضاري المتميز، و الإفادة من الخبرات الثقافية الرائدة في مختلف المجتمعات الإنسانية بما لا يمس الهوية الوطنية، وتبني الحوار والمشاركة فيه سواء أكان دينياً أم ثقافياً أم حضارياً، و التفاعل الإيجابي مع المنظمات الثقافية الدولية وفقاً للدين و المصلحة الوطنية.
وقد تجلت آثار هذه اللقاءات الوطنية في صياغة جملة من المشاريع والحلول الوطنية لأبرز القضايا في المملكة، وقد شكلت هذه اللقاءات الوطنية أرضية ومساحة كبيرة للتعرف عن كثب على أبرز قضايا المجتمع السعودي ، وما يصبو إليه من تطوير في مختلف المجالات ، وصدرت قرارات تعنى بالتعليم والابتعاث وإنشاء المدن الصناعية وإنشاء الجامعات الجديدة، وغيرها من القرارات الوطنية التي صدرت عن القيادة السعودية، حيث يتابع الملك عبدالله بن عبدالعزيز هذه اللقاءات ويستقبل مشاركيها بعد كل لقاء ويقف بشكل مباشر على توصياتها وبياناتها الختامية.
وعلى الرغم من ذلك وجهت للمركز بعض الانتقادات من جانب بعض الكتاب في الصحف المحلية الذين طرحوا سؤال التوصيات التي صدرت عن المركز، وعدم وجود آليات لتنفيذها، فيما انتقد تقرير لجمعية حقوق الإنسان انتقال المركز من مناقشة القضايا الفكرية إلى القضايا الخدمية، وخمول المركز في السنوات الأخيرة، الأمر الذي حدا بمسؤولي المركز للرد على هذا التقرير بإيضاح الصورة النشطة لبرامج المركز ودوره في نشر ثقافة الحوار في المجتمع السعودي، حيث سعى المركز إلى الوصول إلى مختلف القطاعات بالمملكة من خلال عقد شراكة مع هذه القطاعات من أجل نشر قيم الحوار وأدبياته ، حيث بدأ المركز بعقد شراكة مع وزارة التربية والتعليم ، لنشر ثقافة الحوار وما ينجم عنها من احترام الرأي والرأي الآخر، والاختلاف الموضوعي، والاهتمام بالأفكار، والبعد عن الأهواء الشخصية، والإعلاء من قيم الانتماء، وترسيخ الهوية الوطنية، والتأكيد على القيم والثوابت المنطلقة من عقيدتنا الإسلامية السمحاء و نشرها وسط القطاع التعليمي الذي يعد واحدا من أبرز القطاعات في المملكة، وهو ما يتساوق مع الاستراتيجية الحوارية التي ينطلق منها المركز في نشر ثقافة الحوار في البيوت والمدارس والمساجد، بحيث يصبح الحوار نمطا من أنماط السلوك والحياة في المجتمع السعودي. ثم تلا ذلك عقد شراكة مع جامعات الملك سعود، وجامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن وغيرها من الجامعات ، وعقد مذكرات تفاهم مع عدد من الهيئات والقطاعات.
وقد جاءت اللقاءات المفتوحة مع مسؤولي المركز في مختلف المناطق والمدن السعودي لتشكل عنصرا فعالا من عناصر التواصل المباشر مع فئات وشرائح المجتمع السعودي.
وقد تجلت عن هذه اللقاءات الوطنية واللقاءات التحضيرية والمفتوحة جملة من النتائج المهمة، أبرزها الاتفاق على صيغ ومضامين ومحاور الموضوعات الوطنية، وتوسيع قاعدة المشاركة الوطنية في الحوار، واختيار المشاركين والمشاركات بناء على ما يقدم من طروحات جديدة، وبحوث، وآراء وأفكار متميزة تسهم بجلاء في وضع تصورات موضوعية للقضايا التي يتم مناقشتها.
وتتسق هذه اللقاءات مع الأهداف الحوارية التي يطمح إليها المركز والتي تتجلى في : توفير البيئة الملائمة الداعمة للحوار الوطني بين أفراد المجتمع كله بما يحقق المصلحة العامة، ويحافظ على الوحدة الوطنية المبنية على العقيدة الإسلامية، ويتمثل ذلك في جملة من الأهداف منها : تكريس الوحدة الوطنية في إطار العقيدة الإسلامية وتعميقها عن طريق الحوار الفكري الهادف ، والإسهام في صياغة الخطاب الإسلامي الصحيح المبني على الوسطية والاعتدال داخل المملكة وخارجها من خلال الحوار البناء ، ومعالجة القضايا الوطنية من اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية وتربوية وغيرها من خلال قنوات الحوار الفكري وآلياته، وترسيخ مفهوم الحوار وسلوكياته في المجتمع ليصبح أسلوبا للحياة ومنهجا للتعامل مع مختلف القضايا، و توسيع المشاركة لأفراد المجتمع وفئاته في الحوار الوطني وتعزيز دور مؤسسات المجتمع بما يحقق العدل والمساواة وحرية التعبير في إطار الشريعة الإسلامية، وتفعيل الحوار الوطني بالتنسيق مع المؤسسات ذات العلاقة، وتعزيز قنوات الاتصال والحوار الفكري مع المؤسسات والأفراد في الخارج.
إن المضمون الأمثل الذي يسعى إليه مركز الملك عبدالعزيز للحوار يتجلى في ترسيخ قيم الحوار والوسطية والاعتدال لدى شرائح المجتمع السعودي، وقيام أواصر للتواصل بين مختلف الفئات انطلاقا من مبادىء الانتماء الوطني ، وتعزيز هذا الشعور ليشكل محفزا كبيرا للانطلاق والتقدم النوعي في مختلف المجالات.
حوار المجتمع
يحرص مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني منذ إنشائه على التواصل مع المجتمع، فالحوار الوطني عقد من أجل البحث في القضايا التي تهم المجتمع بالدرجة الأولى، والوصول إلى حلول منهجية واقعية ملائمة من خلال طرح الأسئلة والمشكلات التي تشغل الوجدان الوطني المجتمعي، ولذلك فإن الحوار الوطني يشارك فيه ممثلون عن مختلف شرائح المجتمع، ولا يقتصر فحسب على النخب الثقافية أو العلمية أو الفكرية، فهو منبر حر لكل فئات المجتمع يلتقون على مائدته ، ويتواصلون مع المسؤولين في جميع القطاعات الحكومية والأهلية في تناول مشترك لكل ما يشغل بال الإنسان السعودي، وقد تحقق هذا التواصل مع المجتمع من خلال البث المباشر لجلسات اللقاءات الوطنية، ومن خلال التواصل الفعال مع موقع المركز على الشبكة العنكبوتية، وقد افتتح المركز مؤخرا منتدى للحوار والندوات الالكترونية للتواصل بشكل مباشر مع المجتمع السعودي بمختلف قطاعاته وفئاته.
لقد جاء الحوار الوطني ليلبي حاجات المجتمع في بحث القضايا الوطنية الملحة، وليلبي حاجته في التواصل ، والتأكيد على قيم المحبة والتسامح والاعتدال، ولإبراز صورة المجتمع السعودي المثلى التي تتحلى بالشيم والأخلاق العربية والإسلامية، من أجل تغيير تلك الصورة النمطية التي تعرضها وسائل الإعلام الغربية للمملكة وللمنطقة العربية ككل، فالمجتمع السعودي حقق نهضة متميزة ، وقطعت بلادنا أشواطا كبيرة صوب النهضة والتقدم في مختلف المجالات، في فترات زمنية وجيزة. إن هذه الصورة التي يشارك فيها المواطن والمواطنة في مناقشة قضايا المملكة، وفي الإسهام في وضع حلول لها، وفي الطرح الحر المنهجي من أبرز مجالات التواصل بين المركز والمجتمع، بحيث أصبح المجتمع السعودي أكثر حرصا على المشاركة والتفاعل والإقبال على الحوار بشكل غير مسبوق.