خليج إيلاف

التكامل الاقتصادي بين المنامة والرياض لا يتزحزح رغم الازمة المالية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

طه علوي

أجمع اقتصاديون على عمق ومتانة التكامل الاقتصادي بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية رغم رياح التغيير التي رافقت تبعات الازمة المالية العالمية والخلافات الدائرة بين أروقة دول مجلس التعاون فيما يخص الوحدة النقدية الخليجية.واوضحوا في تصريحات خصوا بها "الوطن" ان عدم التفاهم على تطبيق العملة النقدية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي يشكل عائقاً كبيراً أمام الوصول الى التكامل الاقتصادي لتلك الدول، مطالبين بازالة كافة الخلافات التي يغلب عليها الطابع السياسي اكثر من النواحي الاقتصادية على حد قولهم.

وحثوا قيادات دول الخليج على وجوب تنفيذ نواياهم الصادقة نحو تعزيز التكامل الاقتصادي الخليجي والاستفادة من الجهود المبذولة خلال الثلاثين سنة الماضية، مع مواصلة المسيرة وازالة الخلافات بما يخدم المنفعة الاقتصادية العامة.

وكان ولي العهد سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة قام مؤخراً بزيارة للمملكة العربية السعودية هدفت الى توطيد العلاقات وبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين.

وقال الخبير الاقتصادي د. جعفر الصائغ " ان الاهتمام الذي يكرسه قادة دول الخليج للمسعى الرامي الى تحقيق الوحدة النقدية يمثل احدى اهم ركائز التكامل الاقتصادي الذي قطعت دول مجلس التعاون الخليجي اشواطا متقدمة فيه".

واضاف الصائغ " ان دول الخليج تواجه هذه العقبة التي اذا ما تخطتها فسيكون المجال مفتوحاً لها للمضي قدماً في تحقيق جميع مراحل التكامل الاقتصادي لتصبح نموذجاً عربياً وكتلة اقتصادية مؤثرة على المستويين الاقليمي والدولي.

واوضح الصائغ "إن المطلوب من دول مجلس التعاون الخليجي الاهتمام بالمصلحة العامة أكثر من مصلحة الدول الذاتية والتنازل عن بعض المميزات التي تتمسك بعض الدول بها كمصلحة فردية للاتفاق على العملة الموحدة التي سيتولد عنها كيان جديد وتكامل اقتصادي شامل لدول الخليج.

ويرى الصائغ ان امام دول الخليج منهجية تبدأ بمنطقة التجارة الحرة التي يتم بها تحرير كامل للسلع المتبادلة بين الدول الأطراف ثم الاتحاد الجمركي الذي يضيف الى المرحلة الأولى إقامة جدار جمركي موحد تجاه الأطراف الأخرى، ثم إقامة السوق المشتركة التي تشمل حرية انتقال كل من السلع ورأس المال والعمالة، ومن ثم مرحلة الاتحاد الاقتصادي وفيها يتم تنسيق السياسات التجارية والاقتصادية بين الدول الاطراف لتأتي بعد ذلك مرحلة الوحدة النقدية، حيث يصبح للتجمع التكاملي سياسة نقدية موحدة وعملة موحدة تحل محل العملات الوطنية.

وبين الصائغ ان هناك منافع كثيرة يتم جنيها عند وصول المجتمع الخليجي الى مرحلة التكامل الاقتصادي أهمها بروز كتلة اقتصادية قوية إقليمية ودولية لها تأثيرها في مجريات الاقتصاد العالمي، الى جانب ان المنطقة ستكون مستهدفة من المستثمرين والشركات العالمية كونها سوق موحدة مشتركة سهل الانتقال فيها.

واكد الصائغ انه في حال الوصول الى التكامل الاقتصادي سيحقق النمو الاقتصادي فرص عمل جديدة وسيتحسن المستوى المعيشي، علاوة على إمكانية انخفاض أسعار السلع بحكم حرية انتقالها بيد دول الخليج التي ستستوردها بكميات أكبر.

من جانبه قال الخبير الاقتصادي عبد النبي سلمان "إن الاتفاق على العملة الخليجية الموحدة والتفاهم وحل الخلافات السياسية سيقود الى التكامل الاقتصادي"، لافتا الى ان الخلافات السياسية طغت على الجانب الاقتصادي في الوضع الراهن" .

واضاف سلمان " يشكل التنسيق والتكامل والترابط الاقتصادي بين دول مجلس التعاون أحد الاهداف الاساسية للمجلس وفقاً لما ورد فى نظامه الأساسي، ومن ضمن الأهداف المنصوص عليها وضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين، بما في ذلك الشؤون الاقتصادية والمالية والتجارية والجمارك والمواصلات والاتصالات والطاقة، ودفع عملية التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والثروات المائية".

وبين سلمان ان دول الخليج قامت بخطوات فعلية للوصول الى التكامل الاقتصادي كالمشاريع المشتركة وتوحيد تشريعات الاستثمار والتعامل الجمركي، مشيراً الى ان ما ينقص التكامل الاقتصادي هو تطبيق التشريعات التي اقرت للوصول الى ذلك التكامل بما فيها العملة النقدية الموحدة والسوق الخليجية المشتركة.

ولفت سلمان الى ان خروج الامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان من العملة النقدية الموحدة يشكل أكبر عوائق التكامل الاقتصادي بين المنظومة الخليجية، مطالباً القيادات الخليجية بضرورة إعادة النظر في القرارات التي يغلب عليها الطابع السياسي وليس الاقتصادي.

وبدأت مسيرة التكامل الاقتصادي في مجلس التعاون الخليجي بتوقيع الاتفاقية الاقتصادية الموحدة في شهر نوفمبر من عام 1981، وذلك في الدورة الثانية للمجلس الاعلى التي عقدت بالرياض. ووضعت الاتفاقية هيكلاً طموحاً للتكامل يشمل التعاون التجاري وتنظيم انتقال الأموال والأفراد وممارسة النشاط الاقتصادي والتنسيق الإنمائي والفني والتعاون في مجال النقل والمواصلات، وكذلك التعاون المالي والنقدي، بحيث تتم هذه الخطوات جميعها بشكل متواز.

وفيما يخص التعاون النقدي، فقد هدفت الاتفاقية بشكل واضح الى ان تقوم دول المجلس بتنسيق سياساتها المالية والنقدية والمصرفية والعمل على توحيد العملة لتكون متممة للتكامل الاقتصادي المنشود.

وقرب نهاية عقد التسعينات، ومع تزايد درجة التحديات التي تواجه المنطقة على الصعيدين الداخلي والخارجي، ومع زيادة وتيرة الاندماجات الدولية سواء فيما بين الدول او بين الشركات اقليميا ودوليا، وخصوصا بروز نموذج الاتحاد الاوروبي كاتحاد اقليمي عملاق، بدأت الخطوات الخليجية على سبيل التكامل تأخذ نمطاً أسرع.

وتم من خلال القرارات التي اتخذتها القمم المتوالية لمجلس التعاون السماح لمواطني دول المجلس الطبيعيين والاعتباريين بممارسة عدد من الانشطة الاقتصادية والمهن وجميع الحرف، وممارسة تجارة الجملة والتجزئة وتملك اسهم الشركات المساهمة في الدول الاعضاء، فضلاً عن المساواة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في المعاملات الضريبية وإمكان الحصول على قروض صناعية وفي الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم.

ويجرى العمل حالياً على تطبيق الجدول الزمني النقدي بعد أن أقره المجلس الأعلى في قمة مسقط ديسمبر 2001 لتحقيق متطلبات الاتحاد النقدي وتحقيق مستوى عالٍ من التقارب بين الدول الأعضاء في كافة السياسات الاقتصادية المالية والنقدية والتشريعات المصرفية.

وفي ضوء ذلك، تم في ديسمبر 2005 موافقة المجلس الأعلى على معايير التقارب الاقتصادي اللازمة لقيام الاتحاد النقدي، إضافة الى الانتهاء من مسودة التشريعات والأنظمة الخاصة بالسلطة النقدية المشتركة التي ستتولى مهام إصدار العملة ووضع وإدارة السياسة النقدية الموحدة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف