ملحق شباب ألاسبوعي

.. وظهرت هيفا وهبي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كنت حينها طفلا غريرا، كنت طفلاأشقر الشعر وأزرق العينين .وكان كل من يقع نظره علي يموت غيظا من ظرافتي ، وكان أبي وأمي يفعلان ما أشاء ، كانا فخورين بهذه التحفة التي أنجباها . كنت طفلا جميلا بكل ما للكلمة من معنى.
فلم أعد مضطرا للدخول إلى المدرسة أو تعلم القراءة والكتابة .. جمالي هو الحل ..كنت ملكا صغيرا وسيما ظريفا .
ومرت سنوات السعادة بسرعة وإنقلب حظي .. لا أدري حقا كيف تحول لون شعري الأشقر إلى أسود فاحم ، وكيف إنقلبت عينايالزرقاوان إلى سواد آخر ..لم أعد جميلا ، وكل من يقع نظره علي يخفي ابتسامة هازئة بهذا الجسد الهزيل والسواد الذي يغمره ..أصبحت "عجيبة" . فكيف يمكن لشخص "واحد "أن يحمل كل هذا السواد .قلب والدي شفته السفلى بامتعاض ولطمت أمي صدرها بأسى .. يا للحظ العاثر ، لقد أنجبنا كارثة .
لم يعد جمالي في خدمتي ، وانطلاقا من قبح قرر أن يلقي بكل "إبتداعاته " عندي ، تعالت الإحتجاجات على فشلي .." يا لك من كسول .. عليك أن تكون الأول في صفك .. أنت قبيح عليك أن تكون عبقريا ".كتمت غيظي وأكملت سنوات الدراسة ، حاولت قدر المستطاع أن أكون ذكيا فلم أفلح .. يا لهول المصيبة ، قبيح وغبي .
حملت أمي همها وأخذت تبحث لي عن عانس أو قبيحة تشبهني كي تضمن لي عروس المستقبل..فلم أبال بذلك، كنت قد قررت الا أتزوج وأن أصبح كاتبا .
هكذا لن يراني أحد .. سيحبون كتاباتي وبعدها حين أظهر قد يتمكنوا من "محبة" شكلي أيضا ..فمعظم الكتاب لا يملكون أي وسامة تذكر .
... حسنا ، لقد تم تحديد الهدف .. سأصبح كاتبا . تقلبت بهدوء في سريري . الليلة سأنام قرير العين ، سعيدا . لن أغضب من صراخ والدي وعويل أمي .. سأرفع قلمي في وجهيهما وأسكتهما بجملة ما .. لا بد أن تكون فصيحة للغاية . لا أعلم ما هي هذه الجملة لكن من المؤكد سأبتدعها غدا .. وستكون غاية في الفصاحة .
التلفزيون يلمع في وجهي .سأشاهد قليلا من "السخافة " التي لن تفيدني في مسيرتي الثقافية ، بل ستجعلني أحزن وأرثي لحال شعبي المنهمك في التفاهات .. سأتراقص قليلا على بعض أغنيات المستوى الهابط وأرددها سعيدا ثم ألعن من يغنيها .
وما الفرق فعلا .. فأنا مشروع كاتب ، ويمكنني أن أقول ما أشاء . الحياة ستصبح سعيدة قريبا .علت إبتسامة هانئة وجهي ، ولعله تخلى عن قبحه للحظة ، فأسى السنوات الماضية سيذهب من غير عودة .. وفجأة ظهرت هيفا وهبي .
حدقت بذهول ، فغرت فاهي ، حركت رأسي بطريقة هستيرية ، مرت لحظات كالحلم الجميل .."لا تذهبي .. غني من أجل قبيح فاشل مرة اخرى ".. لتحل اللعنة على المحطة الكريهة ، لا أريد برنامجا حواريا أو ثقافيا أو حتى فيلم .. أريد هيفا وهبي .
الساعة تشير إلى الخامسة فجرا ولا ازال أقلب بين المحطات بحثا عن فتاة أحلامي ، لعلها ستظهر بين فينة واخرى .أغمضت عيوني لأحلم بها ، وغدا سأبحث عنها مجددا .
صوت أمي يعلو ، تريدني أن ابحث عن وظيفي ..أمسكت بجهاز التحكم وبدأت بالتنقل بين المحطات .عاد والدي من العمل ، شرع يعاتبني على كسلي ..إبتسمت بسعادة .هددني بالطرد من المنزل ..فابتمست مجددا .
إقتربت منه بهدوء وأمرته بالجلوس ، أخبرته كيف قررت أن أصبح كاتبا مشهورا وكيف سأتحول إلى رجل مهم .إبتلع غصة كادت تخنقه ورضي "بأضعف الإيمان ".
ثم ضحكت ببلاهة ، وأعلمته أنني لا أريد أن أصبح كاتبا بعد الأن ..بل أريد هيفا وهبي .
جلس إلى حافة السرير يغالب "سكتة دماغية"، تملكني الرعب وصليت لحبيبتي أن تظهر على هذا المسكين لتفهمه سر حبي لها . وطبعا لم تخذلني جميلتي المدللة وظهرت بكامل حلتها تتراقص أمامه .." ها هي .. الا تستحق أن الاحقها طوال حياتي ".


.. صوت أمي يعلو مجددا و هي تندب حظها .. لقد عادت من العمل . صرخت بوجهي ووجه والدي ..ولعنت هيفا وهبي التي ألقت بسحرها علينا .إبتسم والدي ببلاهة ورددت عليه بإبتسامة أخرى .. أكثر بلاهة .
حبيبتي هيفا .. إنني قادم .. إنتظريني .


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف