ملحق شباب ألاسبوعي

يوميات مغترب في الكويت

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فراس سليم : وكانت الفرحة بوصولنا إلى الكويت ، وأخيرا تمكنت من الحصول على وظيفة بمعاش جيد . لم أكن أنوي الهجرة حينها ، لكن صفة "عاطل عن العمل " إلتصقت بي حتى استنفذت قواي النفسية و الجسدية.

أصبحت الآن "أجنبيا" وعلي أن أتصرف وفقا لقواعد هذه الهوية الجديدة .

حملت أوراقي وتوجهت إلى مقر عملي ، هناك جلست خلف مكتبي الفخم. شربت قهوتي مع أجنبي مثلي واتفقنا على مخططات عطلة نهاية الأسبوع .
الحياة مختلفة جدا في الكويت .. فهي عبارة عن مجتمعات منعزلة عن بعضها البعض مع بعض الإستثناءات .

لنبدأ من المجتمع الأساسي ، الكويتيون . للكويتين مناطق سكنهم الخاصة والتي هي عبارة عن منازل ، بينما البقية الباقية من الوافدين الأجانب يقطنون بنايات سكنية في مناطق أخرى . وكون القانون يمنع تملك أي أجنبي ، فإن إمكانية إستئجار بيت "في عقر دار الكويتين " تنحصر بالأثرياء ، بل الأثرياء جدا .

ولا تنحصر العزلة الكويتية عن الأجانب بمناطق سكنهم فقط، فالعلاقات الاجتماعية معهم تبدأ من العمل واحتمال تطورها إلى صداقة ضئيل جدا.فأنا وعلى سبيل المثال ،وافد منذ خمس سنوات إلى الكويت ،ولم أدخل سوى إلى ديوانية واحدة في منزل كويتي .وربما تجدر الإشارة هنا أنعلاقات العمل محصورة هيأيضا ،فالكويتيون يعملون في القطاع الحكومي باستثناء القلة القليلة التي تعمل في القطاع الخاص .هذا القطاع الذي نعمل فيه "نحن"،فالمالك كويتي والزبون كويتي ..والأجانب يقومون بتسيير العمل.

العلاقات مع المواطنين سهلة للأجنبي الذي ولد وترعرع بينهم،كما هي سهلة أيضا للنساء .فمن عادة النسوة التفاعل السريع.كما قد تكون سهلة لبعض الجنسيات فالأوروبي والأميركي واللبناني من المفضلين لديهم.

نحاول أن ننسى الفارق الكبير بين بلادنا والبلاد التي أتينا اليها، نحاول أن ننسى إننا مهاجرون ،إلا أن العزلة المفروضة علينا ..تذكير دائم ..أنتم مغتربون ..أنتم أجانب..فلتكن العزلةلأنكم لستم مواطنين.

للكويت نظامها الخاص، حياتها وعاداتها وتقاليدها .ومن المؤكد "إننا نحن الوافدين"لسنا بصدد محاولة تغير أو إنتقادها .فهي كانت خيارنا ..ذهبنا اليها بملء إرادتنا لنعمل.
غدا كما اليوم وكما قبله سأذهب إلى عملي ،وأقوم به على أكمل وجه ..لن أدع كبريائي يدفعني إلى شتم أحد عندما أتلقى إهانة لمجرد أنها ليست من "إبن بلدي"..
وعندما أنتهي من عملي سأعود إلى منزلي "الأجنبي" في بناية تضم من يشبهني . وبعد ذلك سأجلس لساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر أفتش عن "غرف الدردشة" التابعة لبلدي. سأسألهم عن أحوال بلادي .. عن طقسها ،وعن البحر .وعندما تشير الساعة إلى منتصف الليل ، سأتسلل إلى سريري وأنام.وفي نومي لن أكون أجنبيا ،سأكون أنا .. بلا أي صفات .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف