إتنبهوا انتم على الهواء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كان يتحدث عن الدستور والقانون الانتخابي..جملته الاولى تثيرالتعجب . فالدستور كما قال قبلته فئة والفئة الثانية وجدت نفسها ملزمة بقبوله .يوافقه صعب الرأي ويتابع حديثه الذي بالكاد تتمكن من تجميع بضع كلمات منه ..الصوت ما زال خافتا.
فجأة يتدخل الكاتب السياسي في صحيفة النهار نبيل بو منصف شارحا وجهة نظره عن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري من عدم دعوتهم للتجمع .."فالجماعة " برأيه شعرت انها معزولة حين لم تتم دعوتهم وكان يبدو راضيا جدا عن هذا العزل.
حينها تدخل ادمون صعب للحديث وقبل ان ينطلق بتعليقه سارع جعجع للتنبيه ..انتبهوا انتم على الهواء.ثوان معدودة من البلبة ثم انقطع الصوت ..وعادت المؤسسة اللبنانية للارسال الى الاستديو ."
وهنا قطع الخبر وتبدأ التساؤلات..ونحن شعب يحب التساؤلات كثيرا.
ماذا لو لم ينتبهوا انهم على الهواء مباشرة ..ماذا لو قالوا ما يقولونه عادة في جلساتهم ..هل هو "فج" الى حد دفع بجعجع _الديبلوماسي للغاية منذ خروجه من السجن_والحريص جدا على كل كلمة ان يندفع بالقول انتبهوا ..
لماذا الانتباه ..الم يكن بالامكان القول "نحن على الهواء" بنبرة اقل قلقا .او حتى كتابتها على ورقة وتمريرها لادمون صعب.هل كان ما سيقوله ادمون صعب يتوجب ستره لدرجة استدعت هذا التدخل العاجل قبل ان يتفوه بكلمة.
يا الله قطعو البث...جزء منك يتآكله الفضول لمعرفة ماذا كانوا ليقولوا لو لم ينتبهوا انهم على الهواء وجزء اخر سعيد لانهم انتبهوا وصمتوا لانك لم تعد تقوى على سماع اي شيء.. وخصوصا ما يستدعي الانتباه .
لا تريد ان تسمع ما كان بالامكان قوله . فخمس دقائق من "الصراحة" غير المقصودة في ذلك الاجتماع ناقضت كل ما صدر عن الاخرين .
ماذا الان .. أين اصبحنا وماذا حل بنا .
كل يدافع عن رؤيته وقراءته السياسية ، كل يدافع عن برنامج حزبه .
نكره سورية ونتهمها ..ولا نفوت مناسبة في تجييش الراي العام ضدها .تكاد تصدق انهم حقا يكرهونها حتى تقرأ عن شخصيات رسمية لبنانية عدة اجتمعت مع ارفع المسؤوليين السوريين وبشكل مكثف بعيدا عن وسائل الاعلام ..اين ، في سورية .
ما هذا النفاق .. منطقيا فان الجهة التي تخفي تواصلها مع سورية هي نفسها التي تنكرت لعلاقتها معها بعد خروج هذه الاخيرة من لبنان في ربيع هذا العام بعكس الفئة التي ما زالت تفاخر بعلاقتها التي لم تنقطع يوما مع النظام السوري، وبالتالي فان زياراتها لا تتطلب تكتما.
التجيش والدعوات والتصريحات والصراعات مسموحة اما محاولات التهدئة وتنفيس احتقان هذا الشعب الذي يوشك ان ينقض على بعضه البعض ممنوع .
هم لا يكترثون بتعب هذا الشعب ولا بانكساره ولا بخوفه ولا بفقره ولا بحزنه .
يقولون انهم لا يريدون حربا وكل ما يفعلونه يثبت عكس ذلك .
فهم لا يريدون سماع شاب من قوى 14 اذار يدلي برأيه مهددا متوعدا .."المزايدة في الوطنية والمقاومة ممنوعة .. تريدون جعلها مجموعة تحالفات ..فلنجعلها كذلك . فنحن مستعدون لحرب أهلية ، سننزل الى الشوارع و"منفتحها" حرب اهلية ".
ماذا لو اندلعت الحرب فعلا ..هل سينضم الينا اي من السياسيين في الملاجئ التي لم تعد موجودة اصلا .
هل سيحضن اي منهم اطفاله خوفا عليهم ..لا اعتقد.
فاطفالهم سيغادرون لبنان ..وهم _كما سابقا_سيهللون لنا من الخارج.
امس وقف غسان تويني يودع إبنه .ما هم ما كانت مواقف جبران وما هم ان كنت توافقه ام لا ..لقد اغتيل .
احدهم قرر لعب دور الله في لبنان فاستساغه .
الشوارع صامتة لا تسمع سوى اصوات التلفاز من المنزل ..مشهد يتكرر.
طفلي الصغير يحدق بالشاشة ..يحب في هذه المرحلة من عمره الوجوه والصور.يصدر اصواتا بين حين واخر كي التفت نحوه ، يبتسم لي ويتابع تحديقه..يضحك ويحرك يديه الصغيرتين .
هذه المرة لن افرح لانني وجدت وسيلة تصرف انتباهه عني لفترات طويلة .. لقد شاهد من صور الموت ما يكفيه حياتا كاملة .