الهوية الضائعة لمقاهي وسط القاهرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
فمقاهي وسط القاهرة جزء لا يتجزأ من تاريخ مدينة الالف مئذنة، تقفز الي مقدمة الصورة خلال الازمات وتتراجع الى خلفيتها لحظات الهدوء التي قلما يجود بها الزمان على الشعوب.
وبالرغم أن أعداد المقاهي التي اصطلح على تسميتها بـ"مقاهي المثقفين" في وسط القاهرة ليست كثيرة حيث لا تزيد عن أصابع اليدين، الا انها حازت على شهرة كبيرة ربما فاقت في كثير من الاحيان ما كان يحلم به أصحابها، واستندت في ذلك الى تاريخ عريق ورواد باتوا ملء السمع والبصر ويفخر كل انسان بالجلوس في مكان سبق لهم الجلوس عليه.
وحتى وقت قريب كانت تلك المقاهي مركز جذب للمثقفين من أصحاب الاتجاهات الفكرية المختلفة، اعتادوا التجمع فيها دون مواعيد مسبقة يناقشون ما استجد من قضايا ويطرحون ما يطرأ من أفكار. يتفقون حيناً ويختلفون أحياناً ولكنهم في جميع الأحوال ظلوا محافظين على الصورة العامة لهذه المقاهي والمتمثلة بأنها قبلة للمثقفين.
ومع مرور الزمان تغيرت الأجيال وتبدلت الأحوال وهجر المثقفون المقاهي وتركوها لأنصاف المثقفين والفتيات سيئات السمعة.
فالمدقق في رواد مقاهي وسط القاهرة حاليا لن يجد صعوبة في حصر روادها بين نوعين- مع الايمان بمبدأ أن لكل قاعدة شواذ- الاول لمدعي الثقافة والثاني لفتيات يبحثن عن شرعية ايديولوجية لممارسة أقدم مهنة في التاريخ.. فهن يعتبرن العلاقات الجنسية من الحقوق المشروعة للانسان ولا مانع من الحصول على المقابل المادي طالما ارتضى الطرفان.
بعض المقاهي حاولت وضع حد لحالة الانحدار التي باتت تلازمها فاختارت التوقف لبرهة تلتقط فيها الانفاس مع العودة بشكل جديد يليق بتاريخها العريق.. تلك المقاهي كانت مخلصة فيما هدفت اليه ولكن غاب عن أصحابها أن المقهى تحول الى رمزاً تاريخياً وأثراً ارتبط في أذهان الجميع بشكله التقليدي وبالتالي من العبث الحديث عن" طلة جديدة" للمقهى.
زبائن غير مرغوب بهم
هذه الحالة المتردية التي وصلت اليها مقاهي وسط القاهرة دفعت أغلب المثقفين للهروب باحثا عن أماكن أخرى أقل صخباً وأكثر هدوءاً وان كانت لم تصل الى نفس المستوى الذي لعبته تلك المقاهي خلال حقب طويلة من تاريخ مصر.
قد يكون أصحاب تلك المقاهي قد نجحوا في الاستمرار حتى الآن،لكن البقاء على هذا الشكل كفيل بإلغاء تاريخ طويل حفر فى ذاكرة الأمة عن مقاهي وسط القاهرة .