ملحق شباب ألاسبوعي

لأحزابنا ..الوان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


رامي الامين :أعرف أنك تكره لحيتك عندما تطول. ولا تعجبك الطريقة التي يسأل بها "السيد حسن" الآخرين: "إنت مين، شو تاريخك؟". ثم انك تكره التاريخ، وتكرهه أكثر، عندما يعيد نفسه، ليصنع الحروب من جديد. أعرف كل هذا يا قاسم، وأعرف أنك تعارض بقوة فكرة أن السلاح زينة الرجال، وأنه يجب علينا أن نموت في ساحات المعارك لنصل الى الجنة. وأعرف أيضاً أنك تحب لبنان بشماله وجنوبه وبسهله، وبأنك تؤمن بالكرامة والشعب العنيد. لكنني لم أكن أعرف انك تنتمي الى "تيار المستقبل"!
ماذا يا قاسم؟هكذا من دون مقدمات، تلبس السوار الأزرق، وتضع على صدرك شارة الحقيقة، وتجاهر بأنك من أعضاء "تيار المستقبل"؟
ليس لدي شيء ضد تيار المستقبل، لا بل أنني أجده من أكثر الأحزاب شفافية، فهو لا يمتلك مشروعاً سياسياً أو أيديولوجياً، ولو لم يستشهد زعيمه بالطريقة التي شهدناها، لما كنا قد سمعنا به في عالم السياسة. لكنني مستغرب مجرد إنتمائك الى أي من الأحزاب، الدينية منها والعلمانية. هذه الحركات ليست لك. إرحم والدك يا رجل. والدك الذي يعشق السيد حسن نصرالله، والذي يريده أن يقوم بانقلاب عسكري في البلد، ويعلن دولة إسلامية فيه، معتبراً كل الذين نزلوا الى ساحة الشهداء بعد إغتيال الرئيس رفيق الحريري، بأنهم يتظاهرون من باب التسلية و "طق الحنك". الا يحتاج هذا الوالد المتطرف الى بعض الإعتدال منك؟
غداً عندما تنزل الى الخيمة بعد أن ينصبها تيارك، ماذا ستقول له؟ "سأنام مع القواتي والإشتراكي والمستقبلي في خيمة واحدة"؟ سيصاب بذبحة قلبية حتماً. وسوف لن يسمح لك بالعودة الى البيت اذا ما قدر له ان ينجو من الذبحة.
وأمك، التي عندما تسمع الخبر ستشهق وتسألك بإستغراب:"ستكتف يديك وأنت تصلي؟". ستضحك حينها، وتذكرها بأنك لا تصلي ولا تصوم ولا من يحزنون، وستقول لها إن إنتماءك الى تيار المستقبل، لا يعني أنك صرت سنياً على الإطلاق.
أنا أعلم ما الذي يحصل معك. لقد أنهكتك فكرة أن تكون سائراً عكس تيار الحرية والسيادة والإستقلال، فقررت السير في تيار المستقبل، من دون أن تفهم سبب ذلك. مجرد "فشة خلق" على الممارسات السياسية للقطبين الشيعيين المسيطرين على الطائفة: حركة "أمل" و"حزب الله"، المجاهرين بدعمهما للنظام السوري. وانت طبعاً لم تكد تسمع بإنطلاق "اللقاء الشيعي اللبناني" في الحادي والعشرين من نيسان الماضي، حتى وصلك خبر إنحلاله وإنتهائه بعد أقل من شهرين، ولم تجد لنفسك مكاناً تذهب اليه بعد ذلك سوى التيار غير المسلّح الذي ليس لديه تاريخ في الحرب الأهلية.
أفهمك يا قاسم، فقد مللت من ذلك الإرتباط الملزم، الذي يعطي للمرء هويته السياسية بحسب المذهب الذي ينتمي اليه. فالدرزي إشتراكي، والسني مستقبلي، والمسيحي قواتي، والشيعي أملي أو حزب اللهي، وحتى الأحزاب العلمانية بات لها تصنيف طائفي. فالتيار العوني صار يقول عن نفسه أنه يمثّل الأغلبية المسيحية. والحزب الشيوعي اللبناني لديه أعداد من المنتسبين الشيعة ما يفوق ما لدى "حزب الله". حتى الموارنة الشيوعيين..شيعة!
لقد سئمت مثلي من هذا التصنيف السخيف، وأردت كسره عبر إنتمائك كشيعي، الى تيار المستقبل.
طيب، لماذا لم تختر أن تكون قواتياً يا قاسم؟ كان وقعها سيكون مدوياً على الجميع. عندها كان يمكنك أن تضع في رقبتك شعار الصليب المشطوب، وتهتف مع رفاقك في الحزب: "الله، لبنان، حكيم، وبس". حينها سيقوم والدك بقتلك، وسيكسب الجنة من دون جهد.
ثم ماذا عن التيار العوني؟ الست تحب التيارات؟ واللون البرتقالي، الا يعني لك شيء؟ يمكنك أن تكون مع الجنرال، وتبح صوتك وأنت تصرخ: "الجنرال راجع ع بعبدا"... ويمكنك أن تدعي أنك من اللذين كانوا يعارضون الوصاية السورية على البلد منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وستصرّح دائماً أنك "لا تريد شيئاً لنفسك". وستتعلم كيف تكره وليد جنبلاط لأنه يقف عائقاً في وجه وصول زعيمك الى رئاسة الجمهورية.
لكنك لا تطيق العسكر، اليس كذلك؟
أوكي يا أخي، قل لي مما يشكو الحزب التقدمي الإشتراكي؟ هو حليف المستقبل والقوات، ومن أشد المعارضين لميشال عون، وحتى أنه حليف لحزب الله، لذا لن يغضب والدك كثيراً، إذا ما عرف بأنك تزور المختارة دورياً، وبأنك تتهم النظام البعثي في سورية بقتل كمال جنبلاط ورفيق الحريري وباسل فلحيان وسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني... وأنك تريد أن تعرف الإجابة عن السؤال الذي يحيّر وليد بيك: "إلى اين؟". وأنت طبعاً تعرف الإجابة مسبقاً، وتعرف أن البلد ذاهب الى خراب، وأن الحرب القادمة قادمة، كما يقول خالد الهبر.
لن أسألك ان تكون مع حركة اليسار الديمقراطي، فأنا أعرف رأيك بالياس عطالله، كما أعلم أنك تكره التنظير، ولا تحبّذ الأحزاب اليسارية، فكيف إذا كانت ديمقراطية أيضاً؟
لقد وجدت الحل يا قاسم. اسمع، لماذا لا تنتمي الى حزب البعث العربي الإشتراكي، وتصبح من مؤيدي وئام وهاب وعاصم قانصو وناصر قنديل، وتدافع عن "سوريةا الأسد"، ولك أن تغير إسمك من قاسم الى "جامع جامع" أو "هسام هسام"، أو "خدّام خدّام". ما رأيك؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف