معركة النقاب.. إلى أين ؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كانت تلك إحدى الفتاوى التي شكلت نظرة بعض الشباب المصري إلى الحجاب الشرعي على أنه تغطية لكل بدن المرأة، بما فيه الوجه والكفين، وتستمد تلك الآراء والفتاوى أهميتها من نظرة الإجلال والوقار التي ينظر بها البعض إلى الآراء الفقهية القادمة من أرض الحرمين..
تلك الآراء قد حولت مسألة الدفاع عن النقاب عند بعض الشباب إلى دفاع عن أمر إلهي واجب وعن خلق حميد لا يمكن التفريط فيه.
وينتمي إلى تلك المدرسة الفقهية عدد من الدعاة المصريين، تتلمذ بعضهم على أيدي رجال فقه سعوديين، يقدمون أنفسهم على أنهم دعاة مستقلين، يصنفهم البعض تحت اسم السلفيين، أصبح لدعوتهم السلفية تواجدا ملحوظا بين الشباب المصري تبدو مظاهره الأولى في الملبس، وفي المواقف من قضايا معينة، من ضمنها الموقف من النقاب واعتباره الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة .
وقد لمعت أسماء بعض هؤلاء الدعاة في الفضائيات وشرائط الكاسيت ومواقع الانترنت كالشيخ محمد حسان، والشيخ محمد حسين يعقوب، والشيخ محمد إسماعيل المقدم صاحب الكتاب الشهير (عودة الحجاب) والذي أكد في الجزء الثالث منه "أدلة الحجاب" على وجوب النقاب وأنه جزء من الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة .
كل تلك الضغوطات الفقهية كانت سببا في تنامي ظاهرة النقاب بين الفتيات، وتحول الدفاع عن النقاب داخل الجامعات إلى واجب ديني، وهو ما أسفر عن صدامات مع الإدارة في الجامعات المصرية كان آخرها مظاهرات طلابية ضد قرار رئيس جامعة حلوان بمنع الطالبات المنقبات من الدخول إلى المدينة الجامعية، وهو القرار الذي أيده وزير التعليم العالي الدكتور هاني هلال .
لم ينحصر الأمر على تلك الواقعة فحسب، فهناك أزمة أخرى لاحقت الدكتورة سعاد صالح عميدة كلية الدراسات الإسلامية "سابقاً"، عندما أدلت برأيها الفقهي في أحد البرامج الدينية الشهيرة حول عدم فرضية النقاب، فتسبب ذلك في إصدار أحد أئمة المساجد المصرية فتوى بإهدار دمها لخروجها على صحيح الدين، وكانت الدكتورة سعاد قد أيدت قرار رئيس جامعة حلوان وأعلنت عدم تأييدها ارتداء النقاب، ورغم أن رأيها لم يكن جديدا وأعلنته مرارا طيلة الأعوام السابقة، إلا هذه المرة كانت الأجواء أكثر سخونة.
ورغم الضجة المثارة حول فرضية النقاب، فإن دار الإفتاء المصرية كانت قد أعلنت موقفها من قبل في مسالة النقاب في الفتوى رقم (4067) الصادرة عن أمانة الفتوى والتي قالت فيها أن " النقاب وهو غطاء الوجه ليس فرضاً ولا سنة ولا مندوباً وكذلك تغطية الكفين بالقفاز وما أشبهه لأنه لم يقم دليل صريح من القرآن ولا من السنة على وجوب ستر الوجه ...." .
إلا أن عداءات البعض تجاه دار الإفتاء ومشيخة الأزهر على اعتبارهما منبرين حكوميين، واعتبار البعض الآخر أن الفتوى القادمة من أرض الحرمين هي الأصح، إلى جانب العديد من الأبعاد الاجتماعية والأخلاقية، كل ذلك دعا البعض للتمسك بالنقاب والنظرة إليه على أنه فرض على الفتاة المسلمة.
مازالت قضية النقاب تثير الجدل، ولعل تركز الظاهرة بين الأوساط الشبابية والطلابية هو ما يرشحها أن تكون سببا في المزيد من المشاكل، لأن القضية تمثل للبعض دفاعا عن أحد الفرائض الدينية، وتمثل للبعض الآخر نوعا من التوازن مع مظاهر التغريب والانحرافات الأخلاقية بين الشباب.