كورنيش الغرام في مصر

كورنيش الغرام في مصر
ضحك ولعب وحب تيك آوي

محمد الشرقاوي : كورنيش الغرام ..لعله الوصف الامثل الذي ينطبق على كورنيش النيل الذي يحيط بالقاهرة ويربطها ببعضها البعض .هذا الكورنيش بات احدى العلامات المميزة لمصر والذي شهد حالات حب كثيرة ومثلها من حالات الخداع .
للوهلة الاولى وخصوصا ساعة الغروب يخيل اليك انك في احدى المنتزهات ،ثم لا يلبث ان ينقلب "المنتزه" رأسا على عقب حين تتصدر الشمس باطن السماء ويخرج كل قيس يبحث عن ليلى .قد يتجاذبا أطراف الحديث وقد يتطور الامر الى اختلاس لمسة أو قبلة بعيدا عن أنظار المارة ومطاردات الباعة الذين يطاردونهم في كل مكان هذا يبيع الورد وآخر الترمس وثالث الذرة المشوي ورابع وخامس ..

كل مصادر الازعاج لم تمنع الحبيبة ن القدوم والتنزه على كورنيش الغرام .هناك يمكنك ان تتجول وتنظر وتراقب وتنقل صور لأحلى قصص الحب والغرام وأغربها أيضا فقد يبدأ الأمر بنظرة ...فابتسامة...فموعد ... فلقاء ....فمأذون وتكلل اغلب حالات الحبس بالزواج أو الرباط المقدس .

لم يعد الكورنيش مقتصر على الخطيب وخطيبته أو الزوج وزوجته بل بات مرتع لطلاب الجامعات أو المدارس وقبلة لكل من يناسبه السعر"الرخيص" و الهواء النقي والطريق المفروش بالورود والمتنزهات النيلية .

كل هذه المميزات تدفع الجميع الى اللقاء هناك - وكم من الحماقات والكوارث ترتكب باسم الحب فكثيرا ما سمعنا عن حالات انتحار بسبب زواج فتاة من آخر غير حبيبها أو عدم توافر الإمكانيات المادية في الغالب أو بسبب إصرار احد الأبوين وفي النهاية نسمع رد " دة غير مناسب " .

وان كنت تبحث عن قاص يروي لك فنون وجنون غراميات الكورنيش فعليك بالبحث عن احد العاملين هناك ..فسيروي لك قصة شاب تقدم لخطبة فتاة إلا أن الإمكانيات حالت دون الزواج .لم يفترقا بل بقيا معا لمدة تزيد عن السبع سنوات وفي نهاية المطاف حال القدر بينهما لكنه استمر يبحث ويكافح حتى وافته منيته فما كان منها الا ان انتحرت.
وقد يحكي لك حكايات الشباب الذين يتعرفون على فتياتهم بوسيلة جديدة عليهم اسماها " الكمبوتر " _يقصد بالطبع الكمبيوتر حتى أن البعض يكاد يؤكد انه تعرف على محبوبته أو خطيبته عبر غرف الدردشة الى أن تكلل الأمر بالموعد والتعارف .
العنوسة بين الفتيات
الموضوع لا يتوقف عند هذا الحد لكنه يفتح قضايا وملفات شائكة يعاني منها المجتمعين المصري والعربي معا وهو تزايد حالات الطلاق والتي يقابلها مشكلة أخرى المتمثلة بزيادة معدلات العنوسة .ولعل الارقام تتحدث عن نفسها وتبرز حجم هذه المشكلة .فعقود الزواج ارتفعت خلال العام 2004 ليتراجع معها معدل الطلاق ،و بلغ عدد عقود الزواج في عامrlm;2004rlm; نحوrlm;519rlm; ألف عقد في حين بلغ في عامrlm;2003rlm; نحوrlm;491rlm; ألف عقد فقطrlm; ، كما بلغ عدد حالات الطلاق في عامrlm;2004rlm; نحوrlm;61rlm; ألف حالة مقابلrlm;60rlm; ألف حالة طلاق في عامrlm;2003وفقا لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري .

أسباب العنوسة كثيرة قد ترجع لرفض الفتاة بحجة أن هذا مناسب وهذا طويل وهذا عريض وهذا وهذا... الى أن يخرج العريس" بلا رجعة".وقد يكون الأهل احد الاسباب المعرقلة للزواج بسبب المغالاة في المهور أو غيرها من الطلبات .فالأبوين _في اغلب الحالات_ يسعون لتأمين الافضل لابنتهم من خلال الحساب الجاري في البنوك والشقة الفاخرة والحياة المنعمة فهذا رسول الهدى (ص) يقول "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادا كبيرا" وفي حديث أخر يقول "أقلهن مهراً أكثرهن بركة" حتى باتت العنوسة إحدى المشكلات الكبيرة التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية والإسلامية عامة ومجتمع الخليج بصفة خاصة.
وكما عنوسة الفتيات فهناك ايضا عنوسة "او عزوف" الشاب عن الزواج.وجهان لعملة واحدة وان اختلفت التسمية فالمعاناة لم تعد تقتصر على الفتاة العانس بل تطال الشاب ايضا .
ففي مصر وفقا للبيانات المتداولة فقد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الى ارتفاع نسبة العنوسة عام 2002 اذ وصلت إلى 9 ملايين شاب وفتاة تجاوزوا سن الخامسة والثلاثين من دون زواج وقد وصل عدد الإناث إلى ثلاثة ملايين و962 ألف والباقي من الذكور في حين بلغ عدد وثائق الطلاق التي صدرت مؤخرا 264 ألف وثيقة طلاق كما سجلت الإحصائية وجود ألف حالة زواج عرفي بين أصحاب الشركات وسكرتيراتهم .والطريف أن الإحصائية شملت أيضا نحو 5 آلاف مصري متزوج من 4 سيدات ومن هؤلاء الأزواج من يحمل درجة الدكتوراه أو درجات علمية مرتفعة وليس أصحاب المهن أو التجار وحدهم في حين زاد عدد من يجمعون بين زوجتين فقط إلى قرابة مليون مصري.
ويقابل هذه المشكلة مشكلة تقف على قدم المساواة في المجتمعات العربية على وجه العموم والمصرية على وجه الخصوص وهي الزواج المبكر. فما أن تصل الفتاة الى سن العاشرة أو الثانية عشر حتى يزج بها أبويها الى احد طارقي الأبواب طالبا الزواج لنسمع مقوله " الزواج سترة للبنت ".

الطلاق العاطفي
من ناحية أخرى كشفت دراسة أخرى تناقلتها بعض الصحف والمواقع وركزت على أحياء مصر ذات الكثافة السكانية العالية، عن زيادة متسارعة الوتيرة لما أصبح معروف" بالطلاق العاطفي" وهذا النوع من الطلاق غير مسجل حيث يتم الطلاق على وضع زوجي يقوم به الرجل بالعيش مع زوجة ثانية مع متابعة حياته بشكل طبيعي مع الزوجة الأولى، فيقع الانفصال العاطفي بين الزوجين حيث يقيم الزوج علاقات عاطفية وزوجية خارج المنزل.

وعلى الرغك من الإمكانيات والتسهيلات التي تحاول الحكومة تقديمها لمجتمع الشباب المقدم على الزواج إلا أن البعض ما زال يؤكد أنها لا تكفي وان خطوة الزواج ما زالت "بالحلم "الصعب المنال. فالصورة في صعيد مصر _على سبيل المثال_ تكاد تكون مختلفة تماما اذ يروي احد الشبان استحالة اقترانه باي من قريباته وبالتالي تحمل كل المصاؤيف وحده.فعادات وتقاليد الصعيد لاتحمل العروس سوى عناء توضيب حقيبة ثيابها والانتقال الى منزل زوجها.
نفس المشكلة
وفي المجتمع السعودي والخليجي تتضح مشكلة العنوسة للفتيات وعزوف الشبان عن الزواج في قضية اجتماعية مزدوجة مرتبطة بالمغالاة في المهور والعادات والتقاليد الاجتماعية البالية وعجرفة أولياء الأمور ومبالغة الفتيات في فتى الأحلام الذي تنتظره حتى يفوتهن قطار الزواج وأيضا مبالغة الشبان في المواصفات والمقاييس دون أن يطالعوا مواصفاتهم أولاً.

وقد ذكرت آخر دراسة أعدتها وزارة التخطيط السعودية أن نسبة الطلاق في المملكة ارتفعت بنسبة 20% عن الأعوام السابقة لها كما أن 65 % من الزيجات عن طريق الخاطبة تنتهي بالطلاق حيث سجلت المحاكم والمأذونين أكثر من 70 ألف عقد زواج و 13 ألف صك طلاق خلال العام الماضي .

وأشارت الدراسة إلى العنوسة من خلال عدد الفتيات اللواتي لم يتزوجن حيث بلغن سن الزواج 1529418 فتاة وكانت مكة المكرمة قد شكلت النسبة الكبرى بوجود 396248 فتاة ثم منطقة الرياض بوجود 327427 فتاة وفي المنطقة الشرقية 228093 فتاة ثم منطقة عسير بوجود 130812 فتاة تليها المدينة المنورة بـ 95542 فتاة ثم جازان 84845 فتاة ثم منطقة القصيم 74209 فتيات ثم الجوف 5219 فتاة وحائل 43275 فتاة ثم تبوك 36689 فتاة والمنطقة الشمالية 21543 فتاة ، لذا فتصل معدلات العنوسة في المجتمع السعودي إلى أكثر من مليون ونصف المليون فتاة عانس في السعودية .

أما نسبة الطلاق في قطر وصلت إلى 38% من حالات الزواج في حين بلغت نسبة العنوسة إلى 15% ، في حين وصلت نسبة الطلاق في الكويت إلى 35% من إجمالي حالات الزواج ووصلت نسبة العنوسة إلى 18% ، لكن في البحرين التي اشتهرت بالترفيه الخاص فقد وصلت نسبة الطلاق إلى 34% من إجمالي حالات الزواج في حين بلغت العنوسة نسبة 20% ، بينما الإمارات فقد وصلت نسبة الطلاق إلى46% في حين بلغت نسبة العنوسة إلى 20%.

وبعيدا عن دول الخليج نجد الأمر يقل خطورة ففي الأردن سجلت دائرة الإحصاءات العامة أقل نسبة للعنوسة مقارنة ببقية الدول العربية وعزا مصدر رسمي أسباب ذلك إلى انتشار الوعي وتخفيض تكاليف الزواج والمهر المؤجل الذي يحافظ على ترابط الأسرة ولا يفرط أي من الطرفين في الآخر إلا في الظروف القاهرة التي لا تحتمل.

وفي تونس تفوق واضح في نسبة الإقبال على الزواج وانخفاض معدل الطلاق قياسا بالقرى التي ترتفع فيها نسبة العنوسة والطلاق لكنها لا تقاس بمنطقة الخليج العربي التي تعاني من العنوسة المتفشية وعزوف الشباب عن الزواج .