الانثى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يقول أفلاطون بأن الروح الساكنة في الجسد كانت قبل هبوطها اليه تعيش في عالم الكمال وعندما سقطت وسجنت في الجسد المتواجد على الكرة الارضية لم يختف ذلك العالم بل ان كل ما تراه هو عبارة عن ظل ما شاهدته سابقا .وبهذا تكون فكرة تقييم هذه الوردة بمقياس جمالية ما هي الا عبارة عن ظل ذاك الجمال الكامل القائم بذاك العالم الكامل.
وهناك من ينقض فكرة افلاطون معتمدا على مبدأ التجربة الانسانية التي تشكل مقاييس الجمال لدى الانسان .فعقل الانسان عند ولادته اشبه بـ"ورقة بيضاء" تمتلئ من تجاربه .
ومن هنا يأتي الاختلاف في مفهوم الجمال.
في كلا الحالتين ان كان الانسان مولود بفكر مسبق او مكتسب يبقى العامل المشترك ان الجمال هو "الانثى" . فمن هي تلك " الانثى" التي تخلق الجمال . وما دامت هي خالقة الجمال ما يعني بأنها اله الجمال أي "رب الجمال".
"الانثى " هي ذاك الكائن البشري الذي يستطيع ان يدخل الجمال الى الحياة لتكون الحياة حياة. هي من يعطي الانسان مولده، تحمله في احشائها وتغذيه من دمها وتحتضنه في داخلها لتحميه من اي اذى يمكن ان يصيبه. تأكل ليأكل منها، تشرب ليشرب منها وتتنفس ليتنفس منها. وبهذا فهي الحاضن الاساسي لسبب حياة هذا المولود . يولد الطفل ليكمل غذائه من صدر من اعطته الحياة. ومن هنا تبدأ فترة التغذية الجسدية والنفسية أيضا. عطفها يغذيه كما يغذيه حليبها .
يكبر المولود ليصبح طفلا يسلب منها جميع عوامل راحتها وهي تعطيه بلا كلل ليكبر ويصبح رجلا مطالبا "حقه " بأن يحمل لقب "رب" الاسرة ومحاولا فرض رأيه عليها ليكون بذلك هو صاحب "السلطة العليا". يحب هذا المذكر هذا المؤنث الذي اعطاه الحياة لكن بصيغة اخرى هذه المرة . فهي الحبيبة التي يريد ان يشكلها كما يراهها وليست كما هي.
عليها ان تخضع لجميع عقد العقل الذكوري والا اصبحت بنظره ليست حبيبة او ام او اخت ... بل مجرد كائن حي او ما دون لا تجوز عليه حتى الشفقة. والويل والف ويل ان كانت هذه "المؤنث" تفكر بشكل منطقي وتعلم نفسها او تعرف ما تريد وتفعل ما تراه صحيحا وليس ما يراه هو عند انقطاع الحوار بين الطرفين.
هذه " الانثى" التي خلقت في نفس المذكر معنى للحياة بعد ان خلقته. هذه الانثى التي تعلمه كيف يحب وكيف يحيا وكيف يرى جمالية الاشياء . هذه الانثى التي من خلال بركتها تمنح مباركتها لذة العيش. هذه الانثى ولدت قبل ان يولد آدم وفقا للاسطورة ولكي تكون الاسطورة اقرب الى العقل على آدم ان يولد من حواء وليس العكس.
هذه هي آلهة الجمال التي اجثو امامها راكعا طالبا مباركتها ومعرفتها . فهي الانثى التي تمثل الام والاخت والحبيبة والعشيقة. هذه هي آلهة الجمال التي تمثل الحياة او بالاحرى هي الحياة. الا يعطي هذا الاه الجمال حق العبادة بمفهوم حرية العبادة وليس التعبد .هل يخاف المذكر الاعتراف بأن آله الجمال هو "الانثى"؟! هل يخاف المذكر من الاعتراف بأن آلهة الجمال هي صاحبة الحق بأن تكون حاملة لقب "رب" الاسرة والعمل والعقل و... وبهذا هي حاملة لقب "رب" لانها هي "الرب" الفعلي وليس المزيف ؟!
معبودتي هي آلهة الجمال والتي كلما اقتربت منها اصبحت كائنا بشريا يستحق العيش لانها هي معلمتي الاولى والاخيرة لمعرفة كيف ومن هو "الانسان".
ان كان افلاطون على حق ام على خطأ يبقى الجمال من خلق آلهة الجمال والتي من خلالها ومن خلالها فقط يعرف ما هو الجمال .