ملحق شباب ألاسبوعي

غيفارا يحل ضيفاً في الرياض

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


تصوير علي فواز -خاص إيلاف

علي فواز: يقف صالح محدقاً إلى صور غيفارا التي تحتل أغلفة ثلاثة كتب... "بعد انتصار الثورة"، "مبادىء حرب الغوار"، "مذكرات الحروب الثورية". الكتب معروضة على أحد رفوف جناح دار الفارابي في معرض الرياض الدولي للكتاب. هي مفاجأة بالنسبة إليه. غيفارا في الرياض!؟ يسأل صاحب الجناح عن السعر. يشتري الكتب الثلاثة. يتنقل بين الأجنحة. إنها المرة الأولى التي يزور فيها المعرض. الدهشة واضحة على محياه، وهي من النوع الذي ينم عن غبطة. يقف أمام كتاب آخر. إنه "معجم الماركسية النقدي".

تتوالى عليه الدهشات المتأتية من الكتب المعروضة. على الرف يقرأ "حول المسألة اليهودية". الكاتب كارل ماركس!. "إحدى عشر دقيقة" لبابلو كويللو. الدقائق الإحدى عشر هي معدل الفترة التي يقول كويللو في روايته إن العملية الجنسية تستغرقها. في جناح آخر يوجد بعض كتب عبدالرحمن منيف، الكاتب السعودي "المغضوب عليه" الذي لطالما كان اسمه ممنوعاً من التداول. كتب أخرى تتناول مواضيع جنسية. يبدو ذلك واضحاً من عناوينها... "طقوس الجنس عند السومريين"، "الجنس في أديان العالم"... وغيرها الكثير.


الأسماء والكتب الممنوعة من التداول في السعودية أفرج عنها دفعة واحدة في معرض الرياض الدولي للكتاب الذي تنظمه وزارة التعليم العالي برعاية الملك عبدالله. المعرض الذي تشارك فيه حوالي 350 دور نشر من 22 دولة عربية هو الأول من نوعه على مستوى المملكة السعودية، وهو يختلف اختلافاً جذرياً عن معارض الكتب التي كانت تقام في الجامعات السعودية، من حيث مرونة الرقابة ونوعية الكتب المتاحة.

يجمع على ذلك مثقفون سعوديون مثل محمد العباس، وعبدالرحمن الدرعان، وزياد السالم، وعلي العمري، وفهد العتيق. من يزور المعرض لا بدّ أن يلاحظ التطور النوعي في الانفتاح الذي تشهده المملكة. ويُقال بين الأروقة أن هناك تشديداً وعزماً من قبل الملك على نجاح المعرض وعدم تدخل "الرقابة الدينية" المتمثلة بـ "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".

كتب مهرّبة

خاص إيلاف

منذ فترة ليست ببعيدة كان يتعذر العثور في السعودية على أسماء كتّاب مثل عبدالرحمن المنيف، ونصر حامد أبو زيد، ومحمد عابد الجابري، وزكي نجيب محمود... إلاّ في الخفاء. المفاجأة لم تقتصر على زوار المعرض فحسب، بل شملت العارضين أيضاً الذين حملوا كتبهم من الدول العربية. يكفي أن نسمع ما يقول المسؤول في جناح مركز دراسات الوحدة العربية لنتأكد من ذلك: "ارتكبنا خطأً ولم نجلب معنا جميع الكتب من لبنان.

عملنا رقابة ذاتية، لكنهم لم يفتشوا ولم يفتحوا أي صندوق. مستوى الحرية فاجأنا جميعاً. أخطأنا واحتفظنا ببعض كتب محمد عابد الجابري، لكن لو أحضرناه لما كان هناك مشكلة كما هو واضح مما هو معروض على الرفوف".

صاحب أحد دور النشر السورية يقول بدوره إنه هرّب بعض الروايات والكتب التي لم تكن مسجّلة في اللوائح. في البداية كان يبيعها في السر، ولكن بعد أن وجد الوضع آمناَ بدأ يعرضها على "الستاندات".


في دار الساقي توالت الأسئلة على رواية "بنات الرياض". يجب المسؤول عن الجناح أنها غير موجودة "لم نحضرها أساساً... الرواية ممنوعة"، وينفي ما كتب في إحدى الصحف السعودية من أن الرواية بيعت جميع نسخها (400 نسخة) إلى جهة معينة. بعض الكتب نفدت بعد يومين من الافتتاح كما يؤكد العارضين، مثل رواية "فسوق" للروائي السعودي عبده خال (دار الساقي- لبنان)، و"الإرهابي" لعبدالله ثابت (دار المدى- سوريا)، وكذلك كتب الروائي ووزير العمل السعودي غازي القصيبي التي تم فسحها، ومنشورات دار رادوغا الروسية لا سيما كتب دوستويفسكي وزخاروف وتوليستوي.

كما نفدت كميات كبيرة من كتب ميشال فوكو.وتعلق إحدى زوار المعرض أسماء الدخيل على ذلك بالقول إنه "نتيجة تعطّش السعودي إلى العديد من القراءات والكتب غير المتاحة في المكتبات العامة عندنا".

أجنحة سعودية.. للعرض فقط

شهدت أروقة المعرض إقبالاً كثيفاً غلب عليه الطابع الشبابي، وهذا أمر منطقي في دولة يطغى عليها أغلبية شبابية بالنسبة إلى التعداد السكاني . فمن الصعب أن تعثر على موقف لتركن فيه سيارتك في الخارج. السيارات امتدت إلى الشوارع الفرعية القريبة. يزداد الإقبال بعد صلاة العشاء، لكنه متواصل طيلة اليوم. لم يتغيّر التقليد السعودي هنا في يتعلق بتخصيص أيام "للعائلات" لا يُسمح فيها بدخول الشبان العازبين.

ويقول المسؤول في جناح مركز دراسات الوحدة العربية إن هذا المعرض يساوي ثلاثة معارض بالنظر إلى حجم المبيعات، ويشير إلى أنه باع في غضون ثلاثة أيام فقط 250 نسخة من أحد كتب محمد عابد الجابري. يوافقه مسؤول جناح الفارابي على رأيه في ما يتعلق بالإقبال وحجم المبيعات، وكذلك المسؤول في دار الانتشار العربي، ودار المدى، ودار كنعان.


أحد الزوار، عبدالعزيز القرني، لا يخفي فرحته من وجود هذا الحدث في الرياض، ويؤكد أن المواطنين يأتون من مختلف المناطق السعودية إلى الرياض لزيارة المعرض، ويضيف: "في السابق كنا نضطر إلى زيارة معارض الكتب في دول عربية مجاورة خصوصاً البحرين لكي نطلع على الكتب غير الموجودة عندنا، وهي كثيرة. أرى الآن وجود الآلاف من الكتب غير المتوفرة في مكتبات المملكة، وهذا يشكل فرصة بالنسبة إلينا، ويوفر علينا عناء الذهاب إلى البحرين للحصول على الكتب".

من جهته يفضّل ثامر الثقيل زيارة الأجنحة العربية على السعودية. ويقول: "لماذا أزور الأجنحة السعودية طالما أن الكتب المعروضة فيها موجودة في المكتبات في الخارج. بالطبع أريد الحصول على أنواع أخرى من الكتب". ويلفت الثقيل إلى احتلال أجنحة الجامعات السعودية مساحة واسعة من المعرض معترضاً على ذلك في الوقت نفسه، ذاهباً إلى "أنني كنت أفضل لو أتاحوا الفرصة لدور نشر عربية أخرى مكانها، إذ لا داعي إلى احتلالها كل هذه المساحة طالما أنها للعرض فقط ولا تفيد زوار المعرض بشيء".


عدا عن الإقبال الكثيف في المعرض، لفت نظر الزوار وخصوصاً من غير السعوديين، وجود عربات محملة بالكتب تأخذ طريقها من داخل المعرض إلى السيارات المركونة في الخارج. يقول مقيم لبناني إنه يستحيل أن ترى هذا الأمر في معرض بيروت مثلاً إلا نادراً "فمن ذا الذي يشتري 50 كتاباً إضافة إلى الموسوعات؟". العربات التي يمكن ملاحظتها بكثرة يحيلها صديق اللبناني إلى ارتفاع القدرة الشرائية عند السعوديين، ويعلق على حديث صاحبه بالقول بلهجة لبنانية "يا عمّّي منيح اللي في عالم بلبنان بعدها قادرة تشتري كتب!".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف