ملحق شباب ألاسبوعي

سعوديات مُغَازِلات

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

صورة خبرية تتحول الى صيد للمعاكسة
سعوديات يقلبن المعادلة... فتيات مُغَازِلات رغم الفصل


الصورة ( الرقم مموها ) التي جذبت الفتيات للمعاكسة

علي فواز من الرياض: رنين هاتفه المتواصل لم يعد يزعجه هو فحسب ، بل بات يزعج أصدقاءه أيضاً وكل من حوله ، بمن فيهم زميله اللبناني الذي يتقاسم وإياه منزلاً في أحد أحياء الرياض. يعمل حسام مصوراً صحافياً في إحدى الوكالات الأجنبية ، وهو لهذا السبب تحديداً حلّت عليه لعنة الرنات . إذ لا تكاد تمر دقيقة من دون اتصال أو "ميسد كول".

القصة بدأت في غمرة الحملة السعودية والإسلامية على ما نشر من رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول في الصحف الدنماركية . تطلّب الأمر منه التقاط صورة عن المقاطعة السعودية للبضائع الدنماركية. تذكّر أنه تلقى رسالة على هاتفه الجوال تدعو إلى المقاطعة. حوّل الرسالة إلى جوال شاب سوداني يعمل في مكتبهم لأن جوال الأخير يتمتع بشاشة كبيرة على عكس جواله ، وهذا ما يتيح رؤية الرسالة بوضوح. الآن صارت الرسالة مطبوعة على شاشة الشاب السوداني.

في أعلى الرسالة طبعاً رقم المرسل، وهو رقم لا تستطيع قراءته غير عينين متفحصتين وفضوليتين، بسبب صغر حجمه. التقطت صورة الرسالة ونشرت في اليوم التالي في الصحف السعودية ، ومنذ ذلك الحين حلّت عليه لعنة الرنّات. يقول حسام : "لا يمكن أن أتخيل وجود أحد يرن هاتفه بهذه الكثافة. تلقيت عدداً خيالياً من المكالمات والرسائل ومن بينها مكالمات من فتيات".


ماذا كانت تريد الفتيات؟ "أردن التعرّف"، يجيب حسام من دون مواربة . هنا تنتهي قصة حسام ، وتبدأ قصة أخرى. إنها قصة حقيقية تدور رحاها في السعودية ، حيث هناك فصل إلزامي بين الرجل والمرأة ، بين الشبان والفتيات . زائر السعودية أو من يسمع بها من الخارج لا يعرف ربما أن ثمة العديد من الطرق التي يتحايل من خلالها الشباب على هذا الفصل... ويلتقون "نصفهم الآخر" . في السابق كانت اللقاءات تبدأ بعد "الترقيم"، والتي تعني أن يكتب الشاب رقم هاتفه على أية ورقة ويرمي بها إلى الفتاة ، فتلتقطها وتتصل به فيما بعد إن هي أعجبت به. أما اليوم فهناك ابتكارات جديدة، وهناك نوع جديد من "المعاكسين". إحدى هذه الطرق إعلانات مزيّفة في الصحف وعلى قنوات الدردشة. يعلن الشاب من خلالها عن سلعة نسائية معيّنة ولكنها غير حقيقية . تتصل العديدات ولا بد من أن تعلق واحدة ! بالتأكيد ثمة من تتصل لأنها تشك في أن الإعلان مزيف!.

عباءات مفصّلة على مقاس الجسم

لجأ "المعاكسون" في الآونة الأخيرة في السعودية إلى استخدام صفحات الجرائد لنيل مرادهم على حد تعبير أحدهم . وتعتبر هذه الطريقة أسلوبا مبتكرا يضع من خلاله الشاب رقم هاتفه وينتطر الاتصالات. ويذكر عبدالله أن بعض الشبان "يستغلون إعلانات الصحف وخصوصاً تلك التي توفر خدمة الإعلانات مجاناً". ومن فنون "المعاكسات" أن يتظاهر الشاب أنه يتكلم على الهاتف مع أحدهم ثم يلقي على مسمع الفتاة رقم هاتفه ، ثم يعيد ويكرر إلى أن يتأكد أنها حفظته . ويعدد عبدالله أنواعاً أخرى متعددة فيقول :"يلجأ البعض إلى إلصاق رقم جواله على السيارة وقد يضيف إليه عبارة أن السيارة للبيع وأحياناً لا يضيفها. ومنهم من يطبع اسمه المستعار ورقمه على بطاقات بيزنس كارت ويرمون بها إلى الفتيات ، وآخرون يدونون أرقامهم على أوراق نقدية تتراوح ما بين المئة ريال وصولاً إلى الخمسمئة ريال في محاولة لجذب الفتيات اللاتي تغريهن مظاهر الترف والغنى".

في السعودية كما في دول أخرى تجري المعاكسات في الأسواق الشعبية وفي التجمعات التجارية وفي الطريق... وفي كل مدينة أو منطقة ثمة أماكن معينة بات من الشائع وجود المغازلين فيها. في الرياض على سبيل المثال تعد أسواق برج المملكة والفيصلية إضافة إلى شارع التحلية من الأماكن التي يقصدها الشباب من الجنسين على أمل الاتصال.

يقول إبراهيم وهو شاب سعودي يزور الكثير من البلدان العربية والأوروبية إن "هناك خصوصية تتميز بها المعاكسات السعودية ، يمكن القول إنها تمثل مفارقة. فالفتاة هي التي تسيطر على هذه اللعبة تماماً وتتحكم بمفاصلها . هنا الشاب يستعرض والفتاة تختار ، بعكس ما يجري في بلدان أخرى. اللباس التقليدي للمرأة السعودية يفرض على الشاب أن يغازل ظلاً ، إذ لا يبدو من ملامح المرأة سوى عينيها اللتين تتفنّن بتكحيلهما وتختار لهما لثمة تبرزهما بشكل مثير". أما عن بقية المستلزمات فيقول:" إن المغازل يستطيع بحكم خبرته تمييز الفتاة التي تتقبّل المغازلة، عن تلك التي ترفض هذا الأمر. فالأولى تتعطر بعطر نفاذ، كما يمكن تمييزها من خلال عباءتها غير الفضفاضة التي تلتصق بجسدها، وطريقتها في رمي الطرحة، ثم هناك أنواعاً من اللثام والبراقع التي تبرز العيون المكحلة"، ويلفت إبراهيم إلى أن هذه الصفات غالباً ما تتمتع بها الفتاة "المتقبّلة"، لكن ذلك لا يعني أن كل فتاة تتطابق صفاتها الخارجية مع تلك المذكورة آنفاً هي حكماً فتاة قابلة للغزل.

من ناحية أخرى يذكر عدنان بعض صفات الشاب المغازل، فهذه المهنة أيضاً لها شروطها وإجراءاتها الخاصة. يشير عدنان إلى حرص الشاب المغازل على رائحة جسده فيختار عطوراً تنفذ رائحتها إلى مسافة بعيدة وتبقى في الملابس وقتاً طويلاً. ويوضح أن الخطوة التالية تبدأ بانتظار الفتاة المناسبة ثم إطلاق العبارات المعتادة والمعروفة مثل "مرحبا يا قمر" أو "ليه أنت حزين يا حلو؟". ويحرص المغازل بحسب عدنان على اختيار العبارات والجمل التي تلفت الانتباه وتكون غير مسبوقة، وإذا كانت طريفة أو مضحكة يصبح الهدف أسهل. ويؤكّد على ضرورة أن يتمتع المغازل بجرأة كبيرة إضافة إلى إظهار بعض المواصفات الأساسية مثل الغنى والترف، ويضيف :"الوسامة أمر هام جداً ، فالوسيم يكفيه أن يقف في الممرات والتجمعات من دون أن يتكلم". ويذهب إلى أنه يتحتم على المغازل أن يتحمل تبعات ما قد يحصل "فليس في كل مرّة تسلم الجرّة، وقد يتعرّض للتوبيخ والشتم والإهانة، وحتى الملاحقة والضرب".

ويكمل وليد ما فات عدنان فيقول:"أهم شيء هو مظهر الشاب وبعضهم يصرف مبالغ ضخمة على هوايته بدءاً من السيارة المرفهة واختيار نوع خاص من العطور غالية الثمن، والملابس المكوية بعناية والتي تحمل علامات تجارية، خصوصاً الشماغ". أما عبدالله فيقول:"ليس كل من هب ودب يمكنه أن يكون معاكساً ناجحاً، إذ يجب أن تتوفر فيه بعض المواصفات". وقبل أي شيء يلفت إلى أنه ليست كل من تمشي في السوق أو تقوم بحركات معينة هي على استعداد للمغازلة، ويضيف:" يجب أولاً أن تكون الفتاة ركّزت نظراتها عليك، بعد ذلك تمشي وراءها مسافة وتظهر لها اهتمامك". ويقول:"بعض الفتيات يناسبهن أناقة الشاب وغروره، وأخريات يستلطفن الحركات الخفيفة والطرافة". ويشدّد على أن اللباس له أهمية كبيرة، "إذ لا يمكن أن تلبس أي شيء وتذهب لتعاكس، يجب أن تكون ملابسك محترمة وتوحي بالرجولة... والشاطر من يستطيع إمالة الفتاة حتى لو كان يلبس ثوب النوم". ويرى عبدالله أنه ليس هناك صفة مشتركة بين "المعاكسين"، فكل واحد يتميز بأسلوبه الخاص وطريقة كلامه.

فتاة تعترف

يقول علي إنه "بات من الطبيعي في الآونة الأخيرة أن نرى بعض الفتيات في الأماكن العامة يرمقن أي شاب وسيم بنظرة تصحبها ابتسامة وهذا بحد ذاته يعتبر معاكسة". علي الذي يستنكر هذه التصرفات يشير إلى أن عدد أولئك الفتيات قليل جداً مقارنة بالشبان المعاكسين . من ناحيته يصف طارق الموقف الذي تعرّض له" كنت أقود سيارتي وإذا بي أصادف بسيارة ظُللت جميع نوافذها تسير إلى جانبي. اضطررنا إلى التوقف عندما تحوّلت الإشارة إلى حمراء، فلاحظت أن النافذة الخلفية للسيارة فُتحت، لتظهر منها فتاة جميلة تتأملني مبتسمة، قبل أن تعطيني رقم هاتفها الخلويّ. شعرت بالاندهاش وأنا ألاحظ جرأتها، وبدت لي كطفلة تحصل على ما تريده من دون أي اعتراضات من الآخرين". ويرجع طارق أسباب إقبال تلك الفتاة عليه إلى سيارته الفارهة وملامحه الوسيمة، وهو يجد أن ما حدث له يرضي غروره، إلا أنه مستاء من جرأة الفتيات التي تفاقمت في الآونة الأخيرة على حد تعبيره.

من ناحيتهن ترى بعض الفتيات أن ما يقمن به لا يعتبر "مغازلة"، بل لديهن وجهة نظر خاصة حول هذا الموضوع. فبالنسبة إلى رناد لا يعتبر الأمر "معاكسة" لأنها لا تلقي على مسامع الشاب عبارات غزل، بل تعلّق على تصرفاته وشكله لتضحك وتتسلّى مع صديقاتها، وهي من البنات المعروفات بخفة الدم وسلاطة اللسان. وتنقسم الفتيات ما بين مؤيدات ومعارضات لتصرفات الشبان، فلا تمتنع ريم عن الاستماع إلى كلمات الغزل و"المعاكسات" التي يوجهها إليها الشبان الموجودين في المجمعات التجارية بشكل خاص.

وتقول إن هذه "المعاكسات" تستثير أنوثتها وتجعلها تشعر بالثقة والإطراء وبأنها موجودة، وإن لم يظهر منها سوى عينيها اللتين تتقن تجميلهما على نحو لافت. من جهتها ترفض أحلام بشدة تلك الممارسات، وتعتبر أن الشاب "المعاكس" يبحث عن فريسة سهلة بغرض التسلية فقط.

"البلوتوث" في خدمة "الترقيم"

قبل ظهور تقنية "البلوتوث" كان إعطاء رقم الهاتف للفتاة يتطلب الكثير من الجرأة واللباقة، ويحمل في طياته مغامرة وردود فعل غير متوقعة، وقد يتحوّل الأمر إلى مشادات كلامية تنتهي بالضرب أو الفرار، أو الوقوع في قبضة "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". يقول سعد:" مع البلوتوث أصبح الترقيم أكثر سهولة ورومانسية، فإذا حصل قبول من الطرف الآخر يمكن أن تراسلني وأراسلها بالصور ومقاطع الفيديو ومقاطع الأغاني، وأفهم ذوقها وتفهم ذوقي ونصبح أصدقاء، أو تكتفي بأخذ الرقم والاتصال فيما بعد، وفي أسوأ الأحوال تقوم برفض الرسالة وينتهي الأمر من دون التورط في مشكلات أو مواقف محرجة". من ناحيتها تقول أحلام إن "البلوتوث خفّف عنها وعن الكثير من الفتيات ملاحقات الشبان الغبية، وأراحها من عناء الشتم في حال التمادي".

ولطالما تعرضت الفتيات السعوديات إلى أكثر من تغزّل، فبعض الشبان يمعن في التحدث إليها حتى ولو كانت رافضة، وينتهي الأمر إلى ما يشبه التعدّي على الحرية الشخصية وإلى مضايقات، فهو لا يزال يلحق بها حتى تكلّمه أو يسلمها رقم هاتفه الخلوي عنوة. ويذكر سامي في هذا الخصوص أن "الفتاة التي لا تستجيب للكلمات والمغريات، يتم إرغامها أحياناً على أخذ الرقم عنوة عن طريق الإمساك بيدها أو دس الورقة في حقيبتها، وقد تتعرض للسباب والضرب إذا ما حاولت أن تدافع عن نفسها".السعودية مجتمع كغيره من المجتمعات حيث أي ظاهرة ورائها أسباب اجتماعية ونفسية. يعتقد البعض أن قبول الفتاة بالـ"معاكسة" لا يعكس بالضرورة انفلاتاً ، ويرى آخرون أن هذه الظاهرة محدودة إذ أن غالبية الفتيات ما زلن محافظات، ويذهب غيرهم إلى أن المنع والفصل يدفع الشباب إلى البحث عن طريقة للتواصل وإن بدت بعض هذه الطرق أحياناً غريبة، إلا أن الفكرة الأساس هي أن "الحاجة أم الاختراع".


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف