ملحق شباب ألاسبوعي

في المشهد اللبناني

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


1

ربيع ديركي : أن يقارب الواحد منا المشهد اللبناني بعد الرابع عشر من شباط عام 2005، تاريخ اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه ، من خارج ما اصطلح على تسميته قوى الثامن من آذار وقوى الرابع عشر منه مغامرة ، لانه قد يبدو وكأنه خارج الزمان والمكان ... خارج المواقع ... بلا موقع ، أو في موقع اللاموقع.. ولكن أساس المقاربة المنشودة ليس كذلك... انها مقاربة من خارج الموقعين سالفي الذكر. مقاربة لا يتحدد موقعها الا نفيا ، موقعها الانتماء الى الوطن ... كل الوطن وليس الانتماء الى طائفة أو مذهب .

هنا ، وهنا بالتحديد تكمن مغامرة المقاربة ومقاربة المغامرة ، لأن طواحين الطوائف والمذاهب جاهزة لطحن ووأد كل من يعلن ، بالقول والممارسة، انتماءه الى الوطن وليس الى الطوائف لما يشكله من خطر جدي على زعماء الطوائف ومواقعهم ومشاريعهم السلطوية.


2

نبدأ المغامرة مع مطلب ، ما اصطلح على تسميته قهرا "قوى المعارضة" التي تطالب من جملة ما تطالب به بضرورة استقالة أو اقالة أو تنحية رئيس الجمهورية الحالي الممدة ولايته. ولكن يبدو أن ذاكرة قوى " المعارضة" ليست على ما يرام. فلبنان شهد ،بعد اتفاق الطائف، تمديدان، في التمديد الأول كان بعض معارضو التمديد الثاني الذي لا يقل خطيئة عن التمديد الأول ، من اركانه ومن المدافعين االشرسين عنه- أي عن التمديد الأول- فأين كان الدستور والمزايدة بالمدافعة عنه؟. وأين كان موقفهم من دولة الوصاية القديمة التي فرضت التمديدين قسرا؟.
انتهى التمديد الأول وانتخب رئيسا جديدا للجمهورية الذي أكمل ولايته ومن ثم مدد له لولاية ثانية مدتها ثلاث سنوات. والمفارقة ان طرفا رئيسيا في تحالف قوى الرابع عشر من آذار صوت مع التمديد الثاني الخطيئة ،حيث برر هذا الطرف السياسي الرئيسي فعلته، بعد الرابع عشر من شباط 2005، صراحة وليس مواربة، بالقول أنه كان مغلوبا على أمره عندما صوت مع التمديد الخطيئة لرئيس الجمهورية الحالي... ياله من تبرير يفتح الباب أمام استنتاج مفاده أن هذا الطرف السياسي قد يغير مواقفه السياسية الحالية اذا ما حدث تغيرا ما في موازين القوى تحت ذريعة أنه ، أيضا، كان مغلوبا على أمره عندما اتخذ ما اتخذه من مواقف سياسية. وهكذا تتغير وتبدل المواقف السياسية بحسب تغيروتبدل الحدث السياسي اليومي.


3
بعد خطابات سياسية سيادية واستقلالية نارية واتهامات سياسية متبادلة من العيار الثقيل بين قوى الساحتين المتجاورتين، وصلنا الى محطة لبنانية جدا. محطة دورة الانتخابات النيابية اللبنانية لعام 2005، فشهدنا فيها ما كنا نشاهده في عهود دولة الوصاية القديمة، ولكن هذه المرة جرت تدخلات دول الوصاية الجديدة من قبل سفرائها تحت شعار تقديم النصائح وتقديم يد العون للبنان، و بذلك تماثل تدخلهم بالمشهد اللبناني بتدخل دولة الوصاية القديمة فيه، ولكن اختلفت طريقة التدخل، فالوصاية الجديدة وصاية" حضارية" "ومتطورة" جدا تعمل على نشر أريج نموذجها "الديمقراطي" جدا في العراق الى بقية الدول العربية، الدول العربية التي تتميز "الديمقراطية" فيها بأنها "ديمقراطية" توارث الحكم "ديمقراطية" الحاكم الى الابد ؛ وتجلت" حضارية" و"تطور" طريقة تدخل دول الوصاية الجديدة في المشهد اللبناني عبر سفرائها الذين جالوا ،وما يزالون، على زعماء الحرية والسيادة والاستقلال لتقديم النصائح، واذا تعذر الامر وضاق الوقت وتضاربت المواعيد في هذه الحالة يستدعى زعماء الحرية والسيادة والاستقلال الى عواصم دول الوصاية الجديدة للتشاور وأخذ النصائح ، في حين كانت طريقة تدخل دولة الوصاية القديمة في المشهد اللبناني تتم عبر" سفيرها" في مقر" سفارتها" الامنية في لبنان، عنجر.
وما أدراك ما عنجر... عنجر يعرفها خير معرفة معظم زعماء تحالف الرابع عشر من آذار كونهم كانوا من زوارها شبه الدائمين ، كما يعرفها ، ايضا، خير معرفة زعماء الثامن من آذار الذين يحنون لعهد صولاتهم وجولاتهم بالسواطير والجنازير والسيوف... يحنون الى هيمنتهم على بعض الوزارات والمؤسسات وغيرها، وهم ان انتقدوا اليوم ممارسات دولة الوصاية القديمة فانما ينتقدونها من باب رفع العتب . .وبالمناسبة " سفير" دولة الوصاية القديمة كان "سفيرا" فوق العادة حيث كان معنيا ايضا بالامن والاستطلاع في لبنان وذو رتبة عسكرية كما كان سلفه الذي يعرفه ، أيضا، خير معرفة معظم زعماء الساحتين، ومن شدة حزن أحد زعماء الساحتين عليه والمعروف بمواقفه الحادة بضرورة التحرر من وصاية دولة الوصاية القديمة، ومطالبته بنزع سلاح حزب طلب منه بالامس القريب حمايته من التهديدات التي يتعرض لها، ومناقشته للبنانية أو عدم لبنانية مزارع شبعا بوثائق وخرائط مما اضطر أحد زعماء ساحة الثامن من آذار للرد عليه بوثائق مضادة ، وصل به الحزن على انتحار "السفير" السلف الى حد نعيه والثناء على طريقة ادارته "الديمقراطية" جدا جدا للمشهد اللبناني عندما كان معنيا به .

بعد نصيحة دول الوصاية الجديدة بضرورة اجراء الانتخابات النيابية باسرع وقت ممكن، جرت انتخابات عام 2005 النيابية على اساس القانون الانتخابي لعام 2000 الذي فصلته دولة الوصاية القديمة التي كانت تتصرف وكأنها باقية الى الأبد في لبنان وتدير شؤون المشهد اللبناني بعقلية أمنية استخباراتية لا تؤسس لعلاقات صحيحة بين البلدين ، فصلته وفقا لمقاس شركائها في طريقة ادارتها للمشهد اللبناني زعماء الطوائف والاقطاع السياسي . وكانت ذريعة المطالبين بضرورة الاسراع باجراء الانتخابات النيانية لدورة عام 2005 أن لا مجال لتضييع الوقت بوضع قانون انتخابي جديد . ولكن انتخابات عام 2005 "تميزت" بلمسة"ديمقراطية" من قبل دول الوصاية الجديدة تمثلت بوجود لجنة ذات اختصاص عال جدا وباع طويل جدا بمراقبة الانتخابات في معظم دول العالم.وطبعا لم تخلو انتخابات عام 2005 من طرائف منها ، على سبيل المثال لا الحصر، رفض زعيم من زعماء تحالف الرابع عشر من آذار ترشح أحد خطباء التحالف المذكور فما كان من الخطيب المعروف بيساريته الا الحرد من رفض ترشحه واعلن عن حرده بتنظيم مهرجان انتخابي في منطقته أعلن فيه ترشحه وبرنامجه الانتخابي ومن ثم سحب ترشحه عن المكان المرشح عنه استجابة لتعليمات التحالف الموجود فيه الذي رشحه عن آخر محافظة جرت فيها الانتخابات النيابية ونال ما كان يسعى اليه نمرة زرقاء - نمر سيارات النواب في لبنان زرقاء - وكرسي في المجلس النيابي.

أما العجب العجاب الذي شهدناه في دورة انتخابات عام 2005 فتمثل بالتحالفات الانتخابية التي اختلط فيها "الحابل بالنابل" حيث انعقدت تحالفات بين بعض قوى ساحة "شكرا سوريا" وبعض قوى ساحة "هاي ويلللا سوريا طلعي برا" وتحالف ايضا جنرال شعار حرية سيادة استقلال ضد وجود دولة الوصاية القديمة في لبنان مع أحد أبرز رموزها في لبنان. كيف انعقدت التحالفات الانتخابية في دورة انتخابات العام 2005 وكيف فرط عقدها لا يعرف أمرها الا الراسخون في علم قانون انتخابات عام 2000 ، والراسخون في علم تغيير المواقف السياسية بما يتلاءم مع مصالحهم السلطوية الطائفية الضيقة .
انتهت الانتخابات النيابية لدورة عام 2005 بنتيجة معروفة سلفا، حيث تمثل في المجلس النيابي الحالي معظم الكتل النيابية الطائفية السلطوية التي كانت موجودة في عهود دولة الوصاية القديمة ، أما الكتل النيابية الجديدة فمنها من يمثل خطا سياسيا معروف دور زعيمها ونوابها في الحرب الاهلية في لبنان ، زعيمها ليس نائبا، ولكن زوجته نائبة ، كونه خرج من السجن بعد الانتخابات النيابية بموجب قانون عفو خاص اصدره المجلس النيابي الحالي وبعد خروجه من السجن أدلى بخطاب / محاضرة ، في مطار رفيق الحريري الدولي، في المواطنية والانتماء الى الوطن دون ان يحدد مفهومه عن الوطن ودون أن ينقد دوره في الحرب الاهلية في لبنان ورهاناته السياسية على الاحتلال الاسرائيلي العنصري التوسعي ؛ والكتلة الاخرى يتزعمها الجنرال الذي عاد من منفاه الباريسي الى الوطن بعد أن سقطت عنه بقدرة قادر وبسرعة الضوء الاحكام القضائية التي كانت صادرة بحقه بقدرة واحد أحد .

.وللاستطراد، أيضا ، هناك نائبة في المجلس النيابي الحالي ترشحت عن بيروت على لائحة بيروتية جدا اتى زوجها رئيسا للجمهورية على ظهر دبابات الاحتلال الاسرائيلي الذي قصف وحاصر ودمر وإحتل بيروت، بيروت التي سطرت بدماء المقاومين أسطورة في الصمود ومقاومة الاحتلال الاسرائيلي حتى طرده منها مذلولا، والنائبة مازالت عند مواقفها السياسية المعروفة جدا جدا. وللاستطراد ، ايضا وأيضا ، فخامة مهندس اتفاق السابع عشر من أيار دور الزوايا وهندس تحالفات خارج تحالف الرابع عشر من آذار الموجود فيه من أجل أن ينال ابنه لقب سعادة النائب ومعالي الوزير ، فخامته ما زال عند موقفه المفاخر بانجازه التاريخي لاتفاق السابع عشر من أيار، وهناك نائبة ارملة لاول رئيس للجمهورية شهيد بعد اتفاق الطائف كانت نائبة في عهود دولة الوصاية القديمة وما زالت نائبة ، انها نائبة مخضرمة خضرمتها كخضرمة معظم نواب المجلس النيابي الحالي. نكتفي بهذا القدر من النماذج النيابية لأن الاكثار في ذكر الامثلة يصيب الرأس بالدوار حتى الغثيان...

بعد الانتخابات النيابية فرط عقد تحالفاتها اللحظوية وبدأ العمل والتحضير لتشكيل الحكومة، حيث عمل كل طرف على أخذ أكبر حصة من الوزراء وفرز الوزارات طائفيا. تحت نيران الاتهامات السياسية المتبادلة بين قوى الساحتين وادعاء طرف سياسي باستبعاده عن التشكيلة الحكومية و الرد عليه بادعاء آخر بأنه هو من يستبعد نفسه بمطالبته بأخذ حصة أكبر من حجمه الخ... من الاخذ والرد الذي تصعب ملاحقته . شكلت الحكومة واعلن بيانها الوزاري الذي على اساسه نالت ثقة مجلس النواب، مارست ما مارسته فحرد وزراء طائفة معينة ، وبحسب فرادة الصيغة اللبنانية حرد نواب أو وزراء طائفة ما يعكس حرد زعيمها،أو زعيميها، مما يستوجب حرد الطائفة بكاملها ، وان صادف ان احد رعايا الطائفة الحردانة لم يحرد لحرد طائفته عندها اعتبر مرتدا ... عميلا... خائنا... حل قطع الاكسجين عنه وسفك دمه. بعد طول حرد عاد وزراء الطائفة الحردانة عن حردهم.

4

وتكرر مشهد التحالفات النيابية الغريبة العجيبة ولكن هذه المرة اخرج بصيغة جديدة صيغة التفاهم بين من قاوم الاحتلال الاسرائيلي واخرجه من الجنوب وبين الجنرال المفاخر بأنه كان وراء القرار الدولي رقم 1559، تفاهم من حرر الجنوب مع جنرال قال بكلمته امام مجلس النواب بضرورة حل مشكلة العملاء اللاجئين الى "اسرائيل".
في خضم الاتهامات السياسية المتتبادلة بين الاطراف السياسية المتصارعة علت اصوات مطالبة بضرورة عقد مؤتمر حوار وطني لبناني .

بدأ المتحاورون حوارهم على طاولة الحوار الوطني حول قضايا خلافية ، مع الاخذ بعين الاعتبار والتقدير أهمية القضايا المطروحة على طاولة الحوار، تعكس التناقض في وجهات نظر المتحاورين، وطاولة الحوار طاولة مستديرة تعكس صيغة اللاغالب واللامغلوب ، حيث هناك تعادل بين المتحاورين.

الطرف الأول فيه جنرال حالم برئاسة الجمهورية طامح اليها مستفيدا بحلمه/ طموحه من التناقضات التي حالت وتحول لحد الآن دون الاطاحة برئيس الجمهورية الحالي ومن التدخلات الاقليمية والدولية الممانعة، كما يبدو ، لحد الآن لسقوط رئيس الجمهورية مع عدم نسيان دور مرجعية روحية في موضوع رئاسة الجمهورية وحمايتها لهذا الموقع كونه بحسب الفرادة اللبنانية وكالة حصرية لطائفة معينة دون سواها، وأيضا ، كثرة الطامحين اليها من تحالف قوى الرابع عشر من آذار. الجنرال الحالم/الطامح لرئاسة الجمهورية ، والذي يتلقى مباركة شبه يومية لتولي منصب رئاسة الجمهورية من رئيس الجمهورية الممددة ولايته المصر على اكمال ولايته الممددة حتى آخر يوم منها وأنه لن يرحل ما لم يرحل الجميع، معادلة الجنرال الحالم/الطامح لرئاسة الجمهورية بسيطة : اما أن اكون رئيسا للجمهورية واما أن يبقى حال رئاسة الجمهورية على ما هو عليه ؛ وفي الطرف الأول أيضا حزب طيف مقاومة الاحتلال الاسرائيلي للبنان ، مع كامل الاجلال والاحترام لاي فعل مقاوم للاحتلال الاسرائيلي ولكل شهيد استشهد ضد الاحتلال الاسرائيلي ولكل الاسرى المفرج عنهم من سجون العدو الاسرائيلي وللاسرى الذين مازالوا في سجونه يقاومونه بصمودهم. ولكن الاجلال والاحترام لا يعنيان البتة عدم نقد تطييف المقاومة.

أما الطرف الآخر فيتألف من قوى جمعها تقاطع مصالحها الطائفية السلطوية في ظرف سياسي مؤات لهكذا تجمع تحاور انطلاقا من مبدأ انها حررت لبنان من وجود دولة الوصاية القديمة ، والنتيجة تعادل الطرفين المتحاورين في فعل" التحرير" . حوار يجري بين طرفين أولهما مازال مرتبطا بدولة الوصاية القديمة وفيه جنرال اعتبر أن مشكلته حلت مع دولة الوصاية القديمة بعد خروجها من لبنان، والطرف الثاني يحاور انطلاقا من ارتباطاته بدول الوصاية الجديدة . انه مشهد حوار وطني لبناني نشاهد فيه حوارا بين دولة الوصاية القديمة ودول الوصاية الجديدة بمتحاورين لبنانيين، والغائب الاكبر عن مشهد الحوار الوطني اللبناني، الذي لم تنته جلساته الحوارية بعد ، هو لبنان الوطن وليس لبنان الطوائف والغائب الاكبر ، ايضا، الوضع الاقتصادي - الاجتماعي الذي يأن تحت وطأته شعب بكامله ، انه حوار وطني لبناني يتحاور فيه زعماء الطوائف وزعماء الحرب الاهلية في لبنان من مواقعهم الطائفية - السلطوية ، يتحاورون فيه من موقع ارتباطاتهم الاقليمية والدولية لاعادة اقتسام الوطن فيما بينهم. فأي حوار هذا وأي وطن سوف يبنيه زعماء الطوائف وزعماء الحرب الاهلية في لبنان... زعماء دولة المزارع... وما هو أساس هذا الحوار... أساسه أيها المغامر اعادة انتاج فرادة الصيغة اللبنانية الكفيلة باعادة انتاج شروط تأبيد النظام السياسي ـ الطائفي في لبنان .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف